تفحص السلطات التركية كاميرات الطرق السريعة بحثاً عن شاحنة سوداء تعتقد أنها حملت جثة جمال خاشقجي من القنصلية السعودية في إسطنبول خلال الأسبوع الماضي، وهي واحدةٌ من بين 6 سيارات يقول المُحقِّقون عنها إنها كانت تابعة لفرقةِ اغتيالٍ سعودية يُعتَقَد أنها وراء القتل المشكوك فيه للصحافي المُعارض.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية عن محققين تركيين لم تذكر أسماءهم أن المجموعة غادرت القنصلية بعد حوالي ساعتين من دخول خاشقجي.
وتُظهِر لقطة الكاميرا الأمنية صناديق جرى إدخالها إلى الشاحنة، التي حملت لوحاتِ أرقامٍ دبلوماسية. بعد مغادرة أراضي القنصلية، انعطفت ثلاث سيارات يساراً في اتجاه الطريق الرئيسي، فيما انعطفت الثلاث الأخرى إلى اليمين.
ويقول المُحقِّقون إن واحدةً من هذه المركبات، وهي شاحنة ذات نوافذ معتمة، صارت محور تركيز التحقيقات، وجرى تعقبها لفترة وجيزة على أحد الطرق السريعة القريبة.
منذ ما يقرب من أسبوع على اختفاء خاشقجي، كثف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من دعواته الموجّهة إلى الرياض لتفسير ما حدث لواحد من أبرز منتقدي القيادة السعودية.
واستخدم الرئيس التركي نبرة معتدلة عند الحديث عن خاشقجي، فيما سمح لمسؤولي الحكومة ووسائل الإعلام التابعة للدولة بأن ينشروا قليلاً من المزاعم. وقد كشفت صحيفة Daily Sabah التركية الموالية للحكومة عن تفاصيل هذه الفرقة المزعومة.
وقال أردوغان أمس من العاصمة المجرية بودابست: "يجب أن نحصل على نتيجة من هذا التحقيق في أقرب وقت ممكن. لا يمكن لمسؤولي القنصلية أن ينقذوا أنفسهم بأن يقولوا بكل بساطة: لقد غادر".
وأوضح أنه يتابع القضية متابعةً شخصية، لكنه أشار إلى عدم وجود دليل جديد أمامه.
لا يزال كبار المسؤولين في أنقرة على قناعةٍ بأن خاشقجي قُتِلَ عن طريق فرقة اغتيال تابعة للدولة السعودية أُرسلت إلى إسطنبول لاختطافه أو قتله، فقد كانت هذه الفرقة منتظرة إياه عندما وصل إلى القنصلية ظهيرة الثلاثاء الماضي 2 أكتوبر/تشرين الأول.
وكانت هذه هي الزيارة الثانية لخاشقجي من أجل استكمال إجراءات طلاقه، بعد أن أخبروه في يوم الجمعة السابق لذلك اليوم بأن أوراقه لم تكن جاهزة. وكانت خطيبته، خديجة جنكيز، تنتظره في الخارج.
وتُظهر سجلات رحلات الطيران أن طائرتين سعوديتين وصلتا إلى مطار أتاتورك في إسطنبول يوم الثلاثاء وغادرت كل منهما بصورة منفصلة في نفس ذلك اليوم، بعد ساعات من المرة الأخيرة التي شوهد فيها خاشقجي.
وتواصل السلطات السعودية إصرارها على أنها لم يكن لها أي دور في اختفاء خاشقجي. واعترفوا بأن "وفداً أمنياً" أُرسل بالفعل إلى إسطنبول يوم السبت، لكنهم لم يقدموا أي سبب لهذه الرحلة.
وألمح المُحقِّقون الأتراك إلى أن المعلومات التي لديهم عن اختفاء الصحافي أكثر من المعلومات التي أفصحوا عنها حول القضية.
وبالرغم من أنهما حذرتان من بعضهما، حاولت السعودية وتركيا في المعتاد تجنب المشاحنات المعلنة. إذ تجمع البلدين علاقاتٌ تجاريةٌ واستثماريةٌ كبيرةٌ وتنافسٌ على النفوذ في المنطقة. ويُرجح أن يكون رد أردوغان أكثر دقة في الأيام القادمة إذا لم تشهد حلحلة في القضايا التي تهمه أكثر من اختفاء مواطن أجنبي داخل تركيا.
وكان خاشقجي من أبرز منتقدي وليِّ العهد السعودي محمد بن سلمان. وقد ظلَّ منفياً في الولايات المتحدة طوال معظم العام الماضي، بعد أن كان فرداً من النخبة السعودية، ومن هناك كان يكتب أعمدةً لصحيفة The Washington Post الأميركية ينتقد فيها ملامح من برنامج الإصلاح الجاري في المملكة.
وقال توران كيسيلكاجي، أحد أصدقاء خاشقجي، إن الصحافي ذا الـ59 عاماً قد أخبره بأن وليَّ العهد وجَّه له دعوةً بالعودة إلى الرياض ليعمل مستشاراً. وسعى خاشقجي للحصول على ضماناتٍ بشأن سلامته من أصدقاءٍ له في الولايات المتحدة قبل زيارته القنصلية، وكان قد طلب من خديجة جنكيز الاتصال بالسلطات التركية إذا لم يعاود الظهور.
وأبلغت هي عن اختفائه بعد مرور 4 ساعاتٍ، والاعتقاد السائد هو أن الوفد كان قد غادر القنصلية في ذلك الوقت.
يُذكَر أن تركيا تملك شبكةً واسعةً من كاميرات المراقبة على الطرق السريعة تُستَعمَل دورياً لتوفير الأدلة أثناء التحقيقات في الجرائم. وقد صدمت حادثة الاختفاء الكثيرين في تركيا وأحدثت ذعراً في بعض أحياء الرياض.