"هل تنتظرون حدوث مجزرة يقوم بها أحد اللاجئين"، لم تكن هذه كلمات يميني متطرف، بل ما قاله لاجئ سوري يحرض اليمين المتطرف الألماني على اللاجئين السوريين الآخرين، رغم أنهم أبناء وطنه.
اللاجئ السوري ذو الأصول الأرمينية الذي صدم الإعلام الألماني بتصريحاته، يدافع عن الرئيس السوري بشار الأسد، ويقول إن سوريا آمنة، رغم أنه هو نفسه طلب حق اللجوء في ألمانيا.
لاجئ سوري يحرض اليمين المتطرف الألماني
وتناولت قناة "RBB" البرلينية العامة وموقع "تيليكوم أونلاين" قصة كيفورك ألماسيان، الناشط الموالي للنظام السوري، وسردت تفاصيل نشاطاته المساندة لحزب "البديل لأجل ألمانيا" اليميني المتطرف، المعادي للاجئين والإسلام، والمطالب بعودة جميع اللاجئين السوريين إلى بلدانهم لإعادة إعمارها حتى عند امتلاكهم وظيفة في ألمانيا.
وقال برنامج "كونتراسته" في قناة RBB البرلينية العامة إن "اللاجئ" يقول علناً إنه يعيش في ألمانيا، التي وصلها في العام ٢٠١٥، لأسباب اقتصادية، وكان بوسعه العودة منذ وقت طويل لكنه لا يريد ذلك ببساطة، إذ أن لديه وظيفة في البرلمان الألماني، في مكتب النائب في حزب "البديل" ماركوس فرونماير.
ولأنه صديق للحزب المعادي للمسلمين تغاضوا عن مشكلاته
المفارقة أنه يتحدث الألمانية بشكل سيئ ويتكلم على نحو أكبر الإنجليزية، وهو من الأمور التي ينتقد اليمين المتطرف المهاجرين بسببها.
ولكن حزب البديل يتجاهل كل هذه المشكلات في حالة ألماسيان بسبب تصريحاته المحرضة على اللاجئين.
ويقول ألماسيان إن حزب البديل اليميني المتطرف، لا يقمعه شخصياً أو رأيه، بينما لا يعطيه الآخرون الفرصة للحديث، حسب قوله.
إنهم سلاح دمار شامل.. البديل يستخدمه في دعايته
ويشير البرنامج التلفزيوني إلى أن ألماسيان يتناسب جيداً مع حزب البديل المعادي للمهاجرين، لأنه يحرض بنفسه ضد اللاجئين كما فعل في جولة لفعاليات الحزب.
وتحدث بعد أسابيع قليلة من وصوله لألمانيا في فعالية لشبيبة "البديل" محرضاً على اللاجئين، كما تم طلبه للظهور في المنصة في مناسبة انتخابية مع القيادي في الحزب السيئ الصيت بيورن هوكه.
ويقول حينها بحسب مقتطف إنه "وبعد ٥ أشهر من تواجدي في ألمانيا، أستطيع القول إن الاندماج وهم"، ويلقب اللاجئين بـ"سلاح دمار شامل ضد أوروبا"، الأمر المتوافق مع دعاية حزب "البديل" الذي يصور اللاجئين كخطورة على البشر وحتى الحيوان في أوروبا.
وهو ينشط لصالح جناح مشتبه به من قبل الاستخبارات الألمانية
وكان جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني قد وضع "الجناح" القومي اليميني بالحزب تحت قيادة هوكه ومنظمة "شباب حزب البديل" على أنهما حالتان يمكن الاشتباه فيهما، لميولهما المتطرفة، وهما الجهتان اللتان نشط لصالحهما ألماسيان.
وشارك اللاجئ السوري أيضاً في الأشهر الأولى من وجوده في ألمانيا في تنظيم مظاهرة للاجئين أمام إدارة منطقة لودفيغسبورغ بولاية بادن فورتمبيرغ، وطالب بحسب ما أفصح عنه بالاهتمام بطلبات اللجوء.
ويقول إنه كان يريد المساهمة في تهدئة مأوى اللاجئين لأن "الانتظار وعدم اليقين يرفع (مستوى) العدوانية" لدى طالبي اللجوء.
5 ملايين إسلامي
كما سبق له وأن حذر في ظهور له مع "البديل" في الأشهر التالية لوصوله من أنه سيكون هناك ٥ ملايين لاجىء في ألمانيا في العام ٢٠١٩، غالبيتهم إسلاميون، ولن يندمجوا في المجتمع، متسائلاً باستنكار فيما إذا كان لن يتغير شيء حتى تحدث مجزرة في محطة قطار، وسط تهليل من جمهور حزب "البديل".
لكنه يؤكد كما يفعل سياسيو الحزب اليميني المتطرف أيضاً رسمياً بأن على ألمانيا من حيث المبدأ مساعدة "اللاجئين الحقيقيين"، الذين فروا من الحرب في سوريا.
ويقول كلاماً متناقضاً
ويتحدث في المقابلة مع وسيلتي الإعلام كلاماً آخر مختلفاً عن عمله الدعائي ضد اللاجئين.
إذ قال إن هناك الكثير من الاستقطاب في ألمانيا.
وينتقد قول البعض إن هناك لاجئين قانونيين وآخرين غير قانونيين، متسائلاً ألا يمكن للناس أن يلتقوا في المنتصف ويقولوا هناك أناس جيدون وسيئون.
وترى قناة "RBB" الألمانية العامة أن ما يجعل حزب "البديل" يتحمل وجود ألماسيان معه هو موقفه الواضح الموالي للأسد وضد اللاجئين، رغم أن الحزب يطالب في الأحوال العادية بترحيل "لاجئين" مثله فوراً لسوريا، رغم عمله ودفعه الضرائب.
وقالت إن الحزب لا يطبق مبادئه على ألماسيان، واصفة إياه بأنه من اليد العاملة في خدمة البروباغندا اليمينية المتطرفة.
وهو يعترف بأنه لا يقاتل ولكن يقوم بالدعاية لصالح نظام الأسد
ونقل موقع "تيليكوم أونلاين" عنه قوله خلال ظهوره في فعاليات حزب "البديل" إنه لن ينضم لأي حزب، لكنه استدرك قائلاً إن أي حزب يدعم الجيش السوري النظامي يستحق دعمي".
وقال لمجلة "سيزسيون" اليمينية إنه لا يقاتل بالسلاح لأجل بلاده (في إشارة للنظام)، بل إنهم في حاجة للجميع، كل في مجاله.
وأضاف قائلاً "يتوجب على أحدهم أن يقوم بالدعاية المضادة أيضاً".
وأردف قائلاً "يخدم المرء سوريا عندما لا يترك الرأي العام في الخارج لأعداء البلاد"، حسب تعبيره.
ويقول نائب حزب "البديل" الذي يعمل لديه اللاجئ السوري الموالي للنظام إنه ليس لديه مشكلة فيما يفعله ألماسيان في وقت فراغه، طالما لا ينتهك القوانين.
ويقر السياسي الألماني المتطرف في مقابلته مع وسيلتي الإعلام المذكورتين بأن النظام السوري يرتكب انتهاكات لحقوق الانسان، لكن "الطرف الآخر" يفعل ذلك أيضاً، وهو ما لا يُنشر عنه في الغرب، بحسب زعمه. وهو كلام غير صحيح ولا يتوافق مع الواقع.
وينفي ألماسيان، الذي يملك قناة خاصة به على يوتيوب تدعى "سيريا أنالايسيس"، أن يكون على صلة مع "الحكومة" السورية أو مرتبطاً بأي نشاطات سياسية أو مشاريع.
وبالفعل، كلامه لا يختلف عن إعلام النظام
ويقول إنه ينتقد حزب البعث، ولكنه يستدرك قائلاً إنه ليس هناك من بدائل في المدى المنظور للاستقرار والأمان مع الأسد.
ويعتبر الباحث في العلوم السياسية في جامعة إرلانغن، كرستيان توسيلت إن كل ما يقوله ألماسيان يتوافق مع ما يمكن سماعه ورؤيته في القنوات الرسمية السورية ووسائل الإعلام المتحالفة مع "حكومة دمشق" بشكل عام.
ويضيف "إن من الغريب والمضحك قوله إن سوريا "دولة قانون"، مشيراً إلى أنهم متيقنون تماماً من أن هذه الحكومة قتلت ٦٨٠٠ شخص تحت التعذيب في السجن بين عامي ٢٠١١ و٢٠١٣.
الأسد أفضل للأقليات، وللبلاد كلها
ويقول ألماسيان إن الثورة لم تكن منذ البداية من قبل قوى ديمقراطية، وهو الأمر الذي جعله موضوعاً لرسالة الماجستير التي أنهاها في ألمانيا بعنوان "تشريح الثورة السورية".
وتقول القناة فيما يتعلق بسبب كراهيته للاجئين الآخرين، إن لألماسيان مهمة، مشيرة إلى أنه يمكن مشاهدة الدعاية الموالية للأسد على قناته على يوتيوب.
وتنقل عنه اقتباساً يقول فيه: "في رأيي الأسد ليس أفضل حل للأقليات فحسب، إنه الحل الأفضل لكل السوريين في هذه اللحظة. كل البدائل الأخرى أسوأ كثيراً من الرئيس الأسد".
لماذا غادر لبنان ولم يبحث عن الحماية في دمشق؟
وبحسب موقع "تيليكوم أونلاين"، بدأ ألماسيان، وهو من مدينة حلب، دراسة "الدبلوماسية والعلاقات الدولية" في جامعة القلمون الخاصة في العام ٢٠٠٥، وأكملها لاحقاً في لبنان في العام ٢٠١٠، وبعد بدء الحرب في سوريا، توجب عليه العمل بدوام كامل ليمول دراسته.
وأشار الموقع إلى ظهوره على قناة "المنار" التابعة لحزب الله اللبناني، وكتابته لصحيفة بذات التوجه.
وزعم اللاجئ السوري في حديثه مع الموقع أن شركة والده تعرضت للتدمير، وخُطف شقيقه المقيم حالياً في أرمينيا، وطُلب حينها منهم ١٢ ألف دولار لإطلاق سراحه.
وتساءل الباحث في العلوم السياسية توسيلت، لماذا بحثت عائلته بعدها عن الحماية في المهجر في لبنان وليس في دمشق.
وعن سبب مغادرته لبنان يقول اللاجئ لبرنامج "كونتراسته إن الأوضاع بالنسبة للسوريين ساءت هناك، وقيل له إن الوظائف التي تتطلب عمالة ماهرة كالتي يشغلها باتت تُعطى للبنانيين فقط، وأنه توجب عليه بعد ذلك مغادرة البلاد خلال أسبوعين.
شكوك كبيرة حول قانونية تقديمه اللجوء في ألمانيا.. ولكن الحزب يشجعه
ويلقب البرنامج الألماني ألماسيان بـ"الشاهد الملك لبروباغندا حزب البديل لألمانيا اليمينية"، المتناسب بشكل نموذجي لخط الحزب.
وقال البرنامج إن هناك شكوكاً كبيرة فيما إذا كان من الجائز في الأصل تقديمه اللجوء في ألمانيا، مشيراً إلى أنه كان يعمل ويدرس في بيروت حتى عام ٢٠١٥، وفقاً لحسابه على إنستغرام، قبل أن يسافر جواً في أكتوبر/تشرين الأول من ذاك العام إلى سويسرا، وهي دولة ثالثة آمنة.
وشارك هناك في مؤتمر، وأقام في فندق "موفنبيك"، من درجة فنادق رجال الأعمال، ما يعني أنه كان يتوجب عليه تقديم اللجوء هناك وفقاً لقواعد اتفاقية دبلن.
وتنص الاتفاقية المذكورة على أن الدولة التي أصدرت تأشيرة لشخص، هي المسؤولة عن التحقق من طلبه الحماية الدولية، وفي حالته سويسرا وليست ألمانيا، إلا أنه واصل السفر إلى ألمانيا وسكن في مراكز إيواء اللاجئين.
ويتحدث بشكل واضح لوسيلتي الإعلام عما فعله قائلاً "إنه ليس هناك إمكانية لتغيير تأشيرة الأعمال إلى رخصة عمل، لذا أخبرته السلطات بأنه يتوجب عليه تقديم اللجوء في البداية والحصول على الإقامة"، على حد زعمه.
ولكن الحقيقة أن سبب اختياره لألمانيا هو علاقته مع اليمين المتطرف بها
أما لماذا قدم اللجوء في ألمانيا، وليس في سويسرا، فيقر بأن سويسرا كانت آمنة، لكن كان عليه الاختيار بين ألمانيا والسويد وهولندا، وإنه يعتقد أن "النظام الموجود في ألمانيا وطريقة الحياة تناسبني".
وقال إنه جاء لألمانيا في البداية وشاهدها مدة ١٠ أيام، قبل أن يتخذ قرار تقديم اللجوء ليصبح قادراً على العمل.
وقالت قناة "RBB" إن هناك سبباً محدداً لرغبته في القدوم لألمانيا، وهي أنه كانت لديه صلات مع اليمينيين في ألمانيا قبل فترة طويلة من تقديم اللجوء، من بينهم البرلماني في حزب "البديل" فرونماير.
وزعم النائب فرونماير إن عائلة ألماسيان الأرمنية، المسيحية العقيدة، وقعت ضحية "العنف الإسلاموي"، وهكذا يصبح لديه الحق في اللجوء، لكنه لم يرد على سؤال حول السبب الذي لم يقدم لأجله طلب اللجوء في سويسرا كما تنص عليه القوانين.
الجنسية الألمانية مع إمكانية العودة لسوريا.. إنه يريد كل شيء
يقول ألماسيان "إنه في حال عمله عامين آخرين سيصبح من حقه تقديم طلب الحصول على الجنسية الألمانية".
وأضاف أنه بالكاد هناك مكان يمكن السفر عبر جواز السفر السوري إليه.
ويأمل قبل ذلك في الحصول على الإقامة الدائمة الصيف القادم، في حال تمكن من تجاوز فحص المرحلة الخامسة من اللغة "سي ١".
ويقول في المقابلة إن ٧٠٪ من سوريا باتت آمنة، وإنه يريد في وقت ما العودة، لإيصال خبراته التي تعلمها لألمانيا للآخرين، لكنه يريد الآن استيعاب المزيد وأخذ المزيد معه لموطنه، وخاصة ما يتعلمه من المجريات في البوندستاغ (البرلمان الألماني)، لكنه لا يفكر الآن في الأمر.
ويلاحظ موقع "تيليكوم" إن الازدراء والكراهية هي سمة الكثير من أقواله عن اللاجئين.
ويعمل ألماسيان، وفق ما أفصح، في مجال تحليل نشاطات وسائل التواصل الاجتماعي لدى النائب اليميني فرونماير.
ويؤكد أن ما يهمه في العمل هو أنه لا يعيش على المساعدات الحكومية.
كيف دافع عن نفسه بعد هذا الحوار الصادم؟
وبعد الصدى السيئ الذي حظيت به مقابلته مع وسيلتي الإعلام، كتب ألماسيان منشوراً على حسابه بموقع فيسبوك زعم فيه أن "جزءاً كبيراً من الكلام الذي نسبه له مجتزأ أو غير صحيح، وخاصة ما يدور في المجموعات العربية أنني دعوت لإعادة اللاجئين إلى سوريا".
ويقول "على العكس من ذلك، قلت أن هناك (تفاحاً جيداً وتفاحاً غير جيد)، وأن بعد سنوات من العيش في ألمانيا (5-10 سنوات) من الجيد أن ننقل خبراتنا إلى البلاد من أجل إعادة إعمار البشر قبل الحجر".
قد تسمعون عني الكثير في وسائل الإعلام الألمانية خلال هذه الأيام، ولكن أؤكد لكم أن جزء كبير من الكلام مجتزأ أو غير صحيح،…
Gepostet von Kevork Almassian am Freitag, 1. März 2019
وكشأن الحزب الذي يعمل معه "البديل"، الذي يعتبر نفسه دائماً ضحية لوسائل الإعلام السائدة.. قال ألماسيان: "يعتقد الإعلام الألماني الحكومي أنه ذكي وشاطر في القص واللصق، حسب تعبيره.
ويضيف "لكن ما لا يعرفونه أني أملك التسجيل الكامل للمقابلة ومدتها ساعة ونصف (عرضوا منها ٣٠ ثانية أو أقل). ولكن كل شيء بوقته حلو"، حسب تعبيره.
ويبدو أن الموظف في البوندستاغ ألماسيان لا يعرف أنه ليس هناك إعلام حكومي في ألمانيا، بل هي وسائل إعلام عامة، تعمل عبر اشتراك شهري يدفعه المواطنون.