كشف تقرير للأمم المتحدة، نُشر الأربعاء 19 يونيو/حزيران 2019، أنه قبل لحظات من مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وتجزئة جسده في أكتوبر/تشرين الأول 2018، كان اثنان من القتلة المشتبه بهم ينتظران في قنصلية المملكة في إسطنبول، وسط حالة من القلق بشأن المهمة الوشيكة التي بانتظارهما.
وجاء في تقرير لمقرِّرة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء، أنَّ ماهر المطرب، وهو ضابط بالمخابرات السعودية، وكان يعمل مع مستشار كبير لولي عهد السعودية تساءل قائلاً: هل "من الممكن وضع الجذع في حقيبة؟".
وردَّ صلاح الطبيقي، وهو طبيب شرعي بوزارة الداخلية متهم بتقطيع الجثة والتخلص منها قائلاً "لا. إنه ثقيل جداً". وعبَّر الطبيقي عن أمله في أن تكون مهمته "سهلة".
تقطيع جثة خاشقجي ووضعها في أكياس بلاستيكية
وواصل الطبيقي قائلاً: "سيتم بتر الأطراف، هذه ليست مشكلة، الجثة ثقيلة، هذه أول مرة أقوم بالتقطيع على الأرض، إذا أخذنا أكياساً بلاستيكية وقطَّعناها (الجثة) إلى أجزاء سينتهي الأمر، سنقوم بلفِّ كل جزء منها".
ويحاكم المطرب وعشرة آخرون حالياً في جلسات مغلقة في السعودية، لدورهم في الجريمة.
ورفض وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، تقريرَ المُحققة، ووصفه بأنه لا يحمل أي جديد.
وأضاف في تغريدة على تويتر "يتضمن تقرير المقرِّرة في مجلس حقوق الإنسان تناقضات واضحة، وادّعاءات لا أساس لها، تطعن في مصداقيته".
ويطالب التقرير بالتحقيق مع ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، ومسؤولين سعوديين آخرين، فيما يتعلق بمسؤوليتهم عن قتل خاشقجي. ويعتمد التقرير على تسجيلات وأعمال بحث جنائي قام بها محققون أتراك، ومعلومات من محاكمات للمشتبه بهم في السعودية.
وكانت آخر مرة شوهد فيها خاشقجي، الذي كان ينتقد الأمير محمد، وكان يكتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست، عند القنصلية السعودية في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، حيث كان سيتسلم وثائق قبل زواجه.
التقرير خلص إلى أن مقتل خاشقجي كان متعمَّداً ومدبَّراً
وتعتقد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه)، وبعض الدول الغربية، أن وليَّ العهد أمر بقتل خاشقجي، وهو ما ينفيه المسؤولون السعوديون.
ونشرت تقارير إعلامية محتويات بعض التسجيلات التي حصلت عليها من داخل القنصلية، لكن تقرير الأمم المتحدة يكشف عن تفاصيل جديدة تقشعر لها الأبدان.
وفي نهاية الحوار مع الطبيقي، سأل المطرب إن كان "خروف العيد" قد وصل. ولم يُشر الحوار إلى خاشقجي بالاسم، ولكن بعد ذلك بدقيقتين دخل المبنى.
بعد سيل من التهديدات من المطرب ورفاقه
وبعد دخول خاشقجي المبنى تم اصطحابه إلى مكتب القنصل العام في الطابق الثاني، حيث التقى مع المطرب، الذي كان يعرفه عندما كانا يعملان معاً في السفارة السعودية في لندن قبل سنوات.
وطلب المطرب من خاشقجي أن يبعث لابنه رسالة نصية على الموبايل.
وردَّ خاشقجي قائلاً: "ما الذي أقوله له؟ أراك قريباً؟ لا أستطيع أن أقول إني مخطوف". وجاء الرد قائلاً "اختصر.. اخلع معطفك".
وقال خاشقجي "كيف يمكن أن يحدث هذا في سفارة؟ لن أكتب أي شيء".
وقال المطرب: "اكتبها (الرسالة) يا سيد جمال، أسرِع، ساعدنا حتى نستطيع مساعدتك، لأننا سنعود بك إلى السعودية في نهاية الأمر، وإذا لم تساعدنا فأنت تعرف ما الذي سيحدث في النهاية، لننهي المسألة على خير".
ويقول التقرير إن بقية التسجيلات تحتوي على أصوات حركة وأصوات لاهثة بشكل كبير، وصوت أغطية بلاستيكية يتم لفّها، وهو ما خلصت إليه المخابرات التركية بعد مقتل خاشقجي، بأن المسؤولين السعوديين قطَّعوا جثته.
أدلة موثقة على سبق الإصرار على القتل
ضم فريق التنفيذ الدكتور المتخصص في الطب الجنائي صلاح الطبيقي الذي لا يوجد تفسير مقنع لوجوده ضمن الفريق سوى قيامه بالدور الوحيد المؤهل له وهو تقطيع الجثة والتخلص منها. بيان المدعي العام السعودي زعم أن دور الطبيقي كان طمس الأدلة إذا ما تم استعمال القوة، ولكن هذا التفسير خادع وغير واضح.
فلو أن هذا كان دوره، فهناك مرشحون مناسبون أكثر للقيام بالمهمة وهم خبراء علميون أو جنائيون أو تقنيون، وهم مَن جاءوا بالفعل إلى تركيا بعد تنفيذ الجريمة.
الأدلة الموثقة تشير إلى أن قرار قتل خاشقجي تم اتخاذه قبل أن تقلع الطائرة التي حملت فريق التنفيذ من الرياض.
وبحسب شهادة خبير مخابراتي له صلة بالعمليات الخاصة أمام المقررة الخاصة، يُعد وجود الطبيقي مع أعضاء الفريق الذين وصلوا إلى القنصلية قبل يوم من العملية كان على الأرجح لتقييم الموقع وإما تأكيد قرار القتل أو تقرير أن القتل كان ضرورياً.
ولا يبدو أن الطبيقي من ضمن أعضاء الفريق الأساسيين ولكن تم تجنيده ضمن الفريق حديثاً على أساس التسجيلات التي أظهرت مخاوفه من أن رئيسه لا يعرف بتورُّطه وأنه ربما يكون غير محميّ، وبالتالي تم تجنيده تحديداً من أجل الدور الذي نفذه بالفعل وهو التخلص من الجثة.