"سنسقطه بأموالنا" يبدو هذا هو المحور الرئيسي الذي تتضمنه الخطة الإماراتية لإسقاط رئيس وزراء كندا جاستن ترودو.
إذ أن كندا تدفع ثمن انفتاحها السياسي والاقتصادي، اللذين تحولا إلى بوابة للتأثير على سياستها والتدخل في شئونها الداخلية إلى درجة محاربة رئيس وزرائها جاستن ترودو في عقر داره.
فالإمارات والسعودية تسعيان إلى إيجاد نفوذ ودور سياسي داخل الساحة السياسية في كندا.
والهدف الرئيسي من مثل هذه التحركات والمساعي هو إضعاف الحزب الليبرالي أو حزب الأحرار في كندا، بل وحتى تهدف إلى إسقاط زعيم الحزب جاستن ترودو والذي يتولى حالياً منصب رئاسة وزراء كندا.
وتسعى السعودية-الإمارات إلى دعم حزب المحافظين الكندي الذي يعدّ أحد أكبر الأحزاب المعارضة للحزب الليبرالي الحاكم في الوقت الحالي.
مجلس الأعمال الإماراتي-الكندي واجهة أبو ظبي النشطة
الخطة الإماراتية لإسقاط رئيس وزراء كندا جاء تنفيذها من قبل أبوظبي خدمةً لمصالح حليفتها السعودية بشكل أساسي.
ويرجع سبب تصدر الإمارات للأمر إلى تدهور العلاقات السعودية الكندية مما يقلل فرص تحرك الرياض على الساحة الكندية.
كما أن الحساسية الغربية عامة تجاه الإمارات أقل من السعودية، إذ ينظر للإمارات أنها أكثر حداثة والعلاقة معها أصبحت أقل مدعاة للحرج مقارنة بالرياض خاصة بعد مقتل خاشقجي.
ويعدّ مجلس الأعمال الإماراتي الكندي إحدى الواجهات الأساسية للإمارات لتحقيق نفوذ سياسي في الداخل الكندي.
إذ يمثل ذراع استثماري نشط وفعال، استطاعت من خلاله أبو ظبي ضخ مئات الملايين من الدولارات خاصة في المقاطعات الكندية التابعة لحزب "المحافظين"، وبالأخص في قطاع النفط.
تعرف على تفاصيل الخطة الإماراتية لإسقاط رئيس وزراء كندا الليبرالي
ويعد مجلس الأعمال الإماراتي الكندي هو الأداة الرئيسية لتنفيذ الخطة الإماراتية لإسقاط رئيس وزراء كندا الليبرالي.
وتمكن مجلس الأعمال الإماراتي الكندي عبر دعم إماراتي مقدم من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد في الاستثمار في قطاع النفط والغاز والطاقة.
ويركز المجلس عمله بل ويسعى إلى توسيع دائرة العمل في أقاليم مختلفة بكندا ويأتي على رأسها مقاطعة ألبرتا التي يوجد بها تواجد وانتشار قوي لحزب "المحافظين"، وفي بعض المدن الصغيرة التابعة لمقاطعة أونتاريو، التي تشهد هي الأخرى تواجداً لحزب "المحافظين" المعارض لحزب "الليبراليين".
ومهمة المجلس الأساسية هي التواصل مع السياسيين في كندا ورجال الأعمال.
إذ يهدف المجلس إلى إيجاد نفوذ سياسي واقتصادي في كندا وخاصة في الولايات التي فيها تواجد كبير لحزب المحافظين المعارض للحزب الحاكم، حسبما يقول رجل الأعمال الكندي وعضو الحزب الليبرالي الكندي آلان بندر.
ويضيف بندر لـ"عربي بوست" قائلاً أنّ هناك مساع إماراتية لإضعاف قوة رئيس وزراء كندا جاستن ترودو وحزبه "الليبرالي" بل وحتى السعي لإسقاطه في الانتخابات القادمة المزمع إقامتها في خريف 2019م.
إذ تسعى أبو ظبي إلى تقوية "المحافظين" في مقاطعة ألبرتا وبعض المناطق في أونتاريو (أكبر مقاطعة في كندا)، بالإضافة إلى المقاطعات الكندية الأخرى، حسبما يؤكد آلان بندر لـ"عربي بوست".
ويركز المجلس عمله في قطاعات أساسية مهمة كشركات النفط ومعامل تكرير النفط، بالإضافة إلى شركات التكنولوجيا، وشركات إدارة الطرق والمنشآت.
ويقول بندر إلى أنّ حجم الاستثمارات الإماراتية التي ضخت عبر هذا المجلس وصلت إلى مئات الملايين من الدولارات.
وتشير إحصائية رسمية إلى أنّ حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وكندا، وصل العام الماضي 2018 إلى أكثر من 2.1 مليار دولار، الأمر الذي يفتح شهية أبو ظبي لتحقيق مزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي في الداخل الكندي.
"عربي بوست" حاولت التواصل مع هذا الحزب من خلال ارسال ايميلات مختلفة، ووعدونا بالرد على تلك الأقوال ولكن حتى نشر هذا التقرير لم نحصل على أي رد
صفقة المدرعات السعودية سبب رئيسي للتحرك الإماراتي السعودي
الخطة الإماراتية لإسقاط رئيس وزراء كندا تقوم على مساعدة خصومه عبر الاستثمار في مناطق نفوذهم لعرقلة فوز ترودو بولاية ثانية خلال الانتخابات المقرّرة إقامتها في خريف 2019.
وتأتي هذه الخطة استجابة لغضبة السعودية على خلفية تفكير كندا في إلغاء جاستن صفقة المدرعات الكندية التي تقدّر قيمتها بـ15 مليار دولار كندي (12 مليار دولار أمريكي).
وجاء التفكير الكندي بعد تزايد الضغوط على الحكومة الكندية لتجميد وإيقاف الصفقة التي كانت تعدّ أكبر صفقة للمدرعات العسكرية في تاريخ كندا.
وقد وقعت أوتاوا في عام 2014، على هذه العقد المنظم لهذه الصفقة التي كان يفترض أن تستمر لمدة 14 سنة.
فهل تجرؤ كندا على إلغاء الصفقة؟
وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في 16 ديسمبر/تشرين الأول 2018، أن كندا تسعى إلى إيجاد الوسائل للانسحاب من عقد كبير لبيع أسلحة إلى السعودية تنتقده المعارضة والمدافعون عن حقوق الإنسان.
وكان ترودو قد اعتبر أنه من "الصعب جداً" إلغاء هذا العقد الذي تبلغ قيمته 15 مليار دولار كندي (9,9 مليار يورو) والذي وقعته حكومة المحافظين السابقة "بدون الاضطرار لدفع بنود جزائية ثقيلة".
وفي السابق بدا أن ترودو لا يميل إلى إلغاء الصفقة بسبب تبعات ذلك المالية، إذ قال في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، أن البنود الجزائية المالية تتجاوز مليار دولار كندي.
ولكن الأصوات تعالت في الداخل الكندي لوقف هذه الصفقة، وعدم الاستمرار فيها، نتيجة للتقارير الأممية الصادرة عن اليمن والتجاوزات الدامية للسعودية في حربها عليها، بالإضافة إلى أحداث المنطقة الشرقية.
وجاءت هذه الاعتراضات على خلفية استخدام الجيش السعودي للمدرعات الكندية في حربه مع الحوثيين باليمن، وتسببه بمقتل المدنيين والأطفال.
إضافة إلى تداول الإعلام لمقاطع تظهر عناصر من الجيش السعودي وهم يستخدمون المدرعات الكندية في سحل أطفال في شوارع المنطقة الشرقية بالسعودية، الأمر الذي يعتبر إخلالاً لبنود العقد بين السعودية وكندا والتي نصت على عدم استعمالها ضد المدنيين والعزل والأبرياء، حسبما يقول بندر.
تشعر كندا بقلق بالغ إزاء الاعتقالات الإضافية لنشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في #السعودية ، بما في ذلك #سمر_بدوي . نحث السلطات السعودية على الإفراج عنهم فوراً وعن جميع النشطاء السلميين الآخرين في مجال #حقوق_الانسان.
— Canada in KSA (@CanEmbSA) August 5, 2018
وتؤكدّ مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" إن الرياض وأبو ظبي تريان في جاستن وحزبه عقبة كبيرة أمام مصالحهما السياسية والاقتصادية، خاصة بعد تصاعد الأزمة السياسية بين السعودية وكندا.
ويبدو أن التفكير في إلغاء صفقة المدرعات اعتبرته الرياض بمثابة ضربة كبيرة من كندا في ظل حاجتها لمثل هذه المدرعات بهذا الوقت بالتحديد، خاصة مع استمرار الحرب التي تخوضها في اليمن والتي لم تحقق فيها أي تقدم لافت، أو إنجاز عسكري أو سياسي.
ووقعت بين البلدين سلسلة من الأزمات، بسبب رفض الرياض لانتقادات كندا لسجل السعودية في حقوق الإنسان، الأمر الذي رد عليه الرياض بسحب طلابها من كندا وقطع علاقتها التجارية معها.
أما السعودية فتقوم بجانب آخر من الخطة.. تأليب أكاديميين وأطباء
وإلى جانب الخطة الإماراتية لإسقاط رئيس وزراء كندا، سعت السعودية إلى تأليب الأكاديميين في الجامعات الكندية على حكومتهم الليبرالية.
جاء ذلك من خلال عدد من الطلاب السعوديين الذين كانوا يدرسون في كندا، بعدما أصدرت الرياض قراراً بسحب طلابها الذين يدرسون بالجامعات الكندية.
إذ قام عدد من الطلبة بعد عودتهم إلى بلدانهم بإرسال رسائل ودية تظهر تعاطف هؤلاء الطلبة مع أساتذتهم وبأنّ حكومتهم هي من تسببت في هذه الأزمة، وأسهمت بخسائر فادحة للجامعات.
ويقول آلان بند لـ"عربي بوست"، إنّ الدارسين للطب المبتعثين من السعودية إلى الجامعات الكندية وصل إلى 2000 طالب، حيث تصل تكاليف كل طالب منهم إلى 250 ألف دولار.
وبلغ إجمالي عدد الطلبة السعوديين المبتعثين إلى كندا 17 ألفاً و272 مبتعثاً، وتعد السعودية سادس أكبر مصدر للطلبة الأجانب المبتعثين للدراسة في كندا على المدى الطويل للعام 2015.
وسبق أن ردت كندا بشكل رمزي على المواقف السعودية، باستقبالها الفتاة السعودية الهاربة من بلادها رهف القنون.
وقالت مصادر مطلعة على قضية رهف في تصريحات سابقة لـ"عربي بوست"، إنّ مسؤولين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أكدوا لرهف أنّ الحكومة الكندية كانت لديها رغبة شديدة في استقطابها كلاجئة على أراضيها، وذلك على خلفية الأزمة السياسية مع الرياض حول حقوق الإنسان بالسعودية.
ولكن في المقابل، يعتقد أّنّ الاقتصاد الكندي تكبد خسائر كبيرة تراوحت بين 13 مليار دولار و20 مليار دولار، بسبب تجميد السعودية لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع كندا.
ووفقاً لإحصائيات الهيئة العامة للإحصاء السعودية فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو 8.96 مليارات ريال في عام 2016 منها 4.9 مليارات ريال صادرات سعودية لكندا، مقابل أربعة مليارات واردات من كندا.