تصاعدت قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، بعد إقرار الحكومة التونسية قانون الإرث والذي يتضمن المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، وإعلان أحد علماء الأزهر دعمه القانون، وتصريحه بأنه لا مخالفة شرعية فيه.
الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قال في مداخلة هاتفية لبرنامج "الحكاية"، المذاع على قناة "MBC مصر"، مع الإعلامي عمرو أديب، إن قرار تونس المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة صحيح فقهياً، ولا يتعارض مع كلام الله.
وقال ضمن فتواه إن "الميراث مسألة حقوق، وليست واجبات مثل الصلاة والصوم"، مؤكداً أن "مسألة الحقوق يكون للناس الحق في التعامل بها كيفما يرون".
مفتي الجمهورية يرفض فتوى الهلالي
هذه الفتوى دفعت الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إلى الرد على الهلالي، قائلاً إن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية وإجماع العلماء على مر العصور، فيما يتعلق بالنصوص التي فرضت استحقاق الرجل مثل حظ الأنثيَين، لكون تقسيم الميراث في هذه الحالات قد حُسِمَ بآيات قطعية الثبوت والدلالة.
وقال مفتي الجمهورية، في بيان إعلامي، إنه لا اجتهاد في النصوص قطعية الدلالة قطعية الثبوت، بدعوى تغيُّر السياق الثقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن مثلما يدعي البعض، إذ إن تلك النصوص المقطوع بدلالتها وثبوتها تُعد من ثوابت الشريعة، فالقرآن الكريم قطعيُّ الثبوت من ناحية آياته، وهو يشمل آيات كثيرة دَلالتها قطعية لا شك فيها، ولا تحتمل ألفاظها إلا معنى واحداً ينبغي أن تُحملَ عليه، والاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام.
جامعة الأزهر تبحث مصير "الهلالي"
المتحدث باسم جامعة الأزهر، الدكتور أحمد زارع، كشف أيضاً في تصريح له، أن "رأي الهلالي لا يمثل موقف جامعة الأزهر من قريب أو بعيد، بل يمثل شخصه فقط"، مؤكداً أن "ما قاله يخالف نص القرآن ومنهج الأزهر".
وتابع "زارع" أن "مجلس جامعة الأزهر يبحث الموقف مما قاله الدكتور الهلالي، الذي لا يمثلنا في شيء، وسيتم الرد عليه".
الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، علق أيضاً على فتوى سعد الدين الهلالي، رافضاً ما ذهب إليه، وقال إن الهلالي لديه مشكلة منهجية في طريقة عرضه الآراء، مشيراً إلى أنه يتكلم في شيء يعارض أولُه آخرَه.
وعلَّق "جمعة"، خلال لقائه على فضائية "سي بي سي"، على حديث "الهلالي" بأن مصر ستطبق قانون المساواة بين الرجل والمرأة بعد 30 سنة، قائلاً: "بعد الشر، مصر مش هتعمل كدا بعد 30 سنة.. دعاوى تقليد تونس تكررت كثيراً، وأقول لهم: مصر قائدة العالم الإسلامي".
وتابع مفتي الجمهورية السابق: "الثقل العربي والإسلامي يأبى أن تقلد مصر دولة تونس، لدينا دراسات وهيئات تدرس جيداً دون توجُّه أو تحيُّز لمذهب معين خارج نطاق الحضارة الإسلامية".
كان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قد صرح في وقت سابق من العام الجاري (2018)، تعليقاً على قضية المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، قائلاً "مما يُؤكِّده الأزهر، انطلاقاً من هذه المسؤولية، أنَّ النصوصَ الشرعية منها ما يقبل الاجتهاد الصادر من أهل الاختصاص الدقيق في علوم الشريعة، ومنها ما لا يقبل، والنصوص إذا كانت قطعية الثبوت والدلالة معاً، فإنها لا تحتمل الاجتهاد، مثل آيات المواريث الواردة في القرآن الكريم، والنصوص الصريحة المنظِّمة لبعض أحكام الأسرة؛ فإنها أحكام ثابتة بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة بلا ريب، فلا مجال فيها لإعمال الاجتهاد".