كشفت منظمة آفاز عن وجود شبكةٍ من حساباتٍ يمينية متطرفة على فيسبوك، تنشر أخباراً كاذبة وخطاباً يحضُّ على الكراهية وسط ملايين الأشخاص في جميع أنحاء أوروبا.
حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية، حذفت إدارة فيسبوك، التي تكافح من أجل تطهير الموقع وإنقاذ سمعته، حساباتٍ وصل عدد متابعيها إلى حوالي 6 ملايين شخص، قبل بدء التصويت في الانتخابات الأوروبية الخميس 23 مايو/أيار 2019. وقالت منظمة آفاز، إنَّها ما زالت تُحقِّق في مئات الحسابات الأخرى التي يصل عدد متابعيها إلى 26 مليون شخص.
وإجمالاً، أبلغت المنظمة عن أكثر من 500 مجموعةٍ وصفحة مشتبه بها على فيسبوك، تعمل في جميع أنحاء فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وبولندا وإسبانيا. ومعظمها إمَّا كانت تنشر أخباراً كاذبة أو تَستخدم صفحاتٍ عامة وحساباتٍ شخصية لتعزيز محتوى الأحزاب أو المواقع التي يدعمونها اصطناعياً، في انتهاكٍ لقواعد فيسبوك.
نصف مليار مشاهدة
كانت هذه الشبكات أكثر شعبيةً من الصفحات الرسمية للجماعات اليمينية المتطرفة والشعبوية المُناهضة للاتحاد الأوروبي في تلك البلدان. وقد قدَّرت منظمة آفاز عدد المشاهدات التي حققتها الصفحات التي حذفتها إدارة فيسبوك حتى الآن بحوالي نصف مليار مشاهدة.
من جهته، قال كريستوف شوت، مدير الحملات في المنظمة: "الصفحات (التي كشفت عنها آفاز) هناك مستويات عالية من التفاعلات عليها، فعدد المتابعين لديك غير مهم إذا لم تكن هناك تفاعلات، إذ بلغ عدد مشاهدات الصفحات التي حُذِفَت فقط أكثر من 500 مليون مشاهدة، وهذا أكثر من عدد الناخبين في الاتحاد الأوروبي".
العديد من الصفحات لم تحذَف
مع أنَّ بعض هذه الصفحات حُذِفَت، بما في ذلك شبكةٌ كبيرة في إسبانيا كشفت عنها منظمة آفاز كذلك، ما زال العديد من الصفحات لم يُحذَف.
وكان نشاط هذه الصفحات يتنوع بين حساباتٍ فرنسية تنشر محتوى مُناصراً لسيادة ذوي البشرة البيضاء، ومنشوراتٍ في ألمانيا تدعم إنكار الهولوكوست، وصفحاتٍ وهمية تروِّج لحزب "البديل من أجل ألمانيا".
وفي إيطاليا، تضمَّنت الأساليب إنشاء صفحاتٍ للاهتمامات العامة مثل الجمال أو كرة القدم أو الصحة أو غيرها من الاهتمامات، ثم تحويلها إلى أدواتٍ سياسية، بعد زيادة عدد المتابعين.
ويُحقِّق بعضُ الباحثين الآن في الكيفية التي تحوَّلت بها صفحةٌ أنشِئَت ظاهرياً لجمعية مُربِّين زراعيين تحوُّلاً تدريجياً إلى صفحةٍ تدعم حزب رابطة الشمال الإيطالي اليميني المتطرف، ونشرت مقطع فيديو زُعِم أنَّه يُظهر بعض المهاجرين يحطمون سيارة شرطة، بينما كان في الواقع مشهداً من أحد الأفلام، وقد فُضِحت هذه الكذبة مراراً.
وقال شوت إنَّ الصفحات لم تكن تستهدف الانتخابات المقبلة فقط، بل كانت تهدف كذلك إلى تغيير السياسة بإعطاء انطباعٍ خاطئ عن الدعم الشعبي لمحتواها.
وأضاف: "نشعر بأنَّ هذه الشبكات لها تأثيرٌ كبير، فهي تدير حملات معلومات مضللة تستمر سنواتٍ، لجعل مسألةٍ معينة تبدو أهم على سبيل المثال".
جديرٌ بالذكر أنَّ التحقيق أجراه محققون وصحفيون مستقلون، استعانت بهم منظمة آفاز بعد حملة تمويل عبر الإنترنت، شهدت تبرُّع أكثر من 47 ألف شخص بمبالغ صغيرة، مما جعل المشروع مستقلاً مالياً.
وقالت المنظمة إنَّ شركة فيسبوك تابعت التحقيق، لكنَّ فريق آفاز لم يعمل معها إطلاقاً، بل سلَّم النتائج التي توصَّل إليها للشركة، كي تتحقَّق منها وتتخذ الإجراءات اللازمة، وما زالت التحقيقات جارية.
وقال شوت: "نعتقد أنَّ إدارة فيسبوك أبلت بلاءً حسناً حتى الآن، لكن كان ينبغي لها أن تؤدي عملاً أفضل وتكتشف هذه الصفحات، ينبغي أن يفعلوا ذلك بأنفسهم، فنحن حوالي 30 شخصاً، لكنَّهم يمتلكون أكثر من 30 ألف شخصٍ في فريق السلامة والأمن".