يخيِّم الصمت على موقف الإمارات ومقتل جمال خاشقجي وخاصة بعد إعلان السعودية مسؤوليتها عن مقتله، الأمر الذي يعتبره محللون هرباً من ورطة دولية أوقعت السعودية نفسها فيها.
فالمحلل السعودي مرزوق بن مشعان العتيبي، يرى أنَّ ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد قام بتوريط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الكثير من الملفات الدائرة في المنطقة، ولكن هذا لا يعني أنه سيورِّط نفسه في جريمة اهتم بها العالم.
يقول العتيبي لـ"عربي بوست" إنّ سرَّ صمت الإمارات يعود إلى عدم رغبة بن زايد في توريط نفسه في عملية الاغتيال، ووضع نفسه في خانة الاتهام.
خاصة بعد تزايد الضغوطات على محمد بن سلمان، بضرورة الكشف عن وقائع جريمة الاغتيال، الأمر الذي يزيد من تعقيد المسألة، وما هو المصير المجهول الذي ينتظر محمد بن سلمان في المرحلة المقبلة.
ومن هنا فإنَّ حادثة تصفية خاشقجي باتت أكبر كثيراً من تصورات البعض، وهنا يشير العتيبي إلى أنَّ الوضع الداخلي السعودي لن يكون مثل سابق عهده في المستقبل القريب، وهذا سينعكس إقليمياً على سياسات المنطقة.
مشدداً على أنَّ حادثة خاشقجي ستؤدي إلى تغيُّرات سياسية واجتماعية داخل السعودية، وكذلك فإنَّ التوازنات والعلاقات في الشرق الأوسط بين الدول الإقليمية سوف تتغير، وستهدأ كثير من الملفات الساخنة كملف الحرب على اليمن، ومقاطعة قطر، وكذلك ملف الإخوان المسلمين.
بن زايد المهندس الأساسي للسياسات السعودية
من جانبه يرى المحلل والناقد السياسي الإماراتي عبدالله الطويل، في تصريحات خاصة مع "عربي بوست"، أنَّ السعودية تتوافق في منهجيتها وسياستها مع الإمارات، خاصة فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الناشطين والمعارضين السياسيين، وما يتعرَّضون له من اعتقالات وملاحقات متكررة.
مرجحاً أن تكون هناك أيد إماراتية لعبت دوراً فيما حدث مع خاشقجي، والدليل على ذلك توجه إحدى الطائرتين بعد عودتها من عملية تصفية خاشقجي إلى الإمارات.
يقول الطويل: "الإمارات التي يُعتبر فيها بن زايد رأس الهرم، وعرّاب السياسات السعودية، هو بمثابة المهندس الأساسي لسياسات المملكة".
فإنّ القيادة الإماراتية بحسب الطويل تتابع مجريات قضية خاشقجي وردود أفعالها بشكل سري، ولكنَّها لا تبرزها في وسائل الإعلام.
وذلك حتى تزيح أي شبهات جنائية بحقها".
وفي هذا الجانب يشير الطويل إلى أنَّ الإمارات رغم مساعيها من خلف الكواليس في قضية إخراج السعودية مَن ورطتها في قضية خاشقجي، فإنّها ومع ذلك تراعي بشكل كبير إمكانية تورُّط السعودية فعلياً بالدليل القطعي في قتل خاشقجي، الأمر الذي يجعلها تحفظ خط الرجعة أمام المجتمع الدولي.
مؤكداً أنّ أول من يتخلَّى عن السعودية هي الإمارات إذا ما ثبت تورُّطها الفعلي دولياً.
موقف الإمارات ومقتل جمال خاشقجي والسعودية!
المساعي الإماراتية بخصوص قضية خاشقجي متواصلة، بحسب ما يؤكده الطويل، مشيراً إلى أنَّ هناك اتصالات ومراسلات سرية بين الجانب الإماراتي-السعودي، لأجل الاطلاع على سير القضية.
لكنَّ الجانب الإماراتي ينتظر وضوح مجريات التحقيق من الجانب التركي، وذلك بعد الابتزاز الواضح من الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسعودية، مقابل انقاذ ما يمكن إنقاذه لصالح محمد بن سلمان.
خاصة أنَّ تركيا استفادت من القضية من طرفين: الطرف الأميركي فيما يتعلق بالعقوبات، والطرف السعودي عبر إحراجه دولياً.
ويؤكدّ الطويل أنّ الإمارات عند اتضاح الصورة، وإن وجدت واشنطن في صفِّ محمد بن سلمان فحتماً ستكون معه، وإن تورَّط بالدليل القطعي فإنَّ الإمارات ستلتزم الصمت.
وهذا ما يتمثل حالياً بابتعاد وزيرها للشؤون الخارجية أنور قرقاش عن المشهد السياسي والإعلامي، وتصدير ضاحي خلفان المعروف بالتصريحات المثيرة للجدل وغير المحسوبة، لوضعه كواجهة للدفاع عن السعودية.
كما ستسعى الإمارات إلى إشراك سفيرها الحالي في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، ليكون طرفاً في إخراج السعودية من ورطتها على المستوى الدولي، وخاصة فيما يتعلق بالتأثير على الموقف الأميركي تجاه قضية خاشقجي وانعكاساتها على كافة المستويات.
قال موقع Middle East Eye البريطاني الجمعة 19 أكتوبر/تشرين الأول 2018 إنَّ الديوان الملكي السعودي يناقش احتمالية تغيير خط خلافة العرش، في حين ترغب الولايات المتحدة في "انخراطٍ مباشر" في العملية، بعد عملية اغتيال جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده في إسطنبول.