ظل مصير أبوحمزة البريطاني، وهو الاسم الذي عُرِفَ به، مجهولاً على مدار سنوات. لكن المطاف انتهى بالمُقاتل، الذي يبلغ من العمر 26 عاماً، داخل سجنٍ شمالي سوريا إثر استسلامه أمام القوات التي يقودها الأكراد خارج آخر معاقل التنظيم في الباغوز فوقاني أوائل الشهر الجاري نقلاً عن صحيفة Washington Post الأمريكية.
وكشفت منشوراته على تويتر وإنستغرام وآسك إف إم في الأيام الأولى لـ"دولة الخلافة" عن ازدواجيةٍ لا نشهدها كثيراً في لحظات ظهور داعش على الشبكات الاجتماعية.
اشتهر أبو حمزة بحبه للمأكولات السريعة والقطط
لكنه كان يتمتَّع بنهمٍ عجيبٍ للمأكولات السريعة الغربية، والقطط الصغيرة اللطيفة، فضلاً عن رغبته في الاستقرار يوماً ما من أجل الزواج وإنجاب الأطفال.
ويظهر برويز -الذي وصفته إحدى الصحف الصفراء البريطانية باسم "حمزة الجائع"، نتيجة منشوراته الدائمة عن الطعام- في إحدى الصور المنسوبة إليه ولحيته تُغطي وجهه وهو يحمل سلاحه ويتناول المُثلَّجات في مدينة الموصل العراقية، التي كانت تحت سيطرة داعش آنذاك.
وفي منشوراته السابقة، نشر صوراً لقطٍ بُنِّي تبنَّاه أثناء قتاله مع داعش وأطلق عليه اسم أنبار، تيمُّناً بأكبر مُحافظات العراق. وأعربت عائلته آنذاك عن صدمتها نتيجة سفره إلى سوريا وقتاله في صفوف التنظيم.
ونشر أيضاً مقاطع فيديو تهديدية تحُثُّ المسلمين البريطانيين على هجر حياتهم والانضمام إلى المعارك في ما وصفه بـ "حقبة الجهاد الذهبية".
وبرويز وهو واحدٌ من ضمن العديد من مُقاتلي ومُؤيِّدي داعش السابقين المُحتجزين الآن ويزعمون أنهم نادمون؛ لأن مصائرهم مُعلَّقة على حبل المشنقة.
عبّر عن ندمه الشديد وقال: لو كانت لدي كلمة أقوى لقلتها
إذ قال برويز، الذي بدا نحيلاً وهو يرتدي ملابس السجن الفضفاضة، عن قراره بالانضمام لداعش قبل خمس سنوات: "الندم لا يكفي هنا. وأتمنى لو كانت لدي كلمةٌ أقوى لأستخدمها".
وقال برويز إنه فقد 30 كيلوغراماً خلال سنواته الخمس بالدولة الإسلامية.
ندمه لم يقنع الحكومة البريطانية في السماح له للعودة
وعلَّق على تكتيكات التنظيم قائلاً: "ما حدث كان مُرعباً تماماً. لا أعتقد أننا يجب أن نسمح لأي شيءٍ أو شخصٍ أن يأخذ الدين الإسلامي ويتلاعب به ويُشكِّله بالطريقة التي فعلها التنظيم".
لكن هذا الندم الواضح لن يُقنع حكومة بريطانيا على الأرجح، إذ قالت إنها لن تسمح بعودة المواطنين البريطانيين الذين سافروا من أجل الانضمام إلى تنظيم داعش. وما يزال آلاف الأجانب وأطفالهم مُحتجزين داخل مُعسكر الهول للنازحين شمالي سوريا، إثر فرارهم من القتال في الباغوز فوقاني.
وأعربت بعض الدول الغربية عن استعدادها لقبول عودة مواطنيها الذين توافدوا إلى الأراضي التي كان يُسيطر عليها تنظيم داعش في العراق وسوريا. واتُّهمت المجموعة بارتكاب فظائعٍ مُروِّعةٍ في البلدين، من بينها الإعدامات الجماعية والعبودية الجنسية وتدمير الآثار والمواقع الأثرية على نطاقٍ واسع.
وقرَّرت بريطانيا شهر فبراير/شباط 2019 تجريد شميمة بيغوم، المراهقة المولودة في لندن، من جنسيتها إثر خروجها من آخر معاقل الخلافة في الباغوز فوقاني. وتقبع الآن داخل مُعسكرٍ شمالي سوريا في انتظار مستقبلٍ مجهول الملامح.
كان برويز أول مواطن بريطاني يعلن انضمامه لصفوف داعش
وبالمثل،
ذكرت وسائل الإعلام البريطانية أن برويز كان يقطن في حي ثري غرب لندن، حيث درس في
مدرسة هولاند بارك. وهو أول مواطنٍ بريطانيٍ يُعلِن عن قتاله في صفوف تنظيم داعش
بالعراق. وقضى فترته بين الرقة، عاصمة التنظيم الفعلية في سوريا، والموصل.
وزعم برويز خلال المقابلة التي أُجريت يوم السبت أنه انضم إلى التنظيم من أجل المساعدة في بناء الدولة المدنية -رغم ولائه لأيديولوجية التنظيم العنيفة.
انظم برويز لداعش من أجل "المدينة الفاضلة" ليكتشف الحقيقة بعد وصوله
وقال إنه كان يعمل حارساً في المساجد الخاضعة لسيطرة داعش، لكنه سرعان ما تحرَّر من أوهامه نتيجة النُظُم الوحشية التي انتهجها التنظيم.
وعلَّق على رؤية المدينة الفاضلة التي روَّج لها أعضاء داعش على الإنترنت قائلاً: "بمجرد وصولك، تكتشف سريعاً أن الأمر ليس كما [صوَّروه] لك. واكتشفنا ذلك بعد أن تكبَّدنا الكثير من العناء"، مُضيفاً أن قادته أجبروه هو وآخرين على القتال في الصفوف الأمامية.
وأضاف أن "كبار القادة سرقوا الأموال وفرَّوا قبل وقتٍ طويل".
وأشار إلى المدنيين الذين يعيشون في الباغوز فوقاني، مُعسكر الخيام الذي شكَّل آخر معاقل مُسلَّحي التنظيم، واصفاً إياهم بـ "فتات داعش".
وتابع: "انهارت مقاليد الحكم الاجتماعي والاقتصادي بالكامل. ووصفها الناس بدار الكفار. كان هناك طعام، لكنه كان مُخصَّصاً لكبار القادة. مات الأطفال بين يدي لعدم وجود طعام" يكفي بقية المدنيين.
وأنهى حديثه قائلاً: "لست بحاجةٍ إلى أن تخبرني اسم هذه المدينة، لكن اسمح لي أن أسأل: هل هناك مطعمٌ لماكدونالدز هنا؟".