قال مسؤولون أمريكيون كبار، الأحد 19 مايو/أيار 2019، إن البيت الأبيض سيكشف النقاب عن الجزء الأول من خطة الرئيس دونالد ترامب التي طال انتظارها لـ "السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وأشار المسؤولون إلى أن الكشف عن الخطة المعروفة باسم "صفقة القرن" سيأتي عندما يعقد ترامب مؤتمراً دولياً في البحرين، أواخر يونيو/حزيران المقبل، لتشجيع الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز.
وأضاف المسؤولون أن "ورشة العمل الاقتصادية" -التي ستقام في البحرين- ستضم مسؤولين حكوميين، وزعماء أعمال، في محاولة لتعزيز الجانب الاقتصادي من "خطة السلام"، المتوقع أيضاً أن تشمل مقترحات لحلِّ قضايا سياسية شائكة، تمثل محور الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
البدء بالخطة اقتصادياً
ووصف ترامب الخطة القادمة بأنها "صفقة القرن"، لكن مسؤولين فلسطينيين استنكروا الجهد الأمريكي الذي يعتقدون أنه سيكون منحازاً بشدة لإسرائيل.
ويبدو أن فريق ترامب للشرق الأوسط بقيادة صهره جاريد كوشنر، ومبعوثه للمنطقة جيسون جرينبلات، ينوي التركيز في بادئ الأمر على المنافع الاقتصادية المحتملة، رغم وجود شكوك عميقة بين الخبراء بشأن فرص نجاح الخطة، خاصة في ظل فشل جهود سابقة دعمتها واشنطن على مدى عقود.
ونقلت رويترز عن مسؤول كبير في إدارة ترامب قوله: "نعتقد أنها فرصة لأخذ الخطة الاقتصادية التي نعمل عليها منذ فترة طويلة الآن وتقديمها للمنطقة".
وأوضح المسؤول أنه من المتوقع أن يشارك في المؤتمر، الذي تستضيفه المنامة يومي 25 و26 يونيو/حزيران المقبل، ممثلون ومسؤولون تنفيذيون بقطاع الأعمال من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
لكن مسؤولاً أمريكياً آخر أحجم عن القول عمَّا إذا كان مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون سيشاركون في المؤتمر.
ونقلت شبكة CNN الأمريكية عن مسؤول أمريكي قوله، إن الخطة تتضمن 4 عناصر، وهي: البنية التحتية، الصناعة، والتمكين والاستثمار في الشعوب، إضافة إلى الإصلاحات الحكومية، لإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار في المنطقة.
التمويل من دول الخليج
وقالت صحيفة The New York Time إنَّه من غير المتوقع أن يحضر ترامب المؤتمر في البحرين، وتوقعت أن يرأس وزير الخزانة، ستيفن منوشين الوفد الأمريكي، وأشارت إلى أنه سيتم تمثيل الدول الأخرى المشاركة بالمؤتمر بوزراء المالية، وليس وزراء الخارجية، للتأكيد أكثر على الجانب الاقتصادي.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنَّ الفكرة التي تعمل عليها الولايات المتحدة هي تأمين الالتزامات المالية من دول الخليج الغنية، والمانحين في أوروبا وآسيا، وذلك لحثِّ الفلسطينيين وحلفائهم على تقديم تنازلات سياسية لحل النزاع.
وكان البيت الأبيض قد أشار إلى أنه يسعى للحصول على عشرات المليارات من الدولارات، لكنه لم يحدد رقماً دقيقاً. وقالت الصحيفة إن دبلوماسيين ومشرِّعين أُخبروا بأن الهدف هو تأمين 68 مليار دولار للفلسطينيين ومصر والأردن ولبنان.
وقال واصل أبو يوسف، وهو عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن "الموقف الفلسطيني واضح، وهو عدم المشاركة مطلقاً في الجزء الاقتصادي، ولا الجزء السياسي من هذا الاتفاق".
الفلسطينيون رافضون للخطة
وتُقاطع السلطة الفلسطينية جهود السلام الأمريكية منذ أواخر 2017، عندما قرَّر ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالقدس "عاصمةً لإسرائيل"، في تراجع عن سياسة تنتهجها الولايات المتحدة منذ عشرات السنين.
ويتمسَّك الفلسطينيون بالقدس عاصمةً لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ولا ضمِّها إليها في 1981.
وقال المسؤول الأمريكي الكبير -الذي نقلت عنه رويترز- إن العديد من زعماء قطاع الأعمال الفلسطينيين "أظهروا اهتماماً كبيراً" بالمؤتمر.
ومن جانبه، قال متحدث باسم وزير المالية الإسرائيلي موشي كحلون "لم نتلق بعد دعوة".
وكان مسؤولون أمريكيون قالوا في وقت سابق إنه سيتم الإعلان عن خطة "صفقة القرن" بعد انتهاء شهر رمضان، في أوائل يونيو/حزيران.
لكن الإعلان عن ورشة العمل التي سيشارك فيها مستثمرون، تُمهِّد الطريق على ما يبدو لطرح الخطة على أكثر من مرحلة، بدءاً بالخطة الاقتصادية في أواخر يونيو/حزيران، ثم المقترحات السياسية في وقت لاحق لم يتحدد حتى الآن.
وقال المسؤول الأمريكي الكبير أيضاً، إن المؤتمر سيُثبت لسكان غزة "أن هناك دولاً مانحة في العالم، مستعدة أن تأتي وتضخ استثمارات".
مخاوف فلسطينية
وتسعى إدارة ترامب للحصول على دعم الحكومات العربية. ومن المرجح أن تدعو الخطة إلى تقديم مليارات الدولارات كدعمٍ مالي للفلسطينيين، ومعظمها من دول الخليج الغنية بالنفط، وذلك حسبما قال أشخاص مطلعون على المناقشات.
وأكَّدت السعودية لحلفائها العرب أنها لن توافق على أي خطة أمريكية لا تُلبِّي المطالب الرئيسية للفلسطينيين.
وعلى الرغم من أن معدِّي الخطة يصرّون على أن حفنة فقط من المقربين هم الذين يعرفون على وجه الدقة ما تتضمنه، فقد كشف مساعدون لترامب النقاب عن أنها ستتناول قضايا سياسية رئيسية، مثل وضع القدس، وقالوا إنهم يتوقعون انتقاد كل من الإسرائيليين والفلسطينيين لبعض المقترحات.
وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، قال خلال اجتماع حضره جرينبلات بالأمم المتحدة في الآونة الأخيرة، إن الولايات المتحدة تعد على ما يبدو خطة لاستسلام فلسطيني لإسرائيل، وأصرَّ على أنه ليس هناك أي مال يمكن أن يجعل ذلك مقبولاً.
ومن بين المخاوف الأساسية للفلسطينيين مسألة ما إذا كانت الخطة ستُلبي مطلبَهم الأساسي بإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
وامتنع كوشنر عن توضيح ما إذا كانت الخطة تتضمن حلاً يقوم على أساس وجود دولتين.