أمر بقتل المئات وانتقد ليونة الأسد.. مهما ضغط الألمان، لبنان لن يسلمهم اللواء السوري جميل حسن

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/19 الساعة 18:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/20 الساعة 08:22 بتوقيت غرينتش

"إنه حتى أكثر قسوة من الأسد"، يبدو هذا هو التوصيف الذي ينطبق على اللواء جميل حسن رئيس المخابرات الجوية السورية الذي فاجأت ألمانيا لبنان بطلب تسليمه له بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

فبعد أيام من اعتقال السلطات الألمانية سوريين كانا يعملان سابقاً في الأجهزة الأمنية لدى النظام، قال موقع شبيغل أونلاين الأحد 18 فبراير/شباط إنه حصل على معلومات تفيد بأن ألمانيا أقدمت على أول خطوة دبلوماسية رسمية في سعيها للوصول إلى مسؤول كبير في استخبارات النظام السوري، هو اللواء جميل حسن.

جميل حسن جنرال وحشي على نحو خاص حتى بمعايير سوريا.. لماذا ذهب للبنان؟

ووصف الموقع الألماني جميل حسن، بأنه يعد وحشياً على نحو خاص، حتى وفقاً للمقاييس في سوريا.

ويعتقد أن جميل حسن انتقل إلى لبنان من أجل العلاج.

وهو متهم في ألمانيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي دفع السلطات الألمانية لمطالبة بيروت بتسليمه.

وذكر الموقع أن المحققين الألمان حصلوا مؤخراً على معلومات تفيد بأن جميل حسن دخل لبنان بقصد الخضوع لعلاج، وأن دوائر أمنية قالت على هامش مؤتمر ميونيخ الأمني الجاري إن جميل حسن يسافر كشأن أعضاء النظام الآخرين بصورة متكررة إلى لبنان.

لن يتم تسليمه، فهناك من يحميه حتى لو كان في بيروت

وأوضحت الدوائر الأمنية المذكورة أن الهدف من طلب التسليم هو من جانب تقييد مجال حركة حسن، وممارسة الضغط على لبنان من جانب آخر.

 وأشار الموقع إلى أن فرص سجن السلطات اللبنانية لحسن وتسليمه لألمانيا ضئيلة، بسبب دور حزب الله الحاسم في هيكلية السلطة في لبنان، ولا سيما وأن الحزب حليف هام لنظام الأسد.

ورغم أن رئيس الوزراء الحالي سعد الحريري هو معاد بصورة تقليدية لسوريا، إلا أنه لن يخاطر بتهشيم التسوية الهشة التي مكنته بتشكيل الحكومة عبر محاولة تسلم جميل حسن.

حزب الله لديه وزيران فقط في الحكومة إلا أنه يقود تحالفاً مؤثراً أوصل الرئيس ميشال عون لسدة الحكم، كما يتمتع الحزب بنفوذ قوي على الأجهزة الأمنية.

وينظر لحزب الله أنه قد أقوى قوة عسكرية في البلاد، وأحياناً أقوى حتى من الجيش اللبناني نفسه.

وكان المدعي العام الاتحادي الألماني، بيتر فرانك، قد أصدر مذكرة توقيف دولية بح جميل الحسن، الصيف الماضي، متهماً إياه بارتكاب جرائم ضد البشرية.

ولكن بأي صفة تطارده ألمانيا؟

وأوضح موقع شبيغل أونلاين أن "حسن" مسؤول عن عدد كبير من الجرائم، والتعذيب الممنهج والوحشي في سجون المخابرات الجوية.

وفشلت مراراً محاولات ملاحقة أعضاء في نظام الأسد قضائياً لأن سوريا ليست من الدول الموقعة على معاهدة روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

جميل حسن طالب بسحق المعارضة منذ البداية/مواقع التواصل الاجتماعي
جميل حسن طالب بسحق المعارضة منذ البداية/مواقع التواصل الاجتماعي

 وكانت روسيا قد استخدمت "الفيتو" في أيار/مايو 2014 لمنع صدور قرار أممي يحيل ملف النظام السوري إلى الجنائية الدولية.

إلا أن فرنسا وألمانيا فتحتا تحقيقات ضد مسؤولي نظام الأسد الأمنيين. ويتحرك الادعاء العام الاتحادي الألماني وفقاً لمبدأ الولاية القضائية العالمية.

ويمكن هذا المبدأ المدعين العامين الجنائيين التحقيق في الجرائم التي تقع خارج البلاد حتى لو لم يكن مواطنون مشتركين فيها.

وهل لديهم أدلة على جرائمه؟

واستندت إجراءات التحقيق لدى الادعاء العام الاتحادي والمكتب الجنائي الاتحادي على صور هربها مصور عسكري منشق يُعرف باسم "سيزر"، وشهادات شهود آخرين نجوا من التعذيب في الاستخبارات الجوية.

 وتشير معلومات "شبيغل" إلى أن الادعاء العام الاتحادي يحقق ضد قرابة ٢٤ من أعضاء النظام السابقين.

 وأصدرت فرنسا في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي مذكرات توقيف دولية بحق مسؤولين كبار في استخبارات النظام في قضية تتعلق بمقتل فرنسيين-سوريين اثنين، متهمين بـ "التواطؤ في أعمال تعذيب" و"التواطؤ في جرائم ضد الانسانية" و"التواطؤ في جرائم حرب"، هم رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك واللواء جميل حسن، واللواء عبدالسلام محمود المكلف فرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية بسجن المزة العسكري في دمشق.

ولكن لماذا هو مختلف عن بقية قادة النظام؟  

يعد الحسن من أبرز المستشارين المقربين لبشار الأسد.

 وكان يخدم قبل ذلك لدى الأب حافظ، وهو واحد من أقوى أصحاب النفوذ في سوريا ويترأس الاستخبارات الجوية منذ العام 2009.

ويكتسب هذا الجهاز أهمية خاصة في الأجهزة الأمنية بالنظر إلى أن حافظ الأسد هو نفسه كان ينتمي للقوات الجوية.

وقد رفض أسلوب معالجة الاحتجاجات في البداية

والحسن كان أحد أعضاء "خلية الأزمة" و"مكتب الأمن الوطني"، وعمل منذ بداية اندلاع الثورة في سوريا على قمع الاحتجاجات بوحشية.

وتورط جهاز المخابرات الجوية بقيادة الحسن في تعذيب المعتقلين.

وبحسب دير شبيغل، فإنه في الفترة بين ربيع عام 2011 وصيف عام 2013، قام عناصر من المخابرات الجوية بضرب واغتصاب وقتل المئات من الناس على الأقل، مشيرةً أنه يفترض أن الحسن كان يأمر بذلك أو يتوجب أن يكون يعرف بارتكاب هذه الفظائع.

إذ أنه اعتبر أن العنف الذي مارسه الأسد غير كاف

وعلى الرغم من قتل مئات آلاف المدنيين واعتقال عشرات الآلاف في سجون النظام بسوريا، إلا أن الحسن لم يعجبه مستوى العنف الذي مارسه الأسد ضد المتظاهرين.

 وكان الحسن قال في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، إن ردة الفعل على الاحتجاجات التي اندلعت في 2011 كان يجب أن تكون مماثلة لتلك التي طبقها النظام في حماه عام 1982، حيث قُتل خلال أيام عشرات الآلاف من المدنيين.

وأدى ذلك إلى إنهاء تمرد قاده الإخوان المسلمين آنذاك.

ويؤيد سحق المعارضة، واستشهد بالنموذج الصيني

واستشهد الحسن في مثال على ذلك بحادثة أخرى، في ساحة الطلاب في الصين الذين كانوا يتظاهرون ضد السلطات، وقال: "لو لم تحسم الدولة الصينية فوضى الطلاب لضاعت الصين وضيعها الغرب".

 ووقعت أحداث ساحة الطلاب في الصين أو ما تعرف بـ"ساحة تيانانمين" في العام 1989،وأخمدت السلطات آنذاك الاحتجاجات بطريقة وحشية، حيث هاجمت الدبابات مكان تجمع المتظاهرين ودهستهم.

وتشير تقديرات إلى أنه قتل في هذه الحادثة 10 آلاف شخص، وفقاً لما كشفته وثائق بريطانية.

والأهم أنه صاحب فكرة البراميل المتفجرة

أكد الحسن على فكرة "السحق العسكري" للمعارضين لنظام الأسد، في مقابلة مع صحيفة The Independent في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وقال فيها إنه "مستعد لمواصلة عمله في سوريا حتى وإن سيق إلى محكمة الجنايات الدولية".

 وتُنسب إلى الحسن المسؤولية عن فكرة قصف السوريين بالبراميل المتفجرة، وهو ما أشار إليه المحلل اللبناني الموالي للنظام في سوريا، ميخائيل عوض.

إذ قال عوض في مقابلة تلفزيونية إنه يوجه تحية إلى الحسن لما له من "دور في صنع البراميل المتفجرة التي أخذ بها الأسد بعد نصيحة منه".

واعتبر أنها "كانت أكثر فعالية من الصواريخ المجنحة، وأقل كلفة".

وقال عوض في برنامج بُث على الفضائية السورية إنّ "استخدام هذه البراميل، وفر على خزينة النظام ملايين الدولارات، حيث كلفة البرميل الواحد لا تتجاوز 150 دولاراً بينما كلفة كل صاروخ موجه هي 500 ألف دولار".

وأكد المحلل الذي زعم معرفته بالعلوم العسكرية أن "استخدام هذه البراميل كان اختراعاً فعالاً جداً، وكان له نتائج إيجابية" ووجه خلال لقائه "تحية لمسؤولي النظام على هذا الاختراع الفريد".

تحميل المزيد