مليون روهينغي ينجون من القتل في بلادهم، ويعانون شظف العيش في بنغلاديش

قالت صحيفة The Telegraph البريطانية ن 671 الف روهينغي فروا خلال عامين ماضيين هربا من الاضطهاد

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/25 الساعة 16:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/25 الساعة 16:41 بتوقيت غرينتش
لاجئون من الروهينغا في طريقهم لبنغلاديش في تنفيذ الجيش البورمي لأعمال تطهير عرقي ضدهم/رويترز

قالت صحيفة The Telegraph البريطانية إن 671 ألف روهينغي فروا خلال عامين ماضيين هرباً من الاضطهاد وبحثاً عن مكان آمن في بنغلاديش

فرار الآلاف من الروهينغا بسبب العنف في البلاد

وقالت الصحيفة البريطانية أن الـ 971 ألف روهينغي الذين فروا، انضموا إلى أكثر من 200 ألف من الروهينغا الذين نزحوا على مرِّ الأعوام العشرين الماضية، ليصل إجمالي الذين يعيشون من هؤلاء النازحين الآن في بنغلاديش إلى مليون شخصٍ تقريباً.

لكنَّ 50 ألفاً فقط من بينهم هم الذين يتمتعون بوضع اللاجئ الرسمي، بينما تعيش الغالبية العظمى منهم في فراغٍ قانوني بصفتهم مواطنين مُهجَّرين قسراً من ميانمار. 

وما زال وضعهم هشَّاً من نواح كثيرة، مما يمثل تحديات خطرة وطويلة الأجل لحكومة بنغلاديش، ومنظمات الإغاثة، والمجتمع الدولي.

وقالت الصحيفة، فقد أجرت مجموعة من الباحثين من معهد بنغلاديش لدراسات التنمية والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي ومنظمة العمل ضد الجوع، دراسةً استقصائية على حوالي 2100 شخصٍ من الروهينغا المُهجَّرين قسراً من ميانمار في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي 2018، ووجدت أنَّ الروهينغا، في أحسن الأحوال، يبقون على قيد الحياة بالكاد، ويعيشون في ظروفٍ قاسية. 

وتشير بياناتٌ إلى أنَّ جميعهم تقريباً يحصلون على مساعداتٍ غذائية. ففي وقت إجراء الدراسة، كان 62% منهم يحصلون على صناديق مواد غذائية تتكون من أرز وعدس وزيت طهي مدعم بالمغذيات الدقيقة، فيما كان 34% يتلقون قسائم طعام إلكترونية يمكن استبدالها مقابل 19 سلعة غذائية مختلفة، بينما ذكر 4% أنَّهم كانوا يتلقون الصناديق والقسائم معاً. 

لذا فالشيء الإيجابي هو أنَّ الروهينغا كانوا يحصلون على هذه المساعدات بسهولة، ولم يُبلِغ أي شخصٍ تقريباً عن أي حالات مضايقة أو دفع أموالٍ لأشخاصٍ ذوي سلطة. وبالنسبة لأولئك الروهينغا الذين وصلوا إلى بنغلاديش بعد أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017، تُشكِّل هذه المساعدات حوالي 80% من دخل الأسر.

أي أنَّ جهود المساعدة التي بذلتها الحكومة البنغلاديشية وبرنامج الأغذية العالمي والمجتمع الدولي حالت دون وقوع كارثة إنسانية محتملة.

ويعاني الروهينغا من الفقر المدقع بسبب ظروفهم 

إن الروهينغا الذين يعيشون هناك ما زالوا فقراء بأيٍ مقياس من المقاييس، سواءٌ الدخل أو الاستهلاك أو الممتلكات. إذ يبلغ متوسط دخل الفرد الشهري بالنسبة لأولئك الذين وصلوا بعد أغسطس/آب من عام 2017 حوالي 19 دولاراً، فيما يبلغ متوسط دخل الفرد الشهري بالنسبة لأولئك الذين وصلوا قبل ذلك حوالي  22 دولاراً. 

أمَّا متوسط دخل الأسر البنغلاديشية في المجتمع المضيف، فهو أعلى من دخل الروهينغا بنسبة 46% (إذ يبلغ 29 دولاراً). وصحيحٌ أنَّ السعرات الحرارية التي تتناولها الأسر الروهينغية تتجاوز الحد الأدنى المطلوب، لكنَّ الوجبات التي يتناولونها تتسم بعدم التنوع ولا تحتوي إلا على القليل من الفواكه أو الخضراوات أواللحوم أو منتجات الألبان.

ورغم تحسن الحالة التغذوية للأطفال، ما زالت معدلات سوء التغذية مرتفعةً بدرجةٍ غير مقبولة. فمن بين أطفال الروهينغا الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و59 شهراً والذين وصلوا بعد أغسطس/آب من عام 2017، يعاني 32% سوء تغذية مزمن، بينما يعاني 13% سوء تغذية حاد.

وكذلك لم يكن أطفال أسر الروهينغا الذين وصلوا قبل ذلك بأفضل حالٍ منهم، إذ يعاني 36% منهم سوء تغذية مزمن، فيما يعاني 12% سوء تغذية حاد. يعد نقص المغذيات أثناء الحمل والوجبات الغذائية غير  المتنوعة وسوء النظافة في المخيمات من العوامل المهمة في استمرار الحالة التغذوية السيئة للأطفال.

وتنعدم خيارات الروهينغا اللاجئين بسبب أوضاعهم غير القانونية 

وصحيحٌ أنَّ عائلات الروهينغا تحاول تكملة المساعدات الغذائية التي تتلقاها بمواد غذائية أخرى، ولكن نظراً إلى عدم حصولهم على وضع لاجئ قانوني، فإن أولئك الذين وصلوا بين أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول من عام 2017 ليس لديهم سوى خيارات محدودة.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ حوالي 10% من دخلهم يأتي من العمل داخل المخيمات أو خارجها، بينما تأتي النسبة المتبقية من مصادر أخرى أو إدارة أعمالهم الخاصة. ونتيجة لذلك، يضطر الكثيرون إلى شراء الطعام عن طريق الدين، أو يعتمدون على استراتيجياتٍ أخرى للبقاء على قيد الحياة مثل عدم تناول بعض الوجبات.

أمَّا الأسر الروهينغية التي تعيش في بنغلاديش منذ فترةٍ أطول، لا سيما تلك التي تتمتع بوضع لاجئ، فلديها إمكانية أفضل للحصول على أشكالٍ أخرى من الدخل.

ونتيجة لذلك، يأتي 70%من دخلهم من المساعدات الغذائية، فيما يأتي 19% من العمل داخل المخيمات أو خارجها، و2% من أعمالهم التجارية الخاصة.

وبوجهٍ عام، يواجه الروهينغا في بنغلاديش ظروفاً صعبة في ظل قلة خيارات كسب الرزق المنتجة والقابلة للاستمرار، ويبدو مستقبلهم على المدى البعيد قاتماً. صحيحٌ أنَّ تجنب حدوث كارثة إنسانية يبدو إنجازاً مثيراً للإعجاب، لكنَّ الوضع الراهن غير مستدام.

إذ أنَّ الجهود الدولية لضمان عودة الروهينغا الآمنة إلى ميانمار باءت بالفشل، فضلاً عن أنَّ التمويل المستمر من جانب بنغلاديش ومجتمع المانحين مُهدَّدٌ بالذهاب إلى الاحتياجات الأخرى وفتور همّة المانحين.

وبالقدر نفسه من الأهمية، فأطفال الروهينغا المُهجَّرين قسراً من ميانمار غير ملتحقين بالمدارس، فيما لا يستطيع البالغون الحصول على تدريبٍ مهني، مما يعرض مستقبلهم على المدى البعيد لمزيدٍ من الخطر. وفي غياب المبادرات الجديدة، قد تصبح المناطق التي يسكنها الروهينغا في بنغلاديش أماكن لليأس أو الغضب أو حتى العنف.

ويقترح البعض تخفيف القيود القانونية على الروهينغا 

وتتمثل إحدى طرق مساعدة الروهينغا في تخفيف القيود القانونية التي تمنعهم من العمل خارج المخيمات. إذ تظهر بعض الأبحاث أنه يمكن استيعاب الروهينغا في القوى العاملة المحلية دون خفض معدلات الأجور ما دامت هناك مدفوعات كبيرة من الحكومة أو المنظمات غير الحكومية للسكان المضيفين إلى جانب الاستثمارات الهادفة إلى خلق فرص عمل.

بيد أنَّ هذه الفكرة تواجه معارضة كبيرة، سواءٌ بين المجتمع البنغلاديشي في مدينة كوكس بازار أو في العاصمة البنغلاديشية دكا. وهذه المعارضة ينبغي ألَّا تكون مفاجئة، إذ أظهرت أبحاثٌ أنَّه بدون الاستثمار في السكان المحليين، ستنخفض أجور المجتمع المضيف إذا سُمِح للروهينغا بالعمل.

يواجه الروهينغا النازحين في جميع أنحاء العالم مشكلةٌ مماثلة، فالتدفقات الواسعة النطاق الفعلية أو المحتملة للمهاجرين الروهينغا لا تحظى بشعبيةٍ كبيرة بين العديد من المجتمعات في كلٍّ من البلدان المتقدمة والنامية، بما في ذلك بنغلاديش. 

إذ يعبر بعض معارضي الدعم طويل الأجل لأولئك الروهينغا الموجودين في المخيمات عن مخاوفهم من أنَّ السماح لهم بالعمل أو الحصول على وضع اللاجئ قد يُثني ميانمار عن توفير عودةٍ آمنة لهم، أو قد يؤدي حتى إلى نزوح المزيد منهم إلى البلاد.

غير أنَّ المجتمع الدولي أمامه بعض الخيارات لتشجيع حصول الروهينغا على فرص عمل أكثر. فعلى سبيل المثال، استفاد اللاجئون السوريون في الأردن من قروض البنك الدولي والامتيازات التجارية (مثل تسهيل التعامل مع سوق الاتحاد الأوروبي)، التي حفَّزت الاستثمارات في الشركات التي توظِّف كلَّاً من اللاجئين والسكان الأردنيين الأصليين.

ثمة خياراتٌ سياسية صعبة تنتظر شعب بنغلاديش وحكومته، وخيارات أصعب تنتظر الروهينغا أنفسهم. وصحيحٌ أنَّ الجهود الإنسانية فتحت نافذةً لبعض الفرص حتى الآن للنظر في حلول طويلة الأجل، لكنَّ تلك النافذة لن تظل مفتوحةً إلى الأبد.

علامات:
تحميل المزيد