قد تكون فكرة التفاني في العلاقة الحميمية جميلة إلى حدٍّ كبير، أي بمعنى أنك تحب شخصاً من دون شروط، أو متطلبات، أو اعتبار لما سيقدمه في المقابل، وأيضاً بالرغم من جميع عيوبه ونواقصه وأخطائه، والمشادات الموجعة التي قد تحدث بينكما.
وفق موقع Mindbodygreen الأمريكي فإن هذه هي الجوانب التي أصبح يرتكز إليها مفهوم الغرب عن الحب، إضافةً إلى قصص الأفلام التي تصور التعبير عن الشغف والتضحية بصورةٍ متكلفة.
التفاني في العلاقة الحميمية
لكن ومع كل الحب والحميمية اللذين يمكن أن ينشآ من الدخول في ارتباطٍ مبنيّ على التفاني غير المشروط، هذا النوع من الالتزام هو ما يمكن أن يدفع الناس لأن يعلقوا في علاقات تعيسة، وبالأخص السيدات.
كيف تعلق النساء في علاقاتٍ غير مرضية؟
إذا تعهدتِ بأن تحبي شريككِ بغض النظر عمَّا يفعل، يصبح من السهل والمقبول تحمُّل تصرفاته المسيئة حين تتجاوز الحد، أو الاستمرار في علاقاتٍ غير مرضية.
وهي علاقات وإن كانت لا تؤذيكِ، لكنَّها تستنزف مشاعركِ وتصيبكِ بالبرود، أو لا تشعرين ببساطة بأنها مناسبة.
تتلقى النساء تحديداً تشجيعاً ضمنياً لإنجاح علاقاتهن العاطفية، حتى وإن كان بها خلل أو تُسبب ضرراً لهن، أو ببساطة لا تقدم لهن أي شيء. ويحدث هذا عبر طريقين محددين:
النساء يُعلّمن دائماً أن الأولوية هي العلاقات الناجحة
في أغلب الثقافات، تتعلم النساء خلال تنشئتهن أن يركزن على إنجاح العلاقات العاطفية أكثر من الرجال.
وهذا هو السبب الذي يجعل جميع بطلات الأفلام بحاجة إلى بطلٍ حبيب، وكذلك السبب وراء تعرّض النساء الناجحات مهنياً لأسئلةٍ بشأن "تحقيق النجاح عاطفياً ومهنياً" على عكس الرجال.
وإطلاق مصطلح "بقايا السيدات" على النساء اللاتي لا يتزوجن بحلول الثلاثين في بعض مناطق الصين، إلى جانب أمثلةٍ أخرى عديدة.
النساء ينشأن على إظهار مزيدٍ من غريزة الرعاية والتعاطف
تميل النساء لأن يكن أكثر تعاطفاً من الرجال، لكن لا تقدم الجينات تفسيراً واضحاً بهذا الشأن.
أما في ما يتعلق بالمجتمع، فنحن نتوقع أن تكون الفتيات والنساء أكثر تفهماً لمشاعر الآخرين، وأن يتمتعن بمهاراتٍ اجتماعية أفضل، ويقدمن رعايةً أفضل للآخرين.
ولهذه الأسباب نشجع الفتيات على التحدث برفق، وأن يكن أكثر مراعاةً للآخرين، ويشاركن في المطبخ والأعمال المنزلية، واللعب بالعرائس وألعاب المطبخ.
تظهر أبحاثٌ أن الأشخاص يميلون أكثر للاستمرار في علاقاتٍ تعيسة حين يشعرون بأن الطرف الآخر بحاجة لهذه العلاقة.
ونتيجةً للطريقة التي تتربى عليها، تكون المرأة أكثر ميلاً للشعور بحساسيةٍ مفرطة تجاه احتياجات الشريك، ومنح سعادته الأولوية على حساب سعادتها.
وليس من الصعب تبين كيف تقود هذه الثقافة الاجتماعية كثيراً من النساء للاستمرار في علاقاتٍ لا يحققن فيها فعلياً سعادتهن الشخصية.
كيف تعرفين أن تمسُّكك بشريكك يعيقك؟
هل أنتِ مستمرة في علاقتك لأنها تستحق النضال من أجلها، أم لأنَّكِ تشعرين دون وعيٍ بضغطٍ لإنجاحها، حتى وإن لم تكن تمثل ما تريدينه حقاً؟
هذا سؤال تصعب الإجابة عنه لأنه يشمل الفحص العميق لجذور معتقداتك عن الحب، وكيف تعلمتي أن تنظري للعلاقات، والطبيعة الحقيقية للروابط التي تجمعك بشريكك.
وإليكِ بعض الطرق التي ستساعدك على التفكير وإدراك متى يصبح الوقت مناسباً للرحيل:
1- فكري من أين تعلمتِ أسلوبكِ في الالتزام
نحن جميعاً نتعلم الحب من مكانٍ ما أو شخصٍ ما، وهنا تقول نيو: من كان النموذج الذي تعلمتِ منه الحب غير المشروط؟
على سبيل المثال، إذا كان والداك مخلصين بشدة لبعضهما، فهذا لأنهما على الأرجح يستحقان ذلك.
فربما هما الاثنان من النوع الذي يعمل لإنجاح العلاقة، ويحبان ويحترمان بعضهما. هل يمكنكِ قول نفس الشيء عن شريكك؟
2- تخلصي من الاعتقاد بأنه ليس عليكِ الرحيل إلا بعدما يصبح شريكك سيئاً تماماً
الأمر لا يتعلق بما إذا كان الشخص سيئاً بالكامل أم لا. فالأمر نسبي، ولا يتعلق بما إذا كان شريككِ يُظهر تصرفاتٍ خبيثة أحياناً أم لا؛ فجميعنا نفعل.
لكن السؤال الحقيقي الذي عليكِ أن تطرحيه على نفسك هو: هل هذا الشخص جيد لي ومناسب لي؟
أنتِ لستِ بحاجة لسببٍ للرحيل. فمجرد أن تنشأ لديكِ الرغبة للرحيل، فهذا سببٌ كافٍ.
3- اسألي نفسكِ: هل يبذل شريكك نفس الجهد الذي تبذلينه في العلاقة؟
حتى وإن كنتِ لا تزالين تبذلين مجهوداً في العلاقة، من الضروري أن تدركي ما إذا كان شريككِ يبذل نفس الجهد في العلاقة أم لا.
ويشكل هذا أهميةً خاصة للسيدات شديدات التعاطف، اللاتي يشعرن بتفانٍ عميق لشركائهن.
هل يرقى شريكك إلى نفس درجة التفاني التي تبديها ويبادلك إياها؟ إذا كانت الإجابة لا، فعليك أن تكوني قادرةً على التحرر من التزامٍ خلقتيه أنتِ بنفسك.
إذا كان شريككِ قد فقد الأمل في علاقتكما بالفعل، فمن الصعب أن تفعلي نفس الشيء أيضاً. من الضروري تذكُّر أنَّ العلاقات هي اختيار وليس إجباراً.
4- اصنعي الكثير من القوائم واكتبي الكثير من الخطابات
اكتبي قائمةً بالمميزات والعيوب، حرفياً. فكري جيداً بمحتويات القائمة واسألي نفسك: هل تستحق العلاقة هذا العناء كله؟
اكتبي الأسباب المؤيدة والمعارضة. اكتبي خطاباً لنفسك تدافعين فيه عن العلاقة، ثم خطاباً آخر تردين عليه.
وانتبهي لحدسك الداخلي، أو أحاسيسك الجسدية، بينما تمرين بهذه العملية. وبينما تقيمين الحجج لكلا الخيارين.
إنَّ الإجابة قد تتفتق تلقائياً إلى ذهنك: "انتبهي لجسدك وأحاسيسه تجاه كلا الخيارين؟ إذ إن الجسد يتحلى بحكمةٍ عميقة في مثل هذه المواقف".
5- ابتعدي لفترة من الوقت
استقطعي وقتاً لتعزلي نفسك عن الوضع المحيط، وتخيلي أنَّها حكاية صديقتك وهي تخبرك بها.
ما النصيحة التي ستعطينها لها؟ أحياناً يكون من الأنفع أن نُخرِج أنفسنا من المعادلة قليلاً.
6- حافظي على واقعيتك
إليكِ بعض الأسئلة القوية عليك بأن توجهيها لنفسك:
إذا كنتُ أعلم أنَّ هناك وفرة من الحب تنتظرني في مكانٍ ما، وهناك فرصة أن ألتقي بشخصٍ آخر، فهل سأستمر في هذه العلاقة؟
إذا كنتُ أعلم أنَّني سأكون سعيدة حين أصبح عزباء، فهل سأستمر في هذه العلاقة؟
ما هي الأحاسيس والأفكار التي أخشى أن تراودني حين أنسحب من هذه العلاقة؟ هل أرغب في تصديق هذه الأفكار؟ هل أنا مستعدة للتعرض لهذه المشاعر من أجل خوض التجارب المحتملة خارج هذه العلاقة؟
إذا علمتُ أنَّه سيظل بإمكاني الشعور بالرضا عن نفسي، بغض النظر عن تصرفات شريكي، فهل سأبقى في هذه العلاقة؟
ما الأفكار والمشاعر التي أتمنى لو أنَّها بطريقة ساحرة راودتني إذا كان لديّ شريكٌ آخر؟