خمسة جيوش تتأهب لاقتحام الخرطوم عنوة.. بهذه الكلمات حذَّر مدير المخابرات السوداني من السيناريو الذي ينتظر البلاد.
وقد اتهم الفريق أول صلاح عبدالله قوش، المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، قوى اليسار، بالسعي لتسلم السلطة لتطبيق مشروع السودان الجديد.
وكشف عبدالله في تصريحات نقلها المركز السوداني للخدمات الصحفية، عما سمَّاه بـ "مخطط تقوده بعض القوى الشريرة" لإحداث الفوضى الشاملة، وفقا لما نقلته عنه وكالة سبوتنيك الروسية.
خمسة جيوش تتأهب لاقتحام الخرطوم في خضم الفوضى
وقال مدير المخابرات، خلال مخاطبته حفل تخريج الدفعة "42" من ضباط الجهاز، الأربعاء 30 يونيو/حزيران 2019: "هناك خمسة جيوش تتأهب لاقتحام الخرطوم وتنتظر ساعة الصفر لتتقدّم نحوها، بعد إشغالها بالفوضى وأعمال السلب والقتل، وذلك حتى لا تجد من يقاومها".
وقال مدير المخابرات السوداني إن "دخول القوى الشريرة إلى الاحتجاجات ومحاولة توظيفها فتح الباب للتخريب والفوضى، تبع ذلك تداعيات مؤلمة.
وترحَّم قوش على ضحايا الأحداث الأخيرة في السودان، داعياً بالشفاء العاجل للمصابين".
#Sudan: protesters marching against the regime in the Burri district of #Khartoum.#مدن_السودان_تنتفض#موكب31يناير#تسقط_بس pic.twitter.com/XEvpJST3PC
— Thomas van Linge (@ThomasVLinge) January 31, 2019
وهؤلاء مَن يحشدون هذه الجيوش
واتهم قوش اليسار والحركات المتمردة بالسعي لتسلم السلطة، لبدء العهد الذي انتظروه طويلاً وتطبيق مشروع السودان الجديد، مشيراً إلى ارتباط مصالح بعض القوى السياسية (لم يسمها) بالدوائر الخارجية، ومحاولة الهجرة اليومية إلى سفاراتها.
وتابع: "إننا نرصد كل ذلك ومحاولة بنائهم أرضية للخنوع للقوى الخارجية والتبعية لها، مما يدفع باتجاه سلب القرار الوطني وإرادته الحرة".
ومنذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، يشهد السودان احتجاجات منددة بالغلاء، ومطالِبة بتنحي الرئيس عمر البشير، صاحَبتها أعمال عنف أسفرت عن سقوط 30 قتيلاً وفق آخر إحصائية حكومية.
وشدَّد قوش على أن استقرار السودان يتحقّق بالشرعية التي ترتبط باختيارات الشعب، وليس بالهتاف والتظاهر.
وأشار إلى أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى قد حسمت خياراتها إلى جانب اختيارات الشعب المستندة لصندوق الاقتراع.
وتعهَّد مدير المخابرات بمواصلة الحوار مع الشباب، بمختلف توجهاتهم وآرائهم للوصول إلى مشتركات وأفكار، وصولاً إلى حلول.
التنظيم الغامض الذي يقود الاحتجاجات
ويلتف السودانيون حول تجمع سوداني سري أطلق على نفسه "تجمع المهنيين السودانيين" الذي يوجه الاحتجاجات.
ويحسب للتجمع أنه حوّل احتجاجات عنيفة غذتها طوابير أزمة الخبز والوقود والنقود، وصاحَبها حرق لمقارّ حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إلى تظاهرات سلمية ذات بعد سياسي، هدفها تنحي الرئيس عمر البشير، الذي يحكم البلاد منذ ثلاثة عقود.
ورغم أن قادته أغلبهم مجهولون، إلا أن جزءاً من ثقة المحتجين به نابعة من أن كل أصحاب مهنة يعرفون قياداتهم في اللجان المكونة للتجمع.
وقال محمد الأسباط، أحد متحدثي التجمع المقيم في باريس، إن "حفاظ التجمع على السلمية والتواصل الناعم هو سبب الالتفاف الجماهيري حوله".
وهل هو مجرد واجهة لليسار حقاً؟
ويعمد مسؤولو الحكومة إلى إلباس تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الاحتجاجات عباءة حمراء، بالقول إن الشيوعيين واليساريين يسيطرون عليه.
إلا أن الاتهام يبدو بلا أساس مع تزايد التأكيدات بأن أبناء وبنات التيار الإسلامي هم ضمن حراك الشارع، حسب موقع الجزيرة.
حتى إن القيادي بحزب المؤتمر الشعبي عمار السجاد فنَّد ما ذهب إليه مدير جهاز الأمن صلاح قوش، بأن قلة من الشيوعيين يحركون الاحتجاجات، مؤكداً أن نحو 260 من بين أكثر من 800 معتقل كانوا أبناء وبنات رموز في المؤتمر الوطني.
أجندة سياسية
ولا يرى أنصار الحكومة في تجمع المهنيين أكثر من واجهة ذات أجندة سياسية، بحسب ما يقول رئيس القطاع السياسي بأمانة الشباب في حزب المؤتمر الوطني فضل الله رابح.
ويرى رابح "أن الدعوات الصادرة عن تجمع المهنيين غير شرعية، لأنه كيان غير مستقل ومنحاز لأطراف سياسية".
ويحذر رابح من أن نهج التجمع لا يتسق مع البيئة التي تخدم الاستقرار والمحافظة على الكيانات المهنية، بعيداً عن زجّها في صراعات سياسية تجعلها في مواجهة مع الأجهزة المختصة، وتضعها تحت طائلة إجراءات استثنائية.
هل سيشكل تجمع المهنيين السودانيين حزباً؟
نفى المصطفى، وهو عضو الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة، وجود نية لتحويل التجمع إلى كيان سياسي، حسبما نقل عنه موقع قناة الحرة الأمريكية.
وقال: "ليس هناك تفكير في تحويل الكيان المهني لحزب سياسي أو كيان سياسي، خصوصاً أن لدينا العديد من المهنيين هم بالفعل أعضاء في أحزاب سياسية".
بدوره، يقول الأسباط، إن التجمع "نجح في جذب قوى المعارضة الرئيسية في البلاد، الإجماع، ونداء السودان، لتلتف حوله وتوقع معه ميثاق الحرية والتغيير، مطلع شهر يناير/كانون الثاني 2019".
وأضاف: "اليوم انضمّ إلى الميثاق 19 تنظيماً وحركة ومؤسسة من سياسية إلى شبابية إلى فئوية، ويهدف إلى إسقاط النظام وإقامة الديمقراطية".
وقد أعلن الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة المعارض، في خطبة الجمعة، بحضور مئات من مناصريه "نؤيد هذا الحراك الشعبي، وندعمه".
وأضاف المهدي أن أهم مطالب هذا الحراك الشعبي هي "أن هذا النظام يجب أن يرحل وتحل محله حكومة انتقالية".