تشير بقايا ما يبدو أنَّه صاروخ صيني الصنع إلى تصعيدٍ جديد تشهده سماء ليبيا، عنوانه حرب الطائرات بدون طيار.
ففي منتصف أبريل/نيسان الماضي، تلقَّى خبير الطيران أرنو ديلالاند من بعض المصادر صوراً بدا أنَّها لحطام صواريخ LJ-7 جو أرض صينية الصنع، داخل وحول طرابلس في ما لا يقل عن 4 حوادث منفصلة في أيام 17 و20 و21 أبريل/نيسان 2017، بحسب مجلة The National Interest الأمريكية.
هذا السلاح الصيني تمتلكه القوات الجوية المصرية والإماراتية والسعودية
يُعَد هذا الصاروخ هو السلاح الرئيسي لطائرة Wing Loong بدون طيار صينية الصنع. وتُعَد طائرة Wing Loong، التي تشبه تقريباً طائرة Predator بدون طيار أمريكية الصنع، شائعة لدى القوات الجوية بالشرق الأوسط، بما في ذلك القوات الجوية المصرية والإماراتية والسعودية.
ليس من قبيل الصدفة أنَّ كلاً من مصر والإمارات قد نشرتا قواتٍ للقتال في ليبيا، حيث يقاتل "الجيش الوطني الليبي" بقيادة خليفة حفتر حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس.
فقد صعَّدت قوات حفتر في أبريل/نيسان 2019 هجماتها على حكومة الوفاق. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجأةً دعمه لحفتر خلال مكالمة جرت في منتصف الشهر نفسه مع الرجل الليبي القوي. ويُقوِّض دعم ترامب لحفتر وزارة الخارجية الأمريكية، التي دعمت مع الكثير من الحكومات الغربية حكومة الوفاق الوطني.
للإمارات قاعدة جوية بعيدة عن طرابلس، لذا ربما تعمل هذه الطائرات في مدرج بديل قريب من العاصمة
وتدعم كل من الإمارات ومصر حفتر، حيث أقامت الإمارات قاعدة الخديم الجوية، وهي عبارة عن مطار قديم في منطقة المرج شرقي ليبيا، ونشرت في عام 2016 طائرات هجوم مأهولة من طراز Air Tractor وطائرات بدون طيار من طراز Wing Loong في القاعدة بهدف إمداد قوات حفتر بالغطاء الجوي.
وكتب ديلالاند: "شارك هذا الأسطول الصغير في غاراتٍ جوية ومهمات استطلاع دعماً لقوات الجيش الوطني الليبي التي تقاتل المجموعات الإسلامية في بنغازي، خصوصاً تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ومجلس شورى ثوار بنغازي، وهي مجموعة لها صلات بتنظيم القاعدة".
وأضاف: "طرابلس بعيدة عن القاعدة الجوية التي أقامتها الإمارات، لذا فإنَّ طائرات Wing Loong بدون طيار ربما تعمل من مدرج بديل قريب من جبهة طرابلس بهدف البقاء فترة أطول في الجو للقيام بإسنادٍ جوي قريب للجيش الوطني الليبي".
أمريكا ترفض بيع الطائرات بدون طيار لكثير من الدول، لذلك تستغل الصين هذا الأمر
وتنتشر طائرات Wing Loong والطائرات الصينية الأخرى سريعاً. وستكون بكين سعيدة لبيع طائرات بدون طيار مسلحة إلى أي جهةٍ تقريباً، مُلبّيةً الطلب الذي ترفض الولايات المتحدة تلبيته على الطائرات الآلية.
إذ تمنع قوانين الصادرات الشركات الأمريكية مثل شركة General Atomics، التي تُصنِّع الطائرتين الأيقونيتين بدون طير من طراز Predator وReaper، من البيع للكثير من الدول.
وأفادت مجلة الطيران Scramble بأنَّ السعوديين وحدهم طلبوا قرابة 330 طائرة من طراز Wing Loong بتكلفة أكثر من 10 مليارات دولار.
وبدأ استخدام الطائرات الصينية بدون طيار في القتال في نيجيريا عام 2015، حين نشر سلاح الجو النيجيري طائرات CH-3 بدون طيار والمُسلَّحة بصواريخ ضد متشددي جماعة بوكو حرام. وتُعَد طائرة Wing Loong طائرةً أكبر وأكثر قوة من طائرة CH-3.
السعودية تستخدم هذا النوع من الطائرات الصينية في حربها باليمن
وفي أبريل/نيسان 2018، أطلقت طائرة سعودية بدون طيار من طراز Wing Loong صاروخ LJ-7 لاغتيال صالح علي الصماد، رئيس مجلس الحوثيين في اليمن. وبعد عام في أبريل/نيسان 2019، أسقط الحوثيون بدورهم طائرة سعودية بدون طيار من طراز Wing Loong. وأفادت مجلة Scramble بأنَّ "الطائرة بدون طيار على الأرجح سقطت ضحية منظومة دفاع جوي محمولة على الكتف".
تجدر الإشارة إلى أنَّ الحوثيين لديهم طائراتهم بدون طيار صغيرة خاصة بهم. وفي يناير/كانون الثاني 2019، أطلق الحوثيون طيارة بدون طيار مُحمَّلة بالمتفجرات إلى قاعدة حكومية يمنية أثناء اجتماع لمسؤولين يمنيين. وانفجرت الطائرة، ما أسفر بحسب التقارير عن مقتل 6 جنود.
هذا الأمر يشكّل قلقاً للأمريكيين بأن يتصدر السلاح الصيني لحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط
ويشعر بعض المسؤولين الأمريكيين بالقلق من إمكانية أن تهزم الطائرات بدون طيار الصينية النماذج الأمريكية في السوق العالمية وتمنح بعض الأنظمة في الشرق الأوسط والمنافسة للولايات المتحدة إمكانية الحصول على نفس القدرات عالية التقنية التي قد تُفضِّل واشنطن أن يملكها فقط أوثق حلفاء الولايات المتحدة.
وخلُصت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" في نسخة عام 2015 من تقريرها الرسمي عن قدرات الجيش الصيني إلى أن "الصين تُعزِّز تطويرها وتوظيفها للطائرات بدون طيار".
وأضافت: "تشير بعض التقديرات إلى اعتزام الصين إنتاج ما يصل إلى 41800 منظومة برية وبحرية غير مأهولة، تبلغ قيمتها نحو 10.5 مليار دولار، بين عامي 2014 و2023".
وحذَّرت مؤسسة راند الأمريكية، وهي مركز أبحاث في ولاية كاليفورنيا لديه علاقات مقربة مع سلاح الجو الأمريكي، من أنَّ انتشار الطائرات بدون طيار الصينية "قد تكون له آثار مُقلِقة بالنسبة للولايات المتحدة".