ربما تعرف أنها تُستخدم في جهاز تحكم التلفزيون ونظارات الرؤية الليلية.. لكن هل تساءلت من قبل ما هي الأشعة تحت الحمراء؟

تُعدّ الأشعة تحت الحمراء نوعاً من الإشعاع الكهرومغناطيسي، وهو عبارة عن سلسلة متصلة من الترددات التي تنبعث عندما تمتص الذرات الطاقة ثم تطلقها.

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/04 الساعة 07:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/03 الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش
Detecting Heat Loss Outside building Using Thermal Camera

واحد من أكثر المصطلحات شيوعاً في عالمي العلوم والتكنولوجيا هو الأشعة تحت الحمراء، التي قد تكون قد سمعت بها مرة واحدة على الأقل.

ولكن، هل تساءلت من قبل عن معناها؟

بحسب موقع LiveScience الأمريكي، يمكن تعريف الأشعة تحت الحمراء (IR) بأنها نوع من الطاقة الإشعاعية التي ليس بإمكان العين البشرية رؤيتها، ولكن يمكننا الشعور بها في صورة حرارة. وتنبعث الأشعة تحت الحمراء من جميع الأجسام في الكون بدرجات متفاوتة، لكن الشمس والنار هما أكثر مصادرها وضوحاً.

وتُعدّ الأشعة تحت الحمراء نوعاً من الإشعاع الكهرومغناطيسي، وهو عبارة عن سلسلة متصلة من الترددات التي تنبعث عندما تمتص الذرات الطاقة ثم تطلقها.

ويشمل الإشعاع الكهرومغناطيسي، بدءاً من الأعلى تردداً إلى الأقل، أشعة غاما، والأشعة السينية، والأشعة فوق البنفسجية، والضوء المرئي، والأشعة تحت الحمراء، وأشعة الميكروويف وموجات الراديو. وتشكل هذه الأنواع جميعها الطيف الكهرومغناطيسي.

البداية .. تجربة قياس

ووفقاً لوكالة ناسا الأمريكية، اكتشف عالم الفلك البريطاني ويليام هيرشل الأشعة تحت الحمراء عام 1800.

إذ وضع هيرشل في تجربة لقياس الفرق في درجة الحرارة بين ألوان الطيف المرئي، موازين الحرارة بمسار الضوء داخل كل منطقة من ألوان الطيف المرئي.

ولاحظ زيادة في درجة الحرارة من منطقة اللون الأزرق إلى منطقة اللون الأحمر، ووجد زيادة ثابتة في درجة الحرارة بعد نهاية المنطقة الحمراء في الطيف المرئي مباشرة.

وتنطلق موجات الأشعة تحت الحمراء داخل الطيف الكهرومغناطيسي عند ترددات أعلى من ترددات موجات الميكروويف وأقل من تلك الخاصة بموجات الضوء المرئي الأحمر، ومن هنا جاء اسمها "الأشعة تحت الحمراء".

ووفقاً لمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك)، تعد موجات الأشعة تحت الحمراء أطول من موجات الأشعة المرئية.

وفقاً لوكالة ناسا، تتراوح ترددات الأشعة تحت الحمراء بين نحو 3 غيغاهرتز و400 تيراهيرتز، وتتراوح أطوال موجاتها بين نحو 1000 ميكرومتر و760 نانومتراً، ولكن هذه القيم ليست مؤكدة.

حرارة أم ضوء؟

وعلى غرار طيف الضوء المرئي، الذي يتدرج من اللون البنفسجي (وطوله الموجي هو الأقصر) إلى الأحمر (وطوله الموجي هو الأطول)، توجد أطوال موجية خاصة بالأشعة تحت الحمراء.

ولا ينبعث من الموجات القصيرة "الأشعة تحت الحمراء القريبة"، وهي الأقرب إلى الضوء المرئي على الطيف الكهرومغناطيسي، أي حرارة ملحوظة وهي تلك التي تنبعث من جهاز التحكم في التلفاز لتغيير القنوات.

ووفقاً لوكالة ناسا، يمكن الشعور بموجات "الأشعة تحت الحمراء البعيدة" الأطول، والتي تكون أقرب إلى منطقة موجات الميكروويف في الطيف الكهرومغناطيسي، في صورة حرارة شديدة، مثل الحرارة القادمة من ضوء الشمس أو النيران.

تعد الأشعة تحت الحمراء إحدى الطرق الثلاث التي تنتقل بها الحرارة من مكان إلى آخر، أما الطريقتان الأخريان فهما الحمل الحراري والتوصيل الحراري.

إن أي جسم تصل درجة حرارته إلى أعلى من نحو 5 درجات كلفن (450- درجة فهرنهايت أو 268- درجة مئوية) تنبعث منه الأشعة تحت الحمراء.

ووفقاً لجامعة تينيسي الأمريكية، تطلق الشمس نصف طاقتها الكلية في صورة أشعة تحت حمراء، ويُمتص الكثير من ضوئها المرئي وينبعث مجدداً في صورة أشعة تحت حمراء.

الاستخدامات المنزلية

تستخدم الأجهزة المنزلية مثل المصابيح الحرارية وآلات التحميص الأشعة تحت الحمراء لنقل الحرارة، وكذلك تفعل السخانات الصناعية مثل تلك المستخدمة في تجفيف ومعالجة المواد.

ووفقاً لوكالة حماية البيئة، تحول المصابيح المتوهجة نحو 10% فقط من الطاقة الكهربائية التي تصل إليها إلى طاقة ضوئية مرئية، في حين تتحول الـ90% المتبقية من الطاقة إلى أشعة تحت حمراء.

يمكن استخدام أشعة الليزر تحت الحمراء لإجراء اتصالات بين نقطتين تبلغ المسافة بينهما بضع مئات من الأمتار أو الياردات.

وفقاً لموقع How Stuff Works، تطلق أجهزة التحكم الخاصة بالتلفاز التي تعتمد على الأشعة تحت الحمراء نبضات من طاقة الأشعة تحت الحمراء من مصباح الدايود المبتعث للضوء (LED) إلى جهاز استقبال الأشعة تحت الحمراء في التلفاز.

ويحول جهاز الاستقبال نبضات الضوء إلى إشارات كهربائية توجّه المعالجات الدقيقة إلى تنفيذ الأمر المبرمج.

الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء

يعد الاستشعار والكشف عن الأشياء من أهم استخدامات الأشعة تحت الحمراء، إذ تنبعث الأشعة تحت الحمراء من جميع الأجسام على الأرض في شكل حرارة.

ويمكن الكشف عن ذلك بواسطة أجهزة الاستشعار الإلكترونية، مثل تلك المستخدمة في نظارات الرؤية الليلية وكاميرات الأشعة تحت الحمراء.

وفقاً لجامعة كاليفورنيا (بركلي)، يعدّ مقياس الإشعاع الحراري أحد الأمثلة البسيطة على أجهزة الاستشعار، ويتكون من تلسكوب مزود بمقاوم حساس للحرارة، أو المقاوم الحراري، في مركزه. وإذا أتى الجسم الدافئ في مجال رؤية هذا الجهاز، فإن الحرارة تسبب تغيراً ملحوظاً في الجهد الكهربائي بالمقاوم الحراري.

وتستخدم كاميرات الرؤية الليلية نسخة أكثر تعقيداً من المقاوم الحراري. وتحتوي هذه الكاميرات عادةً على رقائق تصوير جهاز اقتران الشحنات (CCD) الحساسة لضوء الأشعة تحت الحمراء.

ويمكن بعد ذلك إعادة إنتاج الصورة التي شكَّلها جهاز اقتران الشحنات في ضوء مرئي. ويمكن أن تكون هذه الأنظمة صغيرة بما يكفي لاستخدامها في الأجهزة المحمولة أو نظارات الرؤية الليلية.

ويمكن أيضاً استخدام الكاميرات لتصويب البندقية بدقة على الهدف بإضافة أشعة الليزر تحت الحمراء أو من دونها.

يقيس التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء انبعاثات الأشعة تحت الحمراء من المواد عند أطوال موجية محددة.

سيُظهر طيف الأشعة تحت الحمراء الخاص بالمادة منحنيات مميزة، لأن الفوتونات  (جسيمات الضوء) يتم امتصاصها أو تنبعث من الإلكترونات في الجزيئات، في حين تنتقل الإلكترونات بين المدارات، أو مستويات الطاقة.

يمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات الناتجة عن التحليل الطيفي لمعرفة ماهية المواد ورصد التفاعلات الكيميائية.

وفقاً لروبرت مايانوفيتش، أستاذ الفيزياء في جامعة ولاية ميسوري، فإن التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، مثل مطياف فورييه تحويل الأشعة تحت الحمراء (فتير)، مفيدٌ للغاية في بعض التطبيقات العلمية.

وتشمل هذه التطبيقات النظم الجزيئية والمواد ثنائية الأبعاد، مثل الغرافين.

الاستكشاف الفلكي بالأشعة تحت الحمراء

يعرّف معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الاستكشاف الفلكي بالأشعة تحت الحمراء بأنه "اكتشاف ودراسة الأشعة تحت الحمراء (الطاقة الحرارية) المنبعثة من الأجسام الموجودة في الكون".

وقد سمحت التطورات في أنظمة التصوير بالأشعة تحت الحمراء CCD بمراقبة مفصلة لتوزيع مصادر الأشعة تحت الحمراء في الفضاء، وكشفت عن تراكيب معقدة في السدم، والمجرات، وبنية الكون الهائلة.

وإحدى مزايا المراقبة بالأشعة تحت الحمراء هي أنه يمكنها الكشف عن الأجسام التي تكون أبرد من أن تبعث ضوءاً مرئياً.

وقد قاد ذلك إلى اكتشاف أجسام لم تكن معروفة من قبل، مثل المذنبات والكويكبات وسحابات الغبار الناعم بين النجوم والتي يبدو أنها منتشرة في جميع أنحاء المجرة.

يقول روبرت باترسون، أستاذ علم الفلك في جامعة ولاية ميسوري، إن الاستكشاف الفلكي عن طريق الأشعة تحت الحمراء مفيد بشكل خاص في مراقبة الجزيئات الباردة بالغاز، وتحديد التركيب الكيميائي لجزيئات الغبار في الوسط الفضائي بين النجوم.

وتُجرى هذه الفحوص باستخدام أجهزة أنظمة تصوير بالأشعة تحت الحمراء متخصصة وحساسة لفوتونات الأشعة تحت الحمراء.

ووفقاً لوكالة ناسا، هناك ميزة أخرى للأشعة تحت الحمراء، وهي أن طولها الموجي الأطول يعني أنها لا تتشتت بالقدر نفسه الذي يتشتت به الضوء المرئي.

ففي حين أن الضوء المرئي يمكن امتصاصه أو عكسه عن طريق جزيئات الغاز والغبار، فإن موجات الأشعة تحت الحمراء الأطول تتفادى ببساطة، هذه العوائق الصغيرة.

وبسبب هذه الخاصية، يمكن استخدام الأشعة تحت الحمراء لمراقبة الأجسام التي يحجب ضوءها الغاز والغبار.

وتشمل هذه الأجسام النجوم المتكونة حديثاً المستقرة في السدم، أو مركز المجرة التي تضم كوكب الأرض.

علامات:
تحميل المزيد