وجَّه رجل أعمال روسي، تجمعه علاقات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، انتقاداتٍ إلى الرئيس السوداني السابق عمر البشير، لفشله في الإنصات إلى النصائح الروسية حول كيفية قمع الثورة المؤيدة للديمقراطية في بلاده، وذلك حسبما تبيَّن الآن.
صحيفة The Daily Telegraph البريطانية قالت إن يفغيني بريغوزين -الذي يُعتقد أنه يدير مجموعة Wagner، وهي وكالة تعاقدات عسكرية متورطة في الحرب في سوريا- كتب إلى البشير ليشكو من أنه تجاهل نصيحة روسية بوصم المحتجين بـ "تأييد إسرائيل"، و "تأييد المثلية والتحول الجنسي وثنائية الميول الجنسية"، و "معاداة الإسلام" في محاولة لتشويه صورتهم.
خطط روسية لبسط نفوذها في إفريقيا
واشتكى بريغوزين من "خمول" الحكومة السودانية، ومن "موقفها شديد الحذر"، حسبما أفادت صحيفة The Guardian، مشيراً إلى خطاب حصلت عليه وحدة التحقيقات Dossier Centre، التي يمولها الأوليغارشي الروسي المنفي الناقد لبوتين، ميخائيل خودوركوفسكي.
كان الخطاب بين مجموعة من الوثائق التي حصلت عليها وحدة Dossier Centre، وتعرض خططاً لبسط نفوذ روسيا في 13 دولة حول القارة، ويتضمن ذلك تحدي القوى الاستعمارية السابقة مثل بريطانيا وفرنسا، حسبما تقول الوثيقة.
وتقدم هذه الاكتشافات الدليل الأوضح حتى الآن على نطاق الطموح الروسي المتزايد في إفريقيا، والدور الغامض لبريغوزين في استراتيجية الكرملين هناك.
أفادت صحيفة The Daily Telegraph في مارس/آذار 2019، بأن الشركات المرتبطة ببريغوزين، وهو صاحب مطعم من سانت بطرسبرغ يُشار إليه أحياناً باسم "طاهي بوتين"، طورت مصالح تجارية على مدى العامين الماضيين في العديد من البلاد الإفريقية، التي تضمنت ليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وزيمبابوي ومدغشقر.
في حديثه عن عقود السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى في ذلك الوقت، قال أحد المرتزقة السابقين التابعين لمجموعة Wagner: "إنهم يجرون تدريبات مع الشرطة، والقوات الخاصة في الشرطة، والجيش كذلك، لا يضطلعون بأعمال عسكرية بأنفسهم".
بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول بينها عربية
وفي يوليو/تموز 2018، اغتيل ثلاثة صحفيين روس في طريق خارج بانغي، عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، بينما كانوا يجرون تحقيقات حول تورط مجموعة Wagner في هذا البلد الإفريقي.
أما بريغوزين، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات بعد أن تدخل مصنع تلفيق الأخبار الكاذبة الإلكتروني الخاص به في الانتخابات الأمريكية 2016، فقد رفض التعليق على التقارير.
ولكن من المعروف أنه يتخذ مصلحة شخصية في سياسة روسيا الخارجية تجاه إفريقيا، إذ حضر اجتماعاً في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بين سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي، والجنرال خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي المزعوم.
وتوصل تحقيق لصحيفة Novaya Gazeta الروسية، نُشر في وقت سابق من العام الحالي، إلى أن طائرة خاصة مرتبطة ببريغوزين سافرت أكثر من مرة إلى إفريقيا في 2018.
وتشير تقارير إلى أن بريغوزين نفسه زار السودان في أبريل/نيسان 2018.
ودعم الأنظمة القائمة عسكرياً وأمنياً
سُلط الضوء لأول مرة على تورط الجيش الروسي في السودان في ديسمبر/كانون الأول 2017، عندما نشر صحفي مؤيد للكرملين تغريدة مصحوبة بلقطة، قال إنها لمدربين عسكريين روس يدربون القوات السودانية.
تلى ذلك سلسلة من اتفاقيات التعاون، بما فيها برنامج مساعدة وتدريب عسكري موسع واتفاقية موقعة في مارس/آذار، من أجل أن تبني روسيا محطات طاقة نووية.
أكدت وزارة الخارجية الروسية في يناير/كانون الثاني من هذا العام، على أن الشركات الروسية الخاصة كانت منخرطة في تدريب الجيش السوداني.
غير أن تركيزاً أدق سُلِّط على الدور الروسي، عندما تسبب ارتفاع أسعار الخبز وأزمة العملة التي أفرغت ماكينات المصارف في اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة حول البلاد في ديسمبر/كانون الأول.
أفاد كثير من المحتجين بأنهم شاهدوا رجالاً يتحدثون الروسية في شاحنات عسكرية في شوارع الخرطوم.
وذُكر لاحقاً أن شركة استشارية مرتبطة ببريغوزين قدمت مشورة إلى حكومة البشير، تضمَّنت وضع أعلام قوس قزح بين المتظاهرين للإشارة إلى تأييدهم المثلية والتحول الجنسي وثنائية الميول الجنسية.
ويبدو أن العلاقة بين موسكو والخرطوم لم تتأثر بإطاحة البشير في انقلاب عسكري.
فقد نشرت الحكومة الروسية في شهر مايو/أيار 2019، نصَّ اتفاقية مدتها سبع سنوات تُحدِّد مجالات التعاون العسكري، بما فيها مشاركة المعلومات، والتدريبات المشتركة والبحث البحري وأنشطة الإنقاذ، وزيارات السفن الحربية.