في مشهد لافت في توقيته، استقبل العاهل السعودي عدداً من كبار علماء الدين السعوديين، ضمن تحركات واسعة يقوم بها منذ اندلاع أزمة مقتل جمال خاشقجي، الأمر الذي يثير تساؤلاً: هل يعيد الملك سلمان الاعتبار لرجال الدين بعد أن همَّشهم ولي عهده محمد بن سلمان؟
فقد ذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس"، أن الملك سلمان بن عبدالعزيز استقبل في قصر اليمامة بالرياض، الثلاثاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، مفتي عام المملكة، وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء وهيئة كبار العلماء، وأئمة وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعدداً من منسوبي وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هذا اللقاء يأتي قبل جولة داخلية للملك لم يعلن عن مشاركة ولي عهده فيها
يأتي هذا اللقاء قبيل بدء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، لأول مرة منذ توليه السلطة، بجولة داخل البلاد.
وكان لافتاً أنه لم يُعلن أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيصاحب الملك خلال هذه الجولة.
كما كان لافتاً إلى أن الجولة ستبدأ من منطقة القصيم.
وتعد القصيم من أكثر المناطق محافظةً في البلاد، ومن معاقل التأييد التقليدية لآل سعود والمذهب الوهابي.
هل يعيد الملك سلمان الاعتبار لرجال الدين بعد هذا اللقاء؟
ينظر إلى تحركات الملك سلمان على أنها جزء من جهد أكبر لاحتواء أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، القضية التي وُجهت أصابع اللوم فيها إلى الأمير محمد سلمان.
واعترفت السعودية بالجريمة، ولكنها حمّلت المسؤولية إلى مسؤولين أدنى في المستوى، إلا أنهم مقربون لولي العهد السعودي.
ولكن منذ وصول الأزمة إلى ذروتها شهدت السعودية أحداثاً مثيرة للانتباه.
أبرز هذه الخطوات السماح بعودة الأمير أحمد بن عبدالعزيز (الذي يوصف بأنه منافس محمد بن سلمان)، والذي استُقبل بحفاوة من قبل الأسرة المالكة.
كما أُفرج عن شقيق الأمير وليد بن طلال، إضافة إلى حديث عن احتمال إطلاق سراح علماء معتقلين.
ثم بعد ذلك جاءت جولة الملك الأولى من نوعها داخل البلاد منذ توليه السلطة، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن محاولات العاهل السعودي، إتباع مسار معاكس لكثير من سياسات ولي عهده المثيرة للجدل.
ولكن خطوة استقبال عدد من علماء الدين تبدو ذات مغزى خاص، في ظل ترويج ولي عهده لنفسه في الغرب على أنه الرجل الذي يقوم بإصلاحات في المجال الاجتماعي، ويحارب التطرف، ويقلص نفوذ المؤسسة الدينية.
الأمر الذي يدفع للتساؤل: هل يعيد الملك سلمان الاعتبار لرجال الدين بعد أن همَّشهم ولي عهده؟
أم أن هذا إجراء مؤقت ضمن حزمة خطوات شكلية تستهدف امتصاص تداعيات أزمة مقتل خاشقجي.
بعد أن بدأ محمد بن سلمان يحول السعودية إلى دولة شبه علمانية، هاهو الملك يستقبل العلماء
حتى أزمة مقتل خاشقجي، بدا أن علماء الدين الرسميين في السعودية يتعرضون لعملية تهميش كبيرة، في حين أن رجال الدين المستقلين يتعرضون للإقصاء، مثلما حدث مع رجل الدين الإصلاحي سلمان العودة.
ولكن، هل يعيد الملك سلمان الاعتبار لرجال الدين، خاصة في ظل الدور التاريخي الذي لعبوه في منح الشرعية للدولة السعودية، الوضع الذي تهدده سياسات محمد بن سلمان الحالية؟
واعتبر بعض المراقبين أن مملكة الأمير محمد تبدو أقرب لدولة "علمانية" وليست "دينية" انتُزِعَت فيها السيادة أخيراً من قبضة العشيرة ورجال الدين، لتكون في يد الحكومة الملكية مباشرة.
وفي حين نظر الأمير محمد إلى هذا التوجه على أنه وسيلة للتحديث وتقوية الدولة وتعزيز سلطته، فإن مراقبين غربيين رأوا أن هذا النهج يقلص القوة الجيوسياسية السعودية.
فمن المحتمل أن مشروع ولي العهد محمد بن سلمان لجعل السعودية دولة تعرف على أساس سياسي وليست ديني، سوف يؤدي لهدم الرؤية التي يعود تاريخها إلى قرن من الزمان التي تجعل السعودية مركز الإسلام، حسبما يرى الكاتب فيصل ديفجي، أستاذ التاريخ بجامعة أكسفورد البريطانية.
وبريطانيا شجَّعت هذا التوجه قبل قرن لمحاربة العثمانيين
المفارقة وفقاً لهذا الكاتب أن هذه الرؤية القائمة على جعل السعودية مركز الإسلام وجدت تشجيعاً من قبل الدول الغربية، خاصة بريطانيا، التي رأت فيها وسيلة لمنافسة المكانة الدينية للسلطنة العثمانية، خاصة خلال فترة الحرب العالمية الأولى وما قبلها.
كما استفاد الغرب من هذا التوجه في مواجهة الحركة القومية العربية وخطر انتشار الشيوعية في العالمين العربي والإسلامي.
والآن يعمد الأمير محمد إلى تقليص الامتيازات التقليدية التي حصل عليها رجال الدين، باعتبارهم شبه موجهين للمجتمع.
وفي محاولة الأمير محمد لتقليص تأثير السلفيين تحديداً على سياسات البلاد، اخترع سردية جديدة تزعم أن التدين السعودي لم يكن متشدداً، بل إن التشدد جاء في السبعينيات كردّ فعل على الثورة الإسلامية في إيران، وكذلك نتيجة التأثيرات الخارجية.
كيف أسكت محمد بن سلمان التيار المحافظ في المملكة؟.. اعتقال أو صمت بإحسان
كانت التغييرات الاجتماعية التي قادها الأمير محمد صادمة للمحافظين في المملكة، ولكنه نجح حتى الآن في إسكاتهم.
ولكن هذا الصمت جاء عبر وسائل متباينة.
فمع التيار السلفي التقليدي وعلماء الدين المحسوبين على السلطة، ورغم أنهم الأكثر تحفظاً التزم أغلبهم الصمت تجاه إصلاحاته الاجتماعية، على الأقل علناً.
وفي المقابل، لم يتعرض ولي العهد السعودي لهم، بل عمل على احتواء بعض رجال الدين الذين عارضوا منح المرأة حقوقاً أكبر، وتبنَّوا آراءً متشددةً أخرى.
ولكنه كان قاسياً في التعامل مع رجال الدين الذين يوصفون بالإصلاحيين
على العكس، تعامَلَ الأمير محمد بن سلمان بشكل مختلف مع القوى الأكثر إصلاحية، التي تبدي اهتماماً أكبر بالإصلاح السياسي من المعارضة للتغيير الاجتماعي.
فمع هؤلاء استخدم الأمير محمد القبضة الحديدية، مثلما حدث مع الداعية الشهير سلمان العودة، الذي كانت الدولة السعودية تستعين به لمحاججة المتطرفين.
ولم يشفع للعودة وأمثاله أنهم يُنظر لهم على أنهم أقل تشدداً في رفض التغييرات التي قام بها محمد بن سلمان، باعتبارهم محسوبين على التيار الإصلاحي بالمعيار السعودي.
فهو لا يخشى من تطرفهم بل من تسييسهم
في قضية سلمان العودة، يبدو أنَّ السبب الظاهري لاعتقاله هو تغريده على تويتر، دعماً للمصالحة مع قطر، بعد اتصال هاتفي بين الأمير محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
لكنَّ السلطات السعودية كانت لديها أسبابٌ أكثر إلحاحاً لإبعاد سلمان العودة عن الأنظار، بحسب صحيفة The Washington Post الأميركية.
فهي قلقة من شعبيته ودوره المهم في حركة "الصحوة" التي تدمج الفكر الديني بالأنشطة السياسية، وهو ما يراه الحُكَّام السعوديون تهديداً لهم، بحسب الصحيفة الأميركية.
وكتبت مضاوي الرشيد، الباحثة السعودية بكلية لندن للاقتصاد، في كتابها Muted Modernists: The Struggle Over Divine Politics in Saudi Arabia: "انتقد (سلمان العودة) الجهاديين في برامج إعلامية، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وأظهَر سوء فهمهم بنْية النصوص الإسلامية التي تتحدث عن الجهاد الشرعي".
وقالت الرشيد إنَّه بعد ثورات الربيع العربي التي بدأت في أواخر عام 2010، قدَّم دعم سلمان العودة للمظاهرات السلمية "خياراً وسطاً بين الموقفين الدينيين": تطرُّف الجهاديين وخضوع رجال الدين التقليديين.
يُذكَر أنَّ سلمان العودة اعتُقِل بسبب نشاطه السياسي من قبل، ولكنَّه منذ إطلاق سراحه في عام 1999 كان مفيداً للحكومة السعودية، في ظل انتقاده المقاتلين الإسلاميين المتطرفين، بحسب الصحيفة الأميركية.
ولكن لماذا يصمت المحافظون على إصلاحات محمد بن سلمان التي يعارضونها بشدة؟
اللافت أن التيار المحافظ (وخاصة رجال الدين الرسميين) الذي هو بطبيعته معارض للإصلاحات الاجتماعية، صمت بشكل لافت على التغييرات الاجتماعية الكبيرة التي قام بها محمد بن سلمان.
نبع هذا الصمت على الأرجح، من خليط من الخوف من مصير مثل ما حدث للدعاة الإصلاحيين، مع الطبيعة الأيديولوجية للسلفية المحافظة، التي تميل لتأييد السلطة أياً ما كانت أفعالها، أو على الأقل السكوت عنها.
ولا أحد يتيقن ما الجانب الذي يقف فيه رجال الدين حالياً، في ظل تبنِّيهم من قبل السلطات الحالية، حسب The Washington Post.
ولكن هذا لا يمنع أن هناك مؤشرات على استياء مكتوم من قبل كثير من هذه الشرائح السلفية.
وقال العديد من السلفيين لصحيفة The Washington Post إنَّهم يعتقدون أنَّ الاعتقالات التي حدثت في سبتمبر/أيلول 2017، كانت تهدف إلى إرسال رسالة، مفادها أنَّ التغييرات القادمة ليست قابلةً للتفاوض أو النقد.
وقال الرجل السلفي البالغ من العمر 50 عاماً: "لقد جعلوهم عبرةً للآخرين؛ كي لا يتحدثوا كثيراً"
والسؤال الآن، هل يعيد الملك سلمان الاعتبار لرجال الدين في ظل مراجعته المحتملة لسياسات ولي عهده؟
ولكن مؤيدي ولي العهد يقولون إنه نجح في تخفيف التشدد
يقول مؤيدو الأمير محمد، إنَّه أثبت التزامه بتخفيف تشدُّد الأيديولوجية السعودية، بالحدِّ من نفوذ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي فرضت قوانين أخلاقية مثل الفصل بين الجنسين، عن طريق ضرب المُخالفين بالعصي في بعض الأحيان.
وأجرى إصلاحاتٍ كذلك على رابطة العالم الإسلامي، التي تضم جمعياتٍ خيرية سعودية، وتأسست في الستينات من القرن العشرين، والتي استخدمها السعوديون في نشر الفكر المتشدد بأنحاء العالم، بحسب الصحيفة الأميركية.
وكتب سعود السرحان، الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، في أحد مقالاته الأخيرة: " ثمة رغبةٌ واضحة في التخلُّص من جميع أنواع الإسلام السياسي، سواءٌ السني أو الشيعي، من جانب القادة والجماهير، الذين يرون النسخة الأكثر تطرفاً من هذه الأيديولوجيات الإسلامية نفسها في عقيدة القتل الوحشي التي يتبنَّاها ما يُسمَّى تنظيم داعش.
والواقع أنه يحاول تحقيق توازن الوحشية
السلطات السعودية في عهد محمد بن سلمان "تحاول تحقيق توازن بين الليبراليين والمُحافظين كما تفعل دائماً".
هكذا يعلق ستيفان لاكروا، أستاذ العلوم السياسية في معهد الدراسات السياسية بالعاصمة الفرنسية باريس، على ما قام به الأمير محمد بن سلمان خلال الفترة الماضية.
ولكنَّها الآن تنتهج أساليب "أكثر وحشيةً بكثير" من أساليب الحكام السعوديين السابقين، على حد قوله.
ويضيف قائلاً: "وهذا ما أُسمِّيه توازن الخوف".
وهو يغير الاتفاق الذي قامت عليه الدولة السعودية
محمد بن سلمان أنهى الاتفاق الذي قامت عليه الدولة السعودية بين آل سعود وعلماء الدين.
هذا ما قاله المفكر الفرنسي ستيفان لاكروا، المتخصص في الشؤون السعودية، في حوار سابق مع عربي بوست.
إذ اعتمدت السعودية منذ وقت طويل على توازن بين سلطات الأمراء (آل سعود)، والعلماء (رجال الدين)، وتوازنُ القوى بينهما كان قد بُني على اتفاق ضمني لتقاسم السلطة.
يحكم الأمراء البلاد، ومن ناحية أخرى يحدد العلماء التقاليد الدينية ويتحكمون في المجتمع.
لكن الاتفاق تطوَّر مع الزمن، ويمكن القول إنه خلال السنوات الخمسين الأخيرة، تحوَّل ميزان القوى لصالح الأمراء بشكل تدريجي، وهذا الأمر تم قبل وقت طويل من مجيء محمد بن سلمان، خاصة مع ظهور النفط في المملكة.
ومع ذلك، فقد ظلّت مبادئ الاتفاق حاضرة، على الأقل حتى عام 2015.
ورغم أن بن سلمان غيَّر المعادلة فإنه لا يرغب بالتخلص من العلماء، بل استئناسهم
لكن ما رأيناه في السنوات الثلاث الأخيرة، ليس مجرد تطوُّر أو اختلاف في درجة تطبيق الاتفاق، حسب المفكر الفرنسي.
بل إن التطور الذي حدث كان تحولاً في طبيعة الاتفاق نفسه، ما رأيناه منذ تولّي محمد بن سلمان ولاية العهد، أنه يقدّم تعريفاً جديداً للاتفاق بين السلطة والعلماء.
وهذا لا يعني أن محمد بن سلمان يريد التخلص من العلماء.
فهو يحتاجهم، وهو يدرك تماماً أنه بحاجة إليهم من أجل دعم حكمه بالشرعية، وسياساته بالتأييد الديني، لكن ما يريده محمد بن سلمان هو استئناس العلماء بشكل كامل، وفقاً لستيفان لاكروا.
فهو يريد نموذجاً مماثلاً لمفتي الجمهورية في مصر
لا يريد محمد بن سلمان للعلماء أن يحتفظوا بأي قدر من السلطة أو الهيمنة على المجتمع؛ بل يريد أن يحولهم إلى معادل لمفتي الجمهورية في مصر مثلاً، أو إلى مؤسسة دينية مثل التي توجد في أي دولة أخرى، حسب لاكروا.
فهو يريد مؤسسة دينية لا تمتلك أي سلطة ذاتية خاصة بها، ولكن تستمد سلطتها من الحكم، ولا تقوم بشيء سوى إعطاء الشرعية والدعم اللازم للنظام الحاكم. لذلك فهو يريد أن ينزع عن العلماء استقلاليتهم، وأن يستمر في استخدامهم، بشرط أن يكونوا منزوعي السلطات تماماً.
ويرى لاكرو أن محمد بن سلمان يمكن أن ينجح في جعل المؤسسة الدينية تابعة للسلطة، على غرار النموذج المصري، لأن العلماء الرسميين السعوديين، تم تدجينهم من خلال السرديات المهيمنة التي تتحدث عن خطيئة الخروج على وليّ الأمر، التي يعتبرها العلماء خطاً أحمر.
ولكن، هل نجحت هذه السياسات في منع التطرف؟
يمكن ملاحظة أن مصر، مقر الأزهر، التي همشت فيها السلطة الدينية، وينظر لها أنها تابعة للسلطة، تعتبر منبع أيديولوجيا العنف الديني الحديث.
ولكن هناك فئة واحدة يمكنها أن تعارضه، ولأسباب مختلفة
الوحيدون الذين كان بإمكانهم المعارضة هم "الصحوة"، حسب لاكروا.
وذلك لأن طريقة تنشئتهم مختلفة تماماً، فهم ليسوا مثل العلماء الوهابيين الذين تم دمجهم في النظام بشكل كامل، وكل ما يقرره ولي الأمر سيسيرون معه بلا أي مقاومة.
فالمعارضة تسري في دمائهم بالفعل، لديهم الخطاب السياسي، والقدرة على الحشد، والدافع للمعارضة، وهذا ما فهمه محمد بن سلمان منذ البداية؛ ولذلك فقد كان شديد العنف ضدهم منذ اللحظة الأولى.
فقد أدرك محمد بن سلمان أن علماء الصحوة سيكونون العائق الرئيس أمام سياساته من ناحيتين: أولاً، سيعترض بعض علماء الصحوة على الإصلاحات الاجتماعية التي يقوم بها، مثل السماح بقيادة المرأة للسيارة، أو تأسيس هيئة الترفيه مثلاً.
وثانياً، هناك القسم الذي لن تزعجه تلك الإصلاحات من ليبراليي الصحوة، إذا صحَّ التعبير، مثل سلمان العودة، وما سيُزعجهم سيكون السلطوية التي ستأتي مع تلك الإصلاحات الاجتماعية.
ولكن بعد لقاء الملك مع العلماء، ماذا سيكون موقفهم من ولي العهد؟
والآن بعد استقباله ممثلي المؤسسات الدينية الرسمية، هل يعيد الملك سلمان الاعتبار لرجال الدين وينهي حالة التهميش التي يعانون منها في ظل ولي عهد؟
على الأرجح، علماء الدين الرسميون لم ولن يعارضوا الأمير محمد بن سلمان.
فهم بحكم العقيدة والبنية الاجتماعية مع الدولة.
ولذلك ففي الأغلب، سيتحدد موقف رجال الدين بناء على توازنات القوى داخل النظام الحاكم.
وكان الأمير محمد بن سلمان يريد من العلماء ليس فقط عدم معارضة إصلاحاته، بل تأييدها، حسب لاكروا.
وهذا ما حدث بالفعل مع بعض العلماء، مثل محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أو أشخاص أكبر سناً مثل عبدالله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء.
ويرى لاكروا "أن بقاء العلماء صامتين يمثل مشكلة للمملكة، ويعتقد أن محمد بن سلمان يريدهم أن يؤيدوه علناً".
والآن مع خطوات الملك سلمان التي يمكن أن يفهم منها أن بها قدراً من التراجع عن سياسات الأمير محمد، فإن احتمال التأييد العلني الذي يريده الأمير محمد يبدو أصعب.
فعلماء الدين الرسميون مثلهم مثل أعضاء الأسرة المالكة، سوف يتريّثون على الأغلب إلى حين اتضاح موازين القوى النهائية.
فاتجاهاتهم القادمة ستتوقف حول: هل يظل الأمير محمد الرجل القوي في المملكة، ما يعني أنه قد يعود لاستئناف سياساته بعد أن تنجلي عاصفة خاشقجي؟
أم هل يعيد الملك سلمان الاعتبار لرجال الدين ويعود بالبلاد للسياسات القديمة، التي تسمح بتعدد موازين القوى داخل النظام، وإبطاء وتيرة الإصلاحات الاجتماعية التي يرفضها أغلب المحافظين، ولكنهم يخشون حتى البوح برفضهم هذا.