أفادت تقارير بأن مجموعة من الهندوس ألقت القبض على رجل مسلم مشتبه به في سرقة دراجة بخارية، ثم ربطته في عمود إنارة واعتدت عليه بالضرب 12 ساعة، في أثناء إجباره على ترديد هتافات تمدح الآلهة الهندوسية، وفقاً لما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.
وتم تداول مقاطع فيديو على نطاق واسع، تعرض الواقعة التي حدثت في إحدى الولايات شرق الهند الأسبوع الماضي، والتي استمرت وقتاً طويلاً، إذ التُقِطت بعض أجزاء مقاطع الفيديو نهاراً، والتُقِطت أجزاء أخرى في الليل.
وذكرت التقارير أن الشرطة تدخلت في نهاية المطاف، واحتجزت الضحية الذي يُدعى تابريز أنصاري، وكان يبلغ من العمر 24 عاماً. وبعد مرور أربعة أيام على الواقعة، وتحديداً يوم السبت 22 يونيو/حزيران 2019، نقل رجال الشرطة في مقاطعة سيرايكيلا-كارسافان الهندية التابعة لولاية تشاركند، أنصاري أخيراً إلى أحد المستشفيات، حيث أُعلنت وفاته بعد وقت قصير من وصوله.
توترات عنيفة بين المسلمين والهندوس في الهند
هذا الاعتداء إشارة أخرى إلى التوترات العنيفة في الهند بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة الكبيرة.
ولم يكن سبب انتشار مقاطع الفيديو بشكل سريع للغاية، هو الضرب المبرح الذي تعرض له أنصاري -وهو أمر شائع نسبياً في عديد من المناطق بالهند- ولكن بسبب محاولات المعتدين المتكررة إجباره على ترديد شعارات غالباً ما يستخدمها حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، مثل "يحيا الإله رام" و "يحيا الإله هانومان"، في إشارة إلى الآلهة الهندوسية.
ويظهر أنصاري في المقاطع وهو يبكي ويتوسل طالباً الرحمة في أثناء تعرُّضه للضرب بالعصي، وإجباره على ترديد الشعارات.
وقال كارتيك إس، مراقب الشرطة بالمقاطعة والذي يستخدم اسماً مختصراً، في مقابلة صحفية، إن أنصاري كان يبدو بحالة جيدة بعد تلقّيه الإسعافات الأولية، لكنه لم يتمكن من معرفة ما حدث خلال الأيام الأربعة التالية قبل وفاة الرجل، مضيفاً أن تشريح الجثة ما زال معلَّقاً.
وأعلنت شرطة المقاطعة إلقاء القبض على 11 شخصاً بسبب الاعتداء، وأُثيرت تقارير إخبارية عن إيقاف ضابطين.
ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مسلمو الهند لمضايقات
ويتعرض مسلمو الهند لمضايقات من خلال ترديد اسم الإله رام بشكل متزايد منذ انعقاد البرلمان الجديد الأسبوع الماضي، حينما ردَّد أتباع حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي هتافات مؤيدة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، قائلين: "يحيا الإله رام"، في أثناء أداء النواب المسلمين اليمين الدستورية. ورداً على هذه الهتافات، هتف السياسي الهندي أسد الدين عويسي، قائلاً: "الله أكبر" باللغة العربية.
وفي ولاية غرب البنغال، انتقدت رئيسة الحكومة العلمانية، ماماتا بانيرجي، استخدام مثل هذه الهتافات؛ وهو ما دفع الحزب الحاكم إلى التهديد بإغراقها ببطاقات بريدية مرسلة من مؤيديه، تحمل عبارة "يحيا الإله رام".
وفي تقريرها السنوي لعام 2019، وجدت لجنة الولايات المتحدة حول حرية الديانات بالعالم أن التوترات الطائفية قد ازدادت في عهد مودي، الذي حقق انتصاراً ساحقاً عندما أُعيد انتخابه رئيساً لوزراء الهند في مايو/أيار 2019.
الهند في قائمة أسوأ البلدان من حيث الحرية الدينية
وأدرجت اللجنة -وهي وكالة حكومية مكلفة من الكونغرس- الهند في قائمة أسوأ البلاد من حيث الحرية الدينية، إلى جانب كل من أفغانستان وأذربيجان وكوبا، ومتقدمة قليلاً عن بلدان مثل جمهورية إفريقيا الوسطى وروسيا وسوريا.
وذكر التقرير أنه "في عام 2018، استمرت ظروف الحرية الدينية بالهند في الانحدار. ونشرت مجموعات قومية مختلفة بالهند أيديولوجية الهندوتفا أو الهندوسية".
واعتبرت حكومة مودي أن إصدار هذا التقرير إهانة لها، وهي التي استقبلت الثلاثاء 25 يونيو/حزيران 2019، وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في زيارة تستغرق يومين. ومن المتوقع أن يلتقي مودي، الرئيسَ الأمريكي دونالد ترامب على هامش اجتماع قمة مجموعة العشرين، في اليابان، هذا الأسبوع.
وقال رافيش كومار، المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، إن "هذه اللجنة الأمريكية -المستقلة عن وزارة الخارجية في الولايات المتحدة- لا تتمتع بأي سلطة قانونية للتحدث عن وضع حقوق مواطنينا، التي يحميها الدستور".
ولا يُتوقع أن تكون قضية الحرية الدينية على جدول أعمال بومبيو في زيارته للهند. إذ من المرجح أن ينصبَّ التركيز على موضوعات مثل التجارة والهجرة وتبادل التقنيات العسكرية، في حين تحظى القضية الإيرانية بأهمية كبيرة على جدول أعمال الزيارة، حسبما صرح مسؤولون حكوميون هنود.