خطة السعودية للمشاركة في تنظيم كأس العالم.. الرياض تحاول شراء صوت الفيفا لكن قطر سترفض في النهاية

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/02 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/02 الساعة 13:44 بتوقيت غرينتش
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حفل تسلم قطر لراية كأس العالم 2022/REUTERS

قالت صحيفة The Financial Times البريطانية، إن السعودية الآن تريد أن تشارك في استضافة أكبر حفل في العالم. فبعد قُرابة عقدٍ من الزمان على فوز قطر بحق استضافة كأس العالم 2022، قرَّرت المملكة متأخرةً السعي للحصول على "البرستيج" الدولي من خلال كرة القدم.

ويريد السعوديون، بمساعدة من الهيئة الدولية المسؤولة عن كرة القدم (فيفا)، فرض مشاركتهم في استضافة كأس العالم 2022، واستقبال بعض مباريات البطولة. ويعتزمون على أقل تقدير إرغام قطر على تقاسم حفلها مع البلدان الخليجية الأخرى.

والعامل المُتغيِّر لموازين اللعبة -والشيء الذي يجعل طموح السعوديين أمراً معقولاً- هو أنَّ صديقهم، رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، يرغب في توسيع كأس العالم المقبلة لتضم 48 فريقاً بدلاً من 32. وقالت دراسة الجدوى التي أعدَّها الفيفا إنَّ هذا سيتطلَّب على الأقل ملعبين إضافيين في بلدٍ آخر، بحسب الصحيفة البريطانية.

ويعمل الفيفا وقطر حالياً على مقترحٍ لتوسيع كأس العالم. وسيُطرَح المقترح على كونغرس الفيفا المقبل، الذي ينعقد في الخامس من يونيو/حزيران، في العاصمة الفرنسية باريس، أي بعد عامين على اليوم الذي بدأ فيه الحصار الذي تقوده السعودية على قطر (سيبحث الفيفا كذلك نقل مقره من مدينة زيوريخ السويسرية إلى باريس، لكنَّ هذه قصةٌ أخرى).

مكسب توسيع البطولة

ستجلب المباريات الإضافية عائدات تُقدَّر بـ400 مليون دولار. وسيتجه رؤساء الاتحادات الوطنية البالغ عددهم أكثر من 200 رئيس دوماً إلى خيار المزيد من المال والمزيد من المباريات في كأس العالم، لذا في حال أجروا تصويتاً، فلا بد أنَّه ستجري الموافقة على المقترح.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فلن تحب قطر هذا المقترح، لكنَّها لا ترغب في إزعاج الفيفا أو ترغب في أن يُنظَر إليها باعتبارها تقف في وجه مصلحة الجميع.

السؤال إذاً هو أي دولة أو دول في الخليج قد تشارك في استضافة البطولة. يريد الفيفا حسم القضية بحلول الصيف، والخياران الوحيدان المستساغان بالنسبة لقطر هما الكويت وسلطنة عُمان، وكلاهما لم تشاركا في الحصار. وبالفعل، طلب الفيفا منهما ذلك أولاً. لكنَّ عُمان قالت إنَّها ليست مستعدة، ولا يبدو أنَّ الكويت متحمسة كثيراً هي الأخرى. علاوة على ذلك، فإنَّها مضيفة غير مريحة، بالنظر إلى منعها الكحوليات، وحظرها دخول أي شخص يحمل جواز السفر الإسرائيلي.

وتنص دراسة جدوى الفيفا (التي اطَّلعت عليها وكالة Associated Press) على: "بسبب الوضع الجيوسياسي في المنطقة والحصار الأخير الذي فرضته البحرين ومصر والسعودية والإمارات على قطر، فإنَّ مشاركة تلك الدول في تنظيم بطولة مشتركة مع قطر سيتطلَّب رفع هذا الحصار".

صفقة محتملة

تفتح هذه الكلمات الباب أمام صفقة: أن يوافق السعوديون على رفع الحصار (الذي لم يضر بقطر كثيراً على أي حال)، وفي المقابل يشاركون هم (وربما جيران آخرون كذلك) في تنظيم كأس العالم. ويمكن أن يفتخر إنفانتينو آنذاك بنفسه باعتباره صانعاً للسلام في الخليج، ويحلم بالحصول على جائزة نوبل للسلام. وقد يُصوِّر كأس العالم باعتبارها خطته الماكرة لجعل السعودية دولة متحررة من خلال كرة القدم.

لكنَّ هدفه الحقيقي هو إرضاء أكبر مُموِّليه، إذ كان المال السعودي والإماراتي محورياً في العرض الذي قُدِّم العام الماضي بقيمة 25 مليار دولار -قُدِّم من مجموعة التكنولوجيا اليابانية SoftBank- لإقامة مسابقات كروية دولية جديدة، وتجديد نظام بطولة كأس العالم للأندية، وإقامة بطولة "دوري الأمم" العالمي، بحسب الصحيفة البريطانية.

تعطَّلت الخطة منذ ذلك الحين، لكنَّ إنفانتينو وصف مُحِقَّاً مبلغ الـ25 مليار دولار بأنَّه "وبفارقٍ كبير يُمثِّل أكبر استثمار تشهده كرة القدم على الإطلاق". وعلى سبيل المقارنة، بلغت عائدات الفيفا من كأس العالم الماضية (البطولة التي تُعَد بقرة المال الوحيدة التي يُعوَّل عليها) 5.4 مليار دولار. لا عجب إذاً أنَّ إنفانتينو بات يتمتَّع بعلاقة حميمة مع ولي العهد السعودي الشاب محمد بن سلمان. فجلس الرجلان بصورةٍ أخوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المباراة الافتتاحية للمونديال الروسي، وابتسم محمد بن سلمان بأسف بعد خسارة السعودية بخمسة أهداف لصفر أمام البلد المستضيف.

وتتفاوض قطر الآن بغير طيب خاطر مع الفيفا، بشأن كيفية توسيع كأس العالم بالضبط. فبعد 10 سنوات من التخطيط للبطولة، سيبدو اضطرارها لضم السعوديين أو الإماراتيين حتى لو باعتبارهم مجرد مشاركين صغيرين في استضافة البطولة هزيمةً لها.

قطر لن توافق!

لكنَّ خطة السعودية ربما تفشل. فيقول جيمس دورسي، الزميل الأول في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية بسنغافورة، إنَّ قطر قد تنجح في الإصرار على عقودها القائمة مع الفيفا من أجل إقامة بطولة تضم 32 فريقاً فقط. لكن إن شارك السعوديون بالفعل في تنظيم كأس العالم، فقد تصدم عملية التدقيق العالمي اليومي النظام الذي لا يُعَد بالضبط هو ذاك النظام الخبير في العلاقات الدولية. ويجري الفيفا حالياً اتصالات مسبقة مع مجموعات حقوق الإنسان لمناقشة توسيع البطولة.

مع ذلك، فإنَّ بعض البقع الإضافية التي قد تُلطِّخ صورة السعودية لن تُحدِث فارقاً كبيراً. إذ أوضحت قضية خاشقجي لمحمد بن سلمان أنَّ بإمكانه عمل ما يريد. ربما ينتج بعض الحرج في البداية، لكنَّ درجة رجال الأعمال في الطائرات المتجهة إلى الرياض ستصبح بعد فترة قصيرة مليئة بالغربيين المُتطلِّعين إلى إبرام الصفقات مجدداً. فقال جون فلينت، الرئيس التنفيذي لبنك HSBC، في مؤتمرٍ بالرياض الشهر الماضي: "إنَّه لشرفٌ أن أعود إلى السعودية مجدداً". وكان فلينت قد انسحب من مؤتمرٍ مماثل بعد مقتل خاشقجي، بحسب الصحيفة البريطانية.

إنَّ مداهنة السعودية لتصبح شريكة في الاستضافة سيُمثِّل أبلغ تعبيرٍ عن عالم اليوم. وستكون الرسالة هي: كن وحشياً بقدر ما تحب، لم يعد الأقوياء حتى يتظاهرون بأنَّهم يأبهون.   

علامات:
تحميل المزيد