أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الاثنين 8 أبريل/نيسان 2019 عن قراره بمنع 16 سعودياً من دخول الولايات المتحدة، بمن فيهم أحد أقرب معاوني ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك بعد موجة نقد تقول إن إدراة ترامب حاولت التغطية على عملية القتل الوحشية التي تعرض لها الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي.
وبحسب ما ذكرت صحيفة The New York Times الأمريكية، تضمنت القائمة سعود القحطاني، وهو معاون مقرب في الديوان الملكي وكان مستشاراً إعلامياً، لكنه أشرف حسبما يبدو على عملية احتجاز خاشقجي.
وكانت هذه العملية واحدة من بين أكثر من 10 عمليات نفذتها مجموعة وصفها مسؤولو المخابرات الأمريكية بـ "مجموعة التدخل السريع" السعودية، التي أسسها القحطاني لإسكات أو إقصاء معارضي الصعود السريع لبن سلمان في طريقه ليصبح القائد الفعلي للسعودية.
قائمة تشمل 16 سعودياً ممنوعون من دخول أمريكا
غير أنه من الواضح أن ثمة اسماً مفقوداً في القائمة، وهو الأمير محمد نفسه، بالرغم من أن استنتاجات وكالات الاستخبارات الأمريكية تشير إلى أنه كان المسؤول في نهاية المطاف عن إرسال فريق إلى إسطنبول لقتل خاشقجي، وأعمال أخرى موكلة إلى مجموعة التدخل السريع.
قبل أكثر من عام على مقتل خاشقجي، اعترض مسؤولو الاستخبارات الأمريكية اتصالاً من ولي العهد يقول فيه إن خاشقجي -وهو صحفي كان يكتب في صحيفة Washington Post وعاش في فيرجينيا- إذا لم يعد طواعيةً إلى المملكة ويتوقف عن نشر مقالاته النقدية، فيجب على الدولة أن تلاحقه "برصاصة".
وكان يمكن إضافة محمد بن سلمان إلى القائمة
واستناداً إلى النتائج التي توصلت إليها وكالة المخابرات المركزية، التي كان يقودها وزير الخارجية الأمريكي حتى العام الماضي، كان بإمكان بومبيو إضافة بن سلمان إلى القائمة، مع أن ذلك كان سيبدو إجراءً غير مسبوق ضد قائد دولة حليفة.
لكن بومبيو بدا أيضاً في ذلك الوقت سلبياً بشأن التحقيقات، وقال إنه كان يمنح السعوديين الوقت لإتمام تحقيقاتهم الخاصة.
ومن خلال تحديد أسماء السعوديين ومنعهم وأفراد عائلاتهم من السفر إلى الولايات المتحدة، يبدو أن إدارة ترامب تُحاول إخماد ثورة غير مسبوقة داخل الكونغرس تضمنت أعضاء من كلا الحزبين.
بيد أنه من المبهم تماماً ما إذا كانت هذه العقوبات البسيطة نسبياً تُعتبر كافية، نظراً إلى أنها اُتخذت ضد سعوديين لم يكن من المرجح أن يدخلوا الولايات المتحدة من الأساس.
من شملت القائمة أيضاً غير القحطاني؟
وتضمنت قائمة السعوديين الممنوعين من دخول الولايات المتحدة أيضاً عدداً من أفراد الفريق الذي أُرسل إلى إسطنبول، حيث قُتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في شجار يصر السعوديون أن الهدف منه كان إجباره على العودة إلى العاصمة السعودية الرياض.
واشتملت هذه القائمة على قائد ذلك الفريق، ماهر عبد العزيز المطرب، وهو ضابط استخبارات كان يعرف خاشقجي منذ الأيام التي عملا فيها معاً داخل السفارة السعودية بلندن. وكان يسافر أحياناً مع ولي العهد في رحلاته خارج البلاد.
وقال مسؤولون سعوديون لصحيفة The New York Times إن المطرب يمثل للمحاكمة مع سعودي آخر مُدرج ضمن قائمة وزارة الخارجية، وهو ثائر غالب الحربي، أحد أفراد الحرس الملكي وواحد من الشخصيات المفضلة لولي العهد بسبب دوره في مواجهة هجوم تعرض له أحد قصور الأمير محمد.
أضيف إلى القائمة أيضاً صلاح الطبيقي، الذي عرَّفته صحيفة The Washington Post مؤخراً بأنه "أخصائي طبي" في وزارة الداخلية السعودية، الذي يُقال إنه أعطى خاشقجي مهدئاً قوياً خلال مشاجرة داخل القنصلية. مات خاشقجي بعد وقت قصير، ربما نتيجة للمهدئ، أو نتيجة الربو، أو بسبب الخنق.
وقُطّع جسد خاشقجي ولم تستعد أشلاء الجثة حتى الآن.
ووردت أغلب الأدلة التي تدين الشخصيات المدرجة على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية من تركيا، التي كان لديها فيديوهات مراقبة خارج القنصلية وأجهزة تنصت داخل القنصلية نفسها، وهو ما أدى إلى امتلاكها لتسجيلات صوتية لعملية القتل.
لكن ترامب يتجاهل عمداً نتائج الـCIA
والأرجح أن بومبيو والرئيس ترامب لا يزالان يواجهان اتهامات بأنهما يتجاهلان عن عمدٍ النتائج الاستخباراتية التي توصلت إليها وكالة الاستخبارات المركزية في محاولة لوضع عملية القتل وراء ظهريهما.
فقد وصف ترامب في مناسبة سابقة التقرير الذي تحدث عن تورط ولي العهد السعودي بـ "شعور" وكالة الاستخبارات المركزية، وأصرّ على أن الدليل غير قاطع.
وليس من الواضح إذا كانت ستنجح جهودهم للمضي قدماً في العلاقات والتغاضي عن عملية القتل: إذ تحرك الكونغرس فعلياً لوقف جميع صور الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية السعودية في اليمن، وثمة تساؤلات تحيط بعمليات النقل العسكري المستمرة.
وتتفاوض إدارة ترامب منذ عامين حول صفقة لبيع تصميمات ومعدات طاقة نووية للاستخدامات المدنية إلى المملكة، وهو إجراء سوف يتطلب موافقة من الكونغرس ويثير شواغل حول احتمالية استخدام الحكومة السعودية هذه التكنولوجيا للحصول على أسلحة نووية.
كان ولي العهد صريحاً في نقطة ذات صلة، إذ قال إنه في حال حصول إيران على سلاح ما، فسوف تحصل عليه السعودية أيضاً.
تنظر الإدارة الأمريكية إلى السعودية باعتبارها شريكاً رئيسياً في مواجهة إيران.
لم يتحدث السعوديون علانية عن مكان وجود القحطاني، المنفذ الرئيسي لخطط ولي العهد وأحد مخططي جهود ترسيخ سلطته.
ويقول السعوديون فيما بينهم إنه يخضع للإقامة الجبرية. ولكن ليس هناك أي تلميحات إلى مقاضاته جنائياً، وأشارت بعض التقارير إلى أنه ظل في السلطة حتى اشتدت التحقيقات، واتضح أن شخصاً ما من المقربين لولي العهد كان عليه أن يتلقى اللوم.
وقبل القائمة بساعات.. صُنف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية
ويبدو أن إعلان وزير الخارجية الأمريكي جاء في وقت مثالي كي لا يُسلط عليه الضوء في وسائل الإعلام ولا يسبب حرجاً كبيراً لولي العهد.
نُشرت قائمة بومبيو مساء الاثنين، في يوم سيطرت خلاله الاضطرابات في وزارة الأمن الداخلي، بالإضافة إلى قرار بومبيو بإدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، على عنواين الأخبار الرئيسية.
ظهر بومبيو في غرفة الصحافة بوزارة الخارجية الأمريكية وتلقى أسئلة حول إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، ولم يذكر أي شيء عن اقتراب الإعلان عن خبر مرتبط بالسعودية.
وقال دبلوماسي أمريكي منخرط في الشؤون السعودية، ولم يكن مصرحاً له الحديث عن الموضوع، إن قرار التحرك استغرق وقتاً كبيراً.