تصريحات مهمة أطلقتها أسماء الأسد قرينة الرئيس السوري بشار الأسد بِشأن إنقاذ تراث سوريا، وبدا لافتاً فيها تركيزها على الأزمة التي خلقتها الحرب لدى النازحين السوريين في الداخل، ولكنها تجاهلت تماماً اللاجئين في الخارج.
وقالت الأسد إن الحرب ضد سوريا هي حرب ثقافية تستهدف تراث البلاد المادي واللامادي.
جاء ذلك في مقابلة مع أسماء الأسد نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال مشاركتها ورعايتها لفعالية حول إنقاذ تراث سوريا.
تصريح صحفي للسيدة أسماء الأسد في فعالية ظلال
التصريح الصحفي للسيدة #أسماء_الأسد الذي أدلت به على هامش مشاركتها بفعالية #ظلال الخاصة بصون وحفظ عناصر #التراث_الثقافي_السوري المادي واللامادي.. اليوم..رئاسة الجمهورية العربية السوريةhttps://t.me/syrianpresidencyhttps://youtu.be/aEIb2vhoePM
Gepostet von جريدة الوطن am Samstag, 16. März 2019
وقالت الأسد إن جيل الحرب في سوريا، لا يعرف شيئاً عن التراث السوري المادي واللامادي بسبب الحرب فليس ذنبهم.
وأضافت أن التراث اللامادي مثل التراث الحي مادة دسمة لأعداء سوريا الطامعين فيها واحتلالها.
وأردفت قائلة "لا نقصد احتلال الأرض فقط، بل سرقة الآثار وتسجيلها بأسماء آخرين، إذ أن هذا طمس للهوية".
تحدثت عن أزمة النازحين داخلياً، ولكنها لم تتطرق للاجئين في الخارج
بلدات كاملة اضطرت لنزوح داخلي أدت إلى ترك تراثها اللامادي، حسبما قالت أسماء الأسد.
وأضافت أن هذا يعني أن عادات اندثرت ومصطلحات راحت وممارسات اختفت، مما سيخلق قادماً بتراث مشوه أو منقوص".
اللافت أن أسماء الأسد، ركزت على أزمة التراث للنازحين داخلياً، وكان يمكن أن تكتفي بقول نازحين أو اللاجئين التي قد يفهم منها كل النازحين واللاجئين في الداخل والخارج.
ولكن قرينة الرئيس السوري تبنت نفس نهج زوجها في السعي لاستبعاد اللاجئين من معادلة سوريا بعد الحرب.
وهكذا فإن أسماء الأسد التي ترعى هذه الفعالية التي تهدف إلى حماية تراث سوريا المادي أو اللامادي وهويتها من السرقة والضياع، تتجاهل نحو 10 ملايين سوري اضطروا للخروج من الحرب أغلبهم من السنة، الأمر الذي من شأنه تغيير ديموغرافية سوريا وهويتها.
وهذا يتساوق مع ما يفعله زوجها معهم
ويسعى النظام السوري تدريجياً إلى تبديد فرص عودة اللاجئين إلى بلادهم، وسن عدد من القوانين التي تسهل الاستيلاء على ممتلكاتهم، إضافة إلى خططه الرامية إلى إسقاط الجنسية عن اللاجئين السوريين.
وطالب النظام مؤخراً أكثر من 10 ملايين سوري ممن فروا من الحرب المستعرة في البلاد أن يتقدموا بإثبات ملكيتهم لمنازلهم في موعد أقصاه أوائل مايو/أيار 2019، وإلا فإن الحكومة ستضع يدها عليها.
وأثار قانون الملكية الذي أُعلن مؤخراً مخاوف واسعة النطاق لدى المواطنين السوريين الذين عارضوا بشار الأسد، من أنهم يواجهون خطر العيش في المنفى الدائم، وأن أشخاصاً آخرين ممن يُعتبرون موالين للنظام قد يُسمح لهم بالتوطين في مجتمعاتهم المحلية، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ويشبه هذا القانون قانون أملاك الغائبين في إسرائيل، الصادر عام 1950، والذي يُجيز الاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم.
كما أفادت تقارير بأن الأسد وافق على خطة فرنسية للحل في سوريا، تتضمن إجراء انتخابات، ولكن اللافت أن الرئيس السوري اشترط عدم مشاركة اللاجئين في الانتخابات.
ويسعى النظام من كل ذلك، إلى تحقيق هدفين: الأول سياسي وهو استبعاد اللاجئين وهم الفئة التي يفترض أنها الأكثر معارضة له.
والثاني طائفي، وهو إضعاف وزن الطائفة السنية باعتبار أن غالبية اللاجئين منهم.
ويشير موقع جنوبية الشيعي اللبناني إلى أن النظام السوري وحزب الله وغيرها من الميليشيات الشيعية التي تعمل تحت قيادة إيران قامت بحملات تطهير عرقي ممنهج في العديد من المناطق السورية خاصة حول دمشق.
كما أن النظام حريص على عدم عودة اللاجئين لتغيير طبيعة سوريا الديموغرافية للأبد، باعتبار أن أغلب اللاجئين من السنة، حسبما يشير تقرير لمركز كارنيغي.
أسماء الأسد تدعو إلى إنقاذ تراث سوريا
وقالت الأسد في حوارها "علينا أن نحافظ على تراثنا المادي و اللامادي، مؤكدة أن هذا ليس رفاهية.
وأضافت أن هذا الوضع "خطر دائم علينا كشعب وعلى ماضينا ومستقبلنا وعدم المحافظة عليه، جريمة مثل الحرب تماماً.
وأقرت بأنه بسبب الحرب تراجع اهتمام الناس بكثير من القضايا".
وقالت "كلما تأخرنا ازدادت الخسارة لتصل لدرجة لا يتم تعويضها".
وشددت أسماء الأسد على التلازم بين التراث المادي واللامادي، وقالت "لا يمكن أن التراث المادي أو المعنوي أهم من الآخر".
وأضافت التراث اللامادي بمثابة الروح للجسد الذي هو التراث المادي.
وقالت إن أي حرفة تمثل تراثاً مادياً، أما المهارات والخبرات التي تنتقل من جيل إلى جيل فهي تراث لامادي.
وأضافت أن الفرق الرئيسي أننا نستطيع أن نرمم التراث المادي في بعض الأوقات، أما التراث اللامادي إذا ضاع يذهب معه الجسد، وهو يعكس هويتنا التي تشكلها عبر كل الحضارات التي مرت عبر العصور.
وقالت إنه من واجبنا أن نحافظ عليها ونطورها ونورثها للأجيال القادمة.
زوجها دمر حلب وهي تراها نموذجاً للاندماج بين التراثين المادي واللامادي
وضربت أسماء الأسد مثالاً بالعلاقة بين التراثين المادي واللامادي بحلب ودمشق.
إذ قالت إن ما يميز هاتين المدينتين الأثريتين عن بقية مئات المواقع الأثرية السورية، هو استمرارية الحياة بهما على مدى القرون بلا انقطاع.
قوات النظام والمليشيات التابعة له تدخل ساحات #المسجد_الأموي_الكبير شرقي مدينة #حلب بعد تدمير أجزاء كبيرة منه#حلب_تباد #سوريا pic.twitter.com/7peGptRfRu
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) December 13, 2016
وأضافت أن هناك فرقاً بين مدن تاريخية شاهدة على التاريخ، وهناك مدن تاريخية تنبض باستمرارية الحياة مثل حلب ودمشق.
وقالت "بالأولى الواحد يقرأ التاريخ، أما في الثانية الواحد يعيش التاريخ في الحاضر.
ودمرت مساحاتٌ بالكامل في مناطق شرق ووسط حلب جرّاء غارات القصف الجوي السورية والروسية وشن فصائل المعارضة تفجيرات باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات.
وحتى بعد سيطرة النظام على المدينة مازال النهب مستمراً
وتعرضت مدينة حلب لنهب وتدمير لتراثها خلال الحرب التي شنها النظام بدعم روسي إيراني على المدينة لطرد المعارضة، واستمرت عمليات النهب والتخريب بعد سيطرته عليها.
وسلّط تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني الضوء على تفشي ظاهرة الفساد في أرجاء مدينة حلب بعد سيطرة قوات النظام عليها في ديسمبر/كانون الأول 2016، حيث يتسيّد المشهد هناك عصابات "الميليشيات المسلحة الموالية للرئيس بشار الأسد".
ويُكِنُّ كثيرٌ من سكان حلب الكراهية لهذه العصابات، التي ينتمي غالبية عناصرها إلى الطائفة العلوية أو التركمان من مدينة ماردين التركية.
وفي حديث للموقع البريطاني، قال أحد أهالي حلب، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "هناك تسلسل هرمي في توزيع الغنائم، إذ تُعطى أجهزة التلفزيون للقادة، في حين تُعطَى الثلاجات والغسالات للقيادات الوسطى.
أما الأخشاب والأسلاك التي يتحصَّلون عليها من البيوت المهجورة فتذهب للرتب الدنيا. الأمر مقزز".
وأضاف: "نرى شاحنات مُحمَّلة بالأغراض المنهوبة تسير في وضح النهار. إذ لا يحتاجون لفعل ذلك في الخفاء، هذه هي مكافآت ولائهم. نحن نعيش في العصور الوسطى".
ولم تستفد حلب من كونها مدينة مُدرَجة على لائحة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) الحماية منذ أن طالتها الحرب السورية عام 2012.
مفاجأة حول من يقود عمليات ترميم الآثار
وتقول كاتبة التقرير ديانا دارك، الخبيرة في شؤون الثقافة في الشرق الأوسط، إنه في حلب يُنسَب الفضل لعصابة من "السفاحين شبه الأُميين"، برعاية العميد سهيل الحسن، المشهور بلقب "النمر" -وهو الفصيل السوري المفضل لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين- لترميمهم الأخرق والتعيس للمساجد القديمة ذاتها التي كان لهم بالأساس يد في تدميرها.
وحسب الكاتبة فإن الحكومة لا ترغب في أن تعيد المجتمعات بناء نفسها، بل تريدها أن تظل مُمزَّقة. إذ تسهل السيطرة على المجتمع المُحطَّم.
فيما تتسم عمليات محاولة ترميم الآثار بطابع بيروقراطي واستعراضي، غير فعال، يترك أغلب آثار المدينة معرضة للتدمير أو يشوهها.
ويكمن الخطر الأكبر هنا في أنَّ حالة الأبنية الأثرية قد تصبح أصعب أو أكثر تكلفة من أن يُعاد ترميمها؛ ببساطة لأنَّ يد الإهمال طالتها، وأصبحت إحدى ضحايا الجمود البيروقراطي الذي يزحف عبر جميع جوانب إعادة الإعمار في سوريا.
وفي كثير من الحالات، يكون كل ما يحتاجه البناء هو أغطية بلاستيكية لتغطية السقف وعزله عن المياه، وهي عملية لن تستغرق سوى بضعة أيام ولا تُكَلِف إلا القليل.
وفي وقتٍ سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، انتشرت تقارير على الإنترنت حول العثور على آثار منهوبة، تزن 2000 كيلوغرام، في منزل "النمر" بدمشق.