“أنا هنا ولم أهرب”! .. الشرطة الجزائرية ترحّل نكاز “أحد منافسي بوتفليقة” من العاصمة إلى قريته

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/24 الساعة 07:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/24 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش

توجهت قوات الأمن الجزائرية نحو الناشط السياسي والراغب في الترشح للرئاسيات المقررة في 18 أبريل/نيسان 2019، رشيد نكاز وقامت الشرطة الجزائرية ترحّل نكاز من العاصمة إلى مسقط رأسه بقرية عين أمران بولاية الشلف على بعد من 300 كم غرب.

وكان نكاز بصدد استكمال عملية جمع توقيعات استمارات الترشح للرئاسة، أمام بلدية الجزائر الوسطى، حيث تجمَّع المئات من مؤيديه بساحة الأمير عبد القادر.

وهو ما تسبب في غلق الطريق أمام المارة واستنفار شرطة مكافحة الشغب.

وأشاد نكاز لدى وصوله إلى مقر البلدية، التي يرأسها عبد الحكيم بطاش، مدير الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في العاصمة، بالاستقبال الذي حظي به من طرف الأخير والتسهيلات التي منحها قصد التصديق على توقيعات المواطنين.

"أنا هنا ولم أهرب"

وفي خطوة كان الغرض منها الرد على بعض الأصوات التي قالت إن نكاز فرَّ إلى إسبانيا، عشية مسيرات الجمعة 22 فبراير/شباط 2019، حيث سافر إلى مدينة أليكانت- أعلن نكاز لمؤيديه على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أنه سيكون موجوداً بوسط العاصمة من الساعة الواحدة إلى الرابعة بعد الزوال.

وفور وصوله إلى ساحة الأمير عبد القادر المقابلة لمقر البلدية، تجمَّع المئات من أنصاره، الذين هتفوا باسمه قائلين: "الله أكبر.. رشيد نكاز".

وفي فيديو مباشر من داخل مبنى المؤسسة العمومية، قال نكاز: "أشكر كثيراً رئيس بلدية الجزائر الوسطى، الذي استقبلنا بشكل لائق، كما أيضاً كل رجال الأمن".

وتابع قائلاً: "اليوم أستطيع القول إننا أصبحنا دولة ديمقراطية".

وطلب منه عبد الحكيم بطاش، رئيس البلدية ومدير حملة بوتفليقة في العاصمة، بتنظيم الشباب الموجود في الخارج، حتى تتم عملية جمع التوقيعات بسلاسة.

لكنَّ تواصل تجمُّع الشباب المؤيد للمرشح المثير للجدل، بشارع العربي بن مهيدي، أخرج الأمور عن نطاقها، حيث تحولت الأمور إلى وقفة ضد ترشح عبد العزيز بوتفليقة،.

ويظهر ذلك من خلال شعارات "جمهورية ماشي (ليس) مملكة".

نكاز رشيد اليوم بالعاصمة

Gepostet von Dahman Nekkaz am Samstag, 23. Februar 2019

استنفار قوات الأمن

وفي حدود الساعة الثالثة بعد الزوال، عادت مروحيات الأمن الوطني للتحليق مجدداً في سماء العاصمة، لمراقبة الوضع بساحة الأمير عبد القادر.

كما أُرسلت تعزيزات أمنية إلى محيط رئاسة الجمهورية.

وتحركت قوات مكافحة الشغب باتجاه مقر بلدية الجزائر الوسطى، لتطويق المحتشدين في المكان، قبل أن يخرج أعوان يرتدون الزي المدني رشيد نكاز من وسط المتجمهرين، ليقتادوه إلى خارج العاصمة.

الشرطة الجزائرية ترحّل نكاز

وتحدثت عدة مصادر، من المكان عينه، عن اعتقال قوات الأمن رشيد نكاز،  ليوضح مدير حملته الانتخابية، لطفي دراجي، في فيديو بث على الصفحة الرسمية للمترشح، أن "الشرطة رحّلت نكاز إلى عين أمران بولاية الشلف، مسقط رأسه".

وقال المتحدث: "نحن في مرحلة قانونية تتعلق بجمع الاستمارات، مثلما ينص عليه القانون، وشاهدتهم التفاف الناس حولنا وكيف رفعونا فوق الأكتاف، لكن عناصر الشرطة الجزائرية قاموا بطريقة غير قانونية وغير شرعية بأخذه مباشرة إلى قريته عين أمران".

وأعلن لطفي دراجي أن "جولة نكاز المقررة الأحد 24 فبراير/شباط 2019، إلى ولاية تيزي وزو وولايات أخرى تم إلغاؤها".

 زاد من شعبيته

وكانت عملية جمع توقيعات استمارات الترشح تسير بشكل عادي مع رشيد نكاز، إلى غاية وصوله إلى ولاية خنشلة، حيث تسبب منشور لرئيس البلدية.

أكد فيه "غلقه البلدية في وجه نكاز، ورفع صورة الرئيس بوتفليقة"، في استفزاز مئات الشباب الذين تجمهروا أمام مقر البلدية وأنزلوا صورة بوتفليقة وداسوا عليها بالأقدام.

الحادثة دفعت والي الولاية إلى توقيف رئيس البلدية عن أداء مهامه.

ولم يشفع للأخير إصداره منشوراً يدَّعي فيه قرصنة صفحته على فيسبوك.

وحاز رشيد نكاز من يومها تضامناً شعبياً واسعاً، جعل المئات يخرجون لاستقباله في عنابة، وقسنطينة، وميلة، وسكيكدة، وسبَّب له التدافع إغماءات متتالية.

استثمر في مواقع التواصل

ووضع نكاز، منصب الرئاسة نصب عينيه سنة 2014، حينما اكتشفه الرأي العام يومها باعتباره جزائرياً مزدوج الجنسية، ورجل أعمال نشأ وترعرع في فرنسا، يريد أن ينافس بوتفليقة.

واشتهر الرجل بحادثة سرقة استماراته عندما كان قادماً إلى تقديم ملف ترشحه بالمجلس الدستوري في العاصمة، واتهمت أطراف عديدة نكاز باختلاق قصة السرقة بعدما فشل في الحصول على التوقيعات اللازمة (60 ألف توقيع).

وفتحت الشرطة تحقيقاً أمنياً في الحادثة، لم تظهر نتيجته إلى غاية اليوم.

ويتخذ رجل الأعمال من صفحته الرسمية على فيسبوك منبراً للتواصل مع متابعيه من خلال تقنية البث المباشر، حيث يُطلعهم على نشاطاته في فرنسا، سواء تعلق الأمر بدفع غرامات المنتقبات أو إظهار شقق المسؤولين الجزائريين وأبنائهم في البلدان الأوروبية.

لن يُقبَل ملفه

الإصرار الكبير الذي يُظهره رشيد نكاز في جمع التوقيعات لخوض معركة الرئاسيات، يقابله احتمال ضئيل جداً في قبول المجلس الدستوري ملفه، لأسباب تتعلق بالتجنس وجنسية زوجته.

ويقول نكاز إنه حصل على ضمانات من المجلس الدستوري بأنه مطالَب فقط بالحصول على التوقيعات القانونية التي تناهز 60 ألف توقيع.

غير أن الدستور الجزائري، المعدل سنة 2016، يشترط في مادته الـ87 أن يكون الراغب في الترشح "لم يتجنس بجنسية أجنبية، وأن يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط، ويثبت الجنسية الأصلية للأب والأم".

ويضيف أيضاً نص المادة "أن يُثبت أن زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط، وأن يُثبت إقامة دائمة بالجزائر مدة 10 سنوات على الأقل عند إيداع ملف الترشح".

وأوضح الخبير في القانون الدستوري خالد شبلي لـ "عربي بوست"، أن المؤسس الدستوري الجزائري، ولأسباب ودواعٍ موضوعية، شدد في هذه الشروط  بالمقارنة مع الدساتير الأجنبية، حيث يُشترط في الجزائر بالنسبة للمترشح "عدم "التجنس بجنسية أجنبية" من قبلُ، وأن يثبت كذلك "الجنسية الجزائرية الأصلية للأب والأم".

وأضاف شبلي: "أما بالنسبة لزوج المترشح، فبعدما كان يُشترط فقط الجنسية، (مكتسبة) كانت أو (أصلية)، أصبح الآن شرط أن يكون جنسية أصلية فقط.

بمعنى أن الإجراء يستثني من سبق له التجنس بالجنسية الأجنبية حتى لو تنازل عنها، مثلما فعل نكاز سنة 2014″.

وكان رئيس مجلس الشورى لحزب العدالة والتنمية المعارض قد صرح بأن "نكاز لم يُدع إلى اجتماع المعارضة، لأن ملفه لن يُقبَل؛ على اعتبار أن زوجته فرنسية"، ويدَّعي نكاز أن له زوجة واحدة، أمريكية، وتزوج بها عرفياً دون عقد موثق، أي إنه "أعزب" وفقاً للقانون الجزائري.

ما قصة برنامجه الانتخابي؟

في المقابل، أجمع أغلب المتابعين على أن رشيد نكاز بات ظاهرة حقيقية في الانتخابات الجاري التحضير لها، حيث استطاع استقطاب المئات من الشباب المؤيد له، في حين يعاب عليه أنه لا يملك برنامجاً جدياً.

وفي السياق، أفاد الصحفي حسان جبريل لـ "عربي بوست"، بأن "نكاز مهرج سياسي، يستطيع جمع الناس من حوله، لكننا لا نعرف شيئاً عن برنامجه".

ليضيف: "جميلٌ استقطاب الناس، لكن الرئاسة ليست لعبة، ولا بد من برنامج قوي وجاد، وهو ما لا نعرفه عند نكاز".

اتفقوا على كل شيء إلا أهم شيء.. المعارضة الجزائرية تخفق في التوصل لمرشح توافقي، وتلوم بوتفليقة على ذلك

 

تحميل المزيد