قالت صحيفة The Guardian البريطانية إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حثَّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سراً على قطع صلته بأحد مستشاريه المُقرَّبين فرضت عليه الولايات المتحدة عقوباتٍ لدوره المزعوم في قتل الصحفي جمال خاشقجي.
حسب صحيفة The Guardian أثار بومبيو مخاوفه بشأن سعود القحطاني في محادثات سرية مع الأمير محمد وشقيقه الأمير خالد بن سلمان.
وتعتقد السلطات الأمريكية أنَّ القحطاني، المستشار السابق لولي العهد، كان يشرف على الفريق الذي قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. ويُعتَقَد أنَّه ظلَّ محلاً لثقة ولي العهد رغم ابتعاده عن الأنظار أكثر في الأشهر الأخيرة.
تأتي النصيحة المتعلِّقة بتهميش القحطاني في وقتٍ يواجه فيه دعم بومبيو للسعودية تدقيقاً مكثفاً في الكونغرس، حيث تعرَّضت إدارة ترامب للانتقاد لعدم إدانتها السعودية بصورة قوية بما فيه الكفاية عقب مقتل خاشقجي العام الماضي 2018.
وقال متحدثٌ باسم الخارجية الأمريكية لصحيفة The Guardian البريطانية إنَّه لن يناقش تفاصيل المحادثات الدبلوماسية السرية.
وكان القحطاني قد تعرَّض للتوبيخ علناً بعد مقتل خاشقجي، حين عزل حاكم السعودية، الملك سلمان، مستشار ابنه من منصبه في الديوان الملكي.
قيصر مواقع التواصل الاجتماعي كان له دور بقتل خاشقجي
ونُظِر إلى ذلك القرار باعتباره اعترافاً بأنَّ المستشار القوي وقيصر مواقع التواصل الاجتماعي كان له دورٌ في مؤامرة قتل خاشقجي.
لا يزال على تواصل مع ولي العهد
لكن في غضون أشهر، ظهرت تقارير تفيد بأنَّ القحطاني لا يزال على تواصل مع ولي العهد الشاب ويشارك بنشاط في حملة الأخير لقمع المعارضين.
وله علاقة بتعذيب السجينات
وربطت بعض التقارير، وناشطٌ حقوقي تحدَّث إلى صحيفة The Guardian، أيضاً القحطاني بمزاعم تعذيب السجينات السياسيات.
وقِيل للصحيفة إنَّ القحطاني، الذي عمل سابقاً رئيساً لوحدة سيبرية سعودية، لا يزال مشاركاً بنشاط في دورٍ مماثل في المكتب الخاص بالأمير محمد.
ووفقاً لمصدر مطلع على المسألة، ظلَّ ولي العهد وفياً للقحطاني. فقال المصدر: "لست متأكداً أنَّ محمد بن سلمان سيلقي بالاً للولايات المتحدة بشأن هذا".
ولم يرد متحدثٌ باسم السفارة السعودية في واشنطن على طلباتٍ للتعليق على دور القحطاني في المملكة أو الادعاءات التي أطلقتها الولايات المتحدة بحقه.
وبات القحطاني الآن مُدرَجاً على قائمتي عقوباتٍ رسميتين.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قالت وزارة الخزانة الأمريكية، إنَّ القحطاني كان "جزءاً من تخطيط وتنفيذ العملية التي أدَّت إلى مقتل خاشقجي".
وقالت الوزارة إنَّ القحطاني كان أحد المسؤولين السعوديين المتورطين في "القتل البغيض" للصحفي في عمليةٍ وحشية ومُوجَّهة.
وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية القحطاني على قائمة من 16 شخصاً مُنِعوا من دخول الولايات المتحدة لدورهم في عملية القتل.
وقالت الخارجية الأمريكية إنَّ هذا التنبيه صدر لأنَّ لديها "معلومات موثوقة بأنَّ مسؤولين في حكوماتٍ أجنبية تورَّطوا في عمليات فسادٍ كبيرة أو انتهاكاتٍ جسيمة لحقوق الإنسان".
وقالت الحكومة السعودية إنَّ قتل خاشقجي كان عمليةً مارقة ونفت أن يكون لولي العهد أي دورٍ فيها.
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير: "لم يكن ولي العهد على علمٍ بهذا… كانت هذه عملية انتهى فيها المطاف بأفرادٍ تجاوزوا السلطات والمسؤوليات التي كانت لديهم. لقد ارتكبوا خطأً حين قتلوا جمال خاشقجي في القنصلية، وقد حاولوا التغطية على الأمر".
لكنَّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) خلصَت، بمستوى ثقة من متوسط إلى مرتفع، إلى أنَّ ولي العهد هو مَن أَمَر بعملية القتل.
قال بروس ريدل، مدير مشروع الاستخبارات بمركز بروكنغز والمسؤول المخضرم في وكالة الاستخبارات المركزية لثلاثين عاماً، إنَّ جهود بومبيو السرية لإجبار محمد بن سلمان على قطع صلته بالقحطاني تثبت أنَّ "قصة التغطية" التي اختلقها السعوديون "لا تحقق نجاحاً".
يحاولون تحميله مسؤولية قتل خاشقجي بدلا من بن سلمان
وأضاف: "لا أحد يأخذها بمحمل الجد، لذا فإنَّ هذه إشارة على اليأس المتزايد، والآن سيحاولون التضحية بتابع بن سلمان الأمين البارز وتحميله مسؤولية العملية، وسيكون هو (العميل المارق)".
وتابع: "لا أعتقد أنَّ ذلك سيحظى بقبول أيضاً، لأنَّ هناك كل أنواع الأدلة التي تفيد بأنَّ القحطاني يعمل عن كثب مع محمد بن سلمان يخصوص تلك العملية والعمليات الأخرى".
ولي العهد يُعَد "شخصاً غير مرغوب به"
وقال ريدل إنَّ ولي العهد يُعَد "شخصاً غير مرغوب به" في معظم مناطق العالم الديمقراطية، باستثناء البيت الأبيض. وأضاف أنَّ آمال إدارة ترامب في أن "يتلاشى" مقتل خاشقجي لم تتحقّق.
تأتي إدانة بومبيو للقحطاني في وقتٍ عصيب للسعودية في واشنطن. ففي حين حظي ولي العهد بدعمٍ مطرد من أقرب حلفائه –ترامب، وصهر الرئيس جاريد كوشنر، وبومبيو- تتعرَّض البلد للانتقادات في الكونغرس، الذي صوَّت في وقتٍ سابق من هذا الشهر أبريل/نيسان لصالح إنهاء الدعم العسكري الامريكي للحرب السعودية في اليمن.
وهناك أيضاً تكهُّنات متزايدة بشأن مكان سفيرة المملكة المقبلة لدى الولايات المتحدة، الأميرة ريما بنت بدر آل سعود، التي عيَّنها محمد بن سلمان في منصبها الجديد في فبراير/شباط الماضي. إذ لم تؤدي ريما اليمين بعد بصفتها دبلوماسية أو وزيرة أمام الملك سلمان، وغاب اسمها إلى حدٍ كبير عن الصحافة، باستثناء قرار تعيينها رئيسةً للاتحاد السعودي للأولمبياد الخاص، الذي أُعلِن في مارس/آذار الماضي.