قال مصدر في مكتب المدعي العام التركي لقناة الجزيرة، الخميس 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إن أجهزة الأمن التركية عثرت في بيت القنصل السعودي في إسطنبول على مواد كيميائية، ويرجح أن جثة فريق الاغتيال المكلف بقتل جمال خاشقجي قام بإذابته باستخدام حامض الهيدروفلوريك.
وأكدت المصادر أن النتائج التي توصلت إليها أجهزة الأمن حول مصير جثة خاشقجي تفيد بأنه تم محوها بالكامل.
وكان النائب العام التركي قد أكد في أول تصريح له قبل أسبوع أن الفريق الذي قام باغتيال خاشقجي قام بالتخلص من جثته بعد العملية مباشرة، دون أن يكشف أي تفاصيل أخرى عن طريقة تعاملهم معها.
وقالت المصادر التركية إن "القتلة تعاملوا مع جثة خاشقجي وأذابوها بالأحماض داخل إحدى غرف منزل القنصل السعودي".
وأضافت أنه تم العثور على عينات من الأسيد والمواد الكيميائية في البئر الموجودة في بيت القنصل السعودي، وأماكن أخرى مثل مياه الصرف الصحي في المنطقة.
وقالت المصادر إن الحمض هو الهيدروفلوريك، وفيما يلي كل ما تحتاج معرفته عن الحمض الذي يُذيب الأنسجة البشرية (جزيئاً) رغم أنه يعتبر حمضاً ضعيفاً.
الهيدروفلوريك يذيب الحديد والبشر ولا يؤثر في البلاستيك!
"حامض الهيدروفلوريك لن يأكل البلاستيك. ومع ذلك، سوف يذيب المعدن، الصخور، الزجاج، السيراميك. لذلك نستخدمه، وسيقوم بإذابة الجسد البشري".
― واتر وايت في المسلسل Breaking bad.
حمض الهيدروفلوريك (HF) هو محلول فلوريد الهيدروجين المذاب في الماء. وهو حمض عالي التآكل، قادر على إذابة العديد من المواد، خاصة الأكاسيد. بسبب تفاعله العالي تجاه الزجاج والتفاعل المعتدل تجاه العديد من المعادن، عادة ما يتم تخزين حمض الهيدروفلوريك في حاويات بلاستيكية، ومع ذلك، فإنه لا يعتبر حمضاً "قوياً" لأنه لا ينفصل تماماً في الماء، ومع ذلك يقوم بتدمير الأنسجة البشرية وإذابتها جزئياً، مثل ما حدث في هذه الجريمة:
لكن الجريمة ستفصح عن نفسها
هناك أسباب مختلفة يقول خبراء الطب الشرعي إنها تسهم في كشف جرائم القتل المصحوبة بالإذابة بالحمض، فالأحماض مثل الهيدروفلوريك والكبريتيك لا تذيب الجسد بالكامل ولكن تقوم بعملية "تدمير جزئي" تترك آثاراً واضحة من العظام والأظافر وحتى الأنسجة العضلية، ويمكن تحليل المواد المتبقية وكشفها من قبل خبراء الطب الشرعي.
كما أن مستلزمات هذه العملية يمكن رصدها من خلال تتبع المواد الكيميائية والتحقق من الذين قاموا بشرائها من المتاجر والتوصل إليهم، كما أن الأحماض نفسها تظهر في مسرح الجريمة ويمكن اكتشاف عيناتها بسهولة.
إذن، ماذا حدث في المسلسل الشهير Breaking bad؟
واتر وايت هو مُعلّم كيمياء في مدرسة ثانوية يعاني من مرض خطير ويحتاج إلى كسب المال لعائلته. وقد قام بالتحول إلى صناعة المخدر الخطير الميتامفيتامين، لكنه يدخل في صراع مع رجال العصابات ويتخلص منهم ويريد التخلص من الجثث فيستفيد من خبرته بالكيمياء في تنفيذ العملية.
يعرف والتر أن حمضاً مثل حمض الهيدروفلوريك (HF) سيكون قادراً على إذابة الجسيمات لأنه يمكن أن يدمر الأنسجة ويزيل الكلس، لذلك يسرق بضع زجاجات كبيرة من الهيدروفلوروكربون من مخازن المواد الكيميائية في مدرسته الثانوية. ويخبر رفيقه جيسي بأنهم بحاجة إلى توخي الحذر بشأن نوع الحاوية التي يستخدمونها لوضع الجثث؛ إذ تتفاعل المادة الحمضية مع المعادن وبعض أنواع البلاستيك وحتى الزجاج. يرسل جيسي إلى متجر الأجهزة المحلية للعثور على شيء مناسب.
يختبئ جيسي خلف أرفف المتاجر ويجلس في صناديق بلاستيكية. يضع جيسي أول جسم في حمامه المنزلي، وفي حين يرتدي القفازات وقناع الوجه، يضيف الحمض. عندما يلتقي الاثنان التاليان في نهاية اليوم، فإن الحامض يكون أكل من خلال الجزء السفلي من الحمام ويحطم ألواح الأرضية أيضاً، فتفرج عن كل المحتويات المروّعة بما فيها الجسد المتحلل في الممر تحته! (يمكنك مشاهدة المقطع هنا، لكن احذر مشاهد صادمة).
وهذا ليس كل شيء، فهناك:
أخبار سيئة لرجال المافيا
إنه يوم حزين بالنسبة لرجال المافيا، فحادثة خاشقجي تبين أنه لا يمكن أن تتحلل جثة خلال دقائق من خلال غمسها في حامض الكبريتيك أو حتى حامض الهيدروفلوريك. إذا لم يكن ذلك سيئاً بما فيه الكفاية، فقد أظهر العلماء أيضاً أنه حتى في حالة الانتظار لأيام، لا يمكن للحامض وحده تدمير "الدليل" بالكامل.
وعلماء الطب الشرعي لديهم طريقتهم الخاصة، وهي عبر ملاحظة كيفية تدمير تلك المواد للأنسجة الناعمة والشعر والأظافر والأسنان والعظام. لا يجذب هذا الأمر فقط اهتمام العروض التلفزيونية محطِّمة الأساطير، مثل Breaking Bad، التي استخدم أبطالها حمض الهيدروفلوريك للتخلص من جثة، بل يصبُّ أيضاً في صالح أغراض عملية مثل الدراسة المتأنية للطريقة التي يحاول بها القتلة إخفاء آثارهم، حسب ريتشيل بركس أستاذة مساعدة في الكيمياء بجامعة سان إدوارد
تمتلئ سجلات الجريمة بحكايات مرعبة عن استخدام المواد الكيماوية للتخلص من الجثث. وفي منتصف أربعينيات القرن الماضي إلى أواخرها، قام واحد من أشهر القتلة سيِّئي السمعة في إنكلترا، وهو جون هيغ، باستخدام حمض الكبريتيك للتخلص من جثث 6 ضحايا على الأقل، وهي الطريقة التي جعلته يسمّى "قاتل الحمّام الحمضي".
وكانت منظمة أريلانو فيلكس -وهي عصابة حقيقية استلهم فيلم Traffic الصادر عام 2000 قصتها- قد استخدمت هيدروكسيد الصوديوم (الصودا الكاوية) للتخلص من جثث منافسين لها.
في اجتماع للأكاديمية الأميركية لعلوم الطب الشرعي، شرح الباحثون رغبتهم في معرفة ما إذا كانت ادعاءات المافيا حول فعالية الأحماض في إذابة الجثث صحيحة. وكما قال الباحثون الشرعيون لمجلة ساينس نيوز، يقدم مخبرو المافيا بعض الادعاءات الكبيرة، مثل: "نضع الناس في الحامض. في 15 و20 دقيقة ثم يصبحون سائلاً".
ومن أجل اختبار هذه الفكرة، وضع العلماء قطعاً من جثث الخنازير في أوعية حامض الكبريتيك، واكتشفوا أن الأمر استغرق عدة أيام لحل الجسد. ومع ذلك، لاحظوا فرقاً عندما أضافوا الماء إلى حامض الكبريتيك: في هذه الحالة، استغرق الأمر 12 ساعة فقط حتى تنكسر العضلات والغضاريف. وبحلول اليوم الثاني، حتى العظام تحولت إلى غبار. لكن وفقاً لعلوم الأخبار، يقول الباحثون إن نتائجهم لا تزال تكذب مقولات رجال المافيا، ومع ذلك فإن إذابة جسد بشري كامل أصعب بكثير من تحلل عينات من الخنزير.
وقال ماسيمو جريلو من جامعة باليرمو في إيطاليا: "من المستحيل أن يدمروا جثة بالحمض تماماً".