حصل "عربي بوست" على تفاصيل جديدة تزيح الستار عن كثير من الغموض الذي أحاط بملف مقتل جمال خاشقجي، الذي اختفى قبل أسبوع داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وكان الكاتب والإعلامي السعودي قد توجه الثلاثاء 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إلى مقر القنصلية لإنهاء بعض المعاملات، إلا أنه بعد دخوله بثماني ساعات وعدم خروجه من القنصلية بدأ يتسرب شعورٌ بالقلق على حياته.
المصادر المقرّبة من المسؤولين عن ملف خاشقجي أكدت لـ"عربي بوست" مقتله داخل القنصلية السعودية، وأن هذه المعلومة قد تأكدت لهم قبل أن يتناولها الإعلام بيومين.
تواصلوا مع ولي العهد السعودي.. فكيف كان رده؟
المصادر أشارت كذلك إلى أن أنقرة لم يساورها الشعور بالقلق على حياة خاشقجي في الساعات الأولى لاختفائه؛ ظناً منها أن احتجازه سيكون لفترة مؤقتة، إلا أن الشكوك بدأت تتزايد بعد تواصل تم بين مسؤولين أتراك ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي أنكر بدوره الواقعة تماماً.
هنا أدركت تركيا أن أمراً مريباً قد حدث، فتحركت الأجهزة جميعها للتحقيق، ومع صباح اليوم الثالث لاختفاء خاشقجي كانت المؤشرات تقول إن الأسوأ قد وقع، وهو ما يعني مقتله.
وطلبت السلطات التركية، اليوم الإثنين 8 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تفتيش القنصلية السعودية، ونقل الطلب إلى السفير السعودي في أنقرة الذي استُدعي مرة ثانية إلى مقر الخارجية التركية، كما أوضحت وسائل الإعلام.
وتمتلك السلطات التركية أدلة تثبت مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية، لكن الإعلان الرسمي عنها يحتاج سياقاً قانونياً وليس مجرد تصريحات سياسية، وفق ما تقول المصادر.
ولدى السلطات التركية أيضاً ما يثبت نقل جسد خاشقجي من داخل القنصلية، ما يرجّح فكرة تقطيع الجسد لتسهيل نقل أشلائه.
وعن موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قالت المصادر لـ"عربي بوست" إن الرئيس في حالة صدمة وغضب شديدين، وإن هناك قناعة بضرورة عدم تحدث السياسيين في الأمر إلا بعد صدور تقرير المدعي العام التركي، خوفاً من الاتهام بتسييس القضية، واستغلالها من الطرف الآخر.
وتُرجع المصادر سبب عدم تطرّق أردوغان لحقيقة قتل خاشقجي في حديثه، الأحد 7 أكتوبر/تشرين الأول، في أحد مؤتمرات حزب العدالة والتنمية، إلى تلك القناعة، وهو ما جعل كلامه يبدو غير حاسمٍ وربما غير متماسك.
وبحسب المصادر، لولا الضغط الذي مارسه بعض الصحافيين على الرئيس، أمس، على هامش المؤتمر لما تطرق تماماً إلى القضية التي تمثل له إزعاجاً شديداً.
وقال أردوغان إنه لا يزال ينتظر نتائج التحقيقات بشأن اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بعدما أكدت مصادر عدة أنه قُتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وصرّح أردوغان لصحافيين: "أتابع الموضوع، ومهما كانت نتائج (التحقيق)، سنعلنها أمام العالم".
وأكد الرئيس التركي: "إنه صحافي أعرفه منذ زمن طويل"، معرباً عن "الأسف" لكون اختفائه حدث في تركيا.
وقال أردوغان أيضاً: "لا أزال أنتظر بأمل أرجو الله ألا نواجه ما لا نرغب بحدوثه".
وأوضح الرئيس التركي أنه تجري حالياً دراسة كل الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة في منطقة القنصلية، قبل أن يضيف: "نأمل بالوصول إلى نتائج سريعاً جداً".
طلبوا حضوره لإسطنبول.. وكان القتل في انتظاره
المصادر أكدت لـ"عربي بوست" أن الأجواء في أنقرة شديدة الاحتقان وعلى كل المستويات، وهذه الواقعة سيكون لها تأثير كبير على العلاقة مع السعودية.
من ناحية أخرى قال مصدر مقرب من الراحل خاشقجي لـ"عربي بوست" إن الإعلامي السعودي كان في لندن قبل يوم من واقعة اختفائه، وقد تواصل مع القنصلية للحصول على الورقة، وكانت المفاجأة أن القنصلية السعودية بإسطنبول طلبت منه العودة على الفور في ذلك اليوم، وحددوا له الساعة، فغادر لندن متوجهاً إلى إسطنبول.
تقرير لشبكة NBC الإخبارية ألمح إلى فرضية استدراج خاشقجي من واشنطن إلى إسطنبول.
الشبكة الأميركية تساءلت لماذا ذهب خاشقجي إلى قنصلية بلاده في إسطنبول على الرغم من إقامته في أميركا، ويمكن أن يتقدم بنفس الطلب إلى سفارة بلاده هناك؟
ثم عادت الشبكة الأميركية تقول إن خاشقجي سعى سابقاً للحصول على الأوراق المطلوبة من السفارة السعودية في واشنطن، لكنه وُجّه لاستخراجها من القنصلية السعودية في إسطنبول.
وتضيف: هذا الأمر أثار مخاوف خطيبته بأن فخاً يدبّر له، وذلك بحسب ما أفاد به أحد أصدقائه.
استجاب خاشقجي للطلب وذهب إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، ثم طُلب منه أن يعود في يوم آخر، وفق ما أفاد به شخصان آخران للشبكة الأميركية. وأضافا قائلين: "اختفى خاشقجي في اليوم الذي عاد فيه لزيارة القنصلية".