رصد تقرير لشبكة CNN الأمريكية الهجمات الإرهابية تجاه المؤسسات والأشخاص الدينية، سواء كانت المسلمة أو المسيحية، ووجد أن الحديث عن وجود حرب بين المسلمين والمسيحيين كلام غير دقيق ولا يعبر عن حقيقة ما يحدث.
وبحسب التقرير، لم تبدُ التفجيرات التي وقعت مطلع هذا الأسبوع في أحد القيامة وأصابت ثمانية مواقع بسريلانكا، من ضمنها ثلاث كنائس، مصممةً لإلحاق خسائر في الأرواح فحسب، بل لإرسال رسالة ما.
وأظهرت التحقيقات الأولية أن سلسلة التفجيرات نُفذت عن طريق "جماعة إسلامية راديكالية"، وربما لتكون انتقاماً من إطلاق النار على جماعة من المصلين في مسجدين بمدينة كرايستشيرش النيوزيلندية في مارس/آذار، وذلك حسبما قال وزير الدولة لشؤون الدفاع في سريلانكا روان ويجيواردين، أمس، الثلاثاء 23 أبريل/نيسان 2019.
اعتراف داعش الناقص
وتشير تقارير إلى أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أعلن مسؤوليته عن مجزرة سريلانكا، لكنه لم يقدم أي دليل فوري على ضلوعه في هذه العملية.
يرى البعض أن التفجيرات التي وقعت في أهم المناسبات المسيحية أذكت نيران سردية الحرب الدينية. تقول هذه النظرية إن المسلمين والمسيحيين على خلاف متزايد ويستعد كل جانب منهما لتنفيذ هجمات ضد مقدسات الآخر.
وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن أي هجوم على دار عبادة هو أمر شنيع ويجب إدانته قطعاً. في مناطق كثيرة من العالم، يتعرض المسيحيون لهجمات على يد المسلمين، والعكس بالعكس.
لا دليل على وجود حرب دينية
ولكن من خلال إلقاء نظرة بعيدة، سنجد أن البيانات التي تُجمع حول الهجمات الإرهابية لا تؤيد سردية وجود حرب دينية مبدئية أو أن دور العبادة تواجه تهديدات متزايدة.
ففي المدة الواقعة بين عامي 1970 و 2017، شكلت الهجمات على دور العبادة 1.45% فقط من جميع الهجمات الإرهابية حول العالم، حسب الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والاستجابات للإرهاب (START) في جامعة ماريلاند، بحسب التقرير.
وعندما نضم الهجمات الإرهابية على الرموز الدينية (من رجال الدين والقادة الدينيين الآخرين) والمؤسسات الدينية، سنجد أن النسبة ارتفعت بواحد في المائة فقط، لتصل النسبة الإجمالية إلى 2.44%.
وفي الأعوام الأقرب، تحديداً بين عامي 2012 ويونيو/حزيران 2018، ارتفعت الإحصاءات في بعض الأوقات: على سبيل المثال، قتل الإرهابيون في مصر عام 2017 311 شخصاً في مسجد تابع للطرق الصوفية. كانت نتيجة ارتفاع أعداد الضحايا أن الإرهاب الذي يستهدف الجماعات الدينية ودور العبادة بلغت نسبته 19% من إجمالي ضحايا الإرهاب في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام.
ولكن منذ عام 2012، ظلت نسبة الهجمات على دور العبادة والرموز الدينية والمؤسسات الدينية متدنية نسبياً، وتراوحت بين 2% و4% من إجمالي الهجمات على مستوى العالم.
الأنماط مختلفة بين العالمي والإقليمي
وبحسب الشبكة الأمريكية، يشير الاتحاد الوطني START إلى أنه في المجمل، بلغت نسبة الهجمات الإرهابية على المواطنين العاديين والممتلكات (المنازل، والشقق، وما إلى ذلك) حوالي 24% من إجمالي الهجمات، وتأتي خلفها الاعتداءات على الجيوش (15.4%)، ثم الشرطة (13.5%)، ثم الحكومات (11.7%)، ثم الشركات (11.4%)، ثم وسائل المواصلات (3.75%).
ومع ذلك، ليست الأنماط العالمية مماثلة للأنماط الإقليمية، حسبما تقول إيرين ميلر، التي تدير قاعدة بيانات الإرهاب العالمي في الاتحاد الوطني START. وتحذر من أن بلاداً بعينها قد تشهد تزايداً في الهجمات على دور العبادة، حتى في الوقت الذي تبقى فيه نادرة حول العالم.
أشارت ميلر أيضاً إلى أن بعض الهجمات على دور العبادة ارتكبها متطرفون إسلاميون استهدفوا أبناء دينهم من المسلمين، وهو (مرة أخرى) يتعارض مع الفكرة التي تقول إن الإسلام والمسيحية في صراع متزايد.
لذا بالرغم من أن المؤمنين بديانة ما وكثيراً من الآخرين يفجعون لأسباب مفهومة من الهجمات التي تتعرض لها دور العبادة، يجب علينا أن نكون متشككين في أراء المحللين الذين يطرحون سردية "صراع الحضارات"، إذ إن البيانات لا تؤيد تلك الفكرة، أو على الأقل في الوقت الحاضر.