أشاد الرئيس دونالد ترمب علناً، بقادة كندا هذا الأسبوع، عقب الإعلان عن صفقة تجارية جديدة تجمع البلدين، مرسلاً "أسمى تحياته" إليهم. ولكن قبل 3 أيام فقط من الإعلان عن الصفقة، قال ترمب إن وزيرة خارجية كندا تكره أميركا في تصريح من وراء الكواليس. كما قال إنه رفض الإذعان إلى الملك سلمان ، بينما شدد على أن مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي لا تحب أميركا.
وبحسب صحيفة The Washington Post الأميركية، فقد أدار ترمب الحديث أكثر من ساعة، في أثناء حضوره حدثَ حمايةِ لجنة العمل السياسي للجمهوريين، الذي أقيم في 27 سبتمبر/أيلول 2018، ببرج ترمب في واشنطن أمام الجهات المانحة خلال حدثٍ غير رسمي أقيم الأسبوع الماضي، لجمع التبرعات.
حفل انتقاد ساخر داخل غرفة الرئيس دونالد ترمب
عقد الرئيس دونالد ترمب مؤتمراً صحافياً دام 80 دقيقة، في أعقاب الاجتماعات التي عُقِدَت بالأمم المتحدة في اليوم السابق.
وبعد الانتهاء منه مباشرةً قدَّمَ الرئيس عرضاً أمام الجهات المتبرعة، قالوا إنه انتقل فيه إلى مستوى جديد من أسلوب خطابه، الذي اتسم بالفجاجة والتحرُّر من القيود.
أقام ترمب حفل انتقادٍ ساخراً داخل الغرفة، وأخذ يتلو قصصاً تتعلَّق بِصلاته الخاصة مع قادة العالم، وتناول عملياتٍ عسكرية حسَّاسة، فضلاً عن تباهيه بإنجازاته.
وفي مرحلةٍ ما، بدأ ينتقد وزيرة خارجية كريستيا فريلاند، التي مثَّلت كندا في المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الصفقة التجارية التي أفصح عنها الحليفان بعد 3 أيام.
وزيرة خارجية كندا تكره أميركا
قال عنها الرئيس دونالد ترمب: "إن وزيرة خارجية كندا تكره أميركا "، في إشارةٍ إلى المُفاوِضة الكندية دون ذكر اسم كريستيا.
كان ترمب في خضم تصريحاته المقتضبة، التي استمرت 10 دقائق فقط، عن كندا والمفاوضات بشأن الصفقة التجارية التي كانت جارية آنذاك، والتي لم تختلف كثيراً عن التصريحات التي أدلى بها في المؤتمر الصحافي باليوم السابق في نيويورك.
وفي ظل تلك التصريحات العامة، قال ترمب: "نحن لا نحب ممثلتهم كثيراً"، مشيراً إلى كريستيا مباشرةً مرة أخرى، ولكن دون ذكر اسمها.
وموغيريني أيضاً لا تحب أميركا
وفي إطار فعاليات حدثِ جمع التبرعات في برج ترمب، أكد ترمب أن فيديريكا موغيريني، المُمَثِّلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، "تكره أميركا" هي الأخرى.
ثم قال بعد ذلك، إن هذه وصمة عار؛ لأن القائدات الإناث غالباً ما يَكنَّ أفضل من الرجال، وأعلن أن من المؤسف أكثر أن هاتين القائدتين تكرهان أميركا.
ورفض متحدث باسم البيت الأبيض التعليق على تصريحات ترمب، التي أخبر بها الحاضرين، ولكنه قال: "كانت ليلةً توَّجَها النجاح، وارتفعت معنويات الحضور".
وحسب جوش روجين الصحافي في "واشنطن بوست"، فإن "تلك الأخبار صحيحة بنسبة 100%. انتابت الدهشةُ الحضورَ واستمتعوا للغاية بتعليقات الرئيس، التي انطوت على الخطاب الانتخابي نفسه حول الاقتصاد، ممزوجاً بهتافاتٍ للتشجيع، إلى جانب تعليقاتٍ ساخرة لطيفة مُوجَّهة لأصدقائه، الذين لاحظ ترمب وجودهم في الغرفة".
وقال أحد الحاضرين: "بلغ أداء ترمب ذروته. واستمتع الناس بخطابه كثيراً، لقد أحبوه. ثم بعد نحو ساعة، بدا الناس كأنهم يريدون الانتهاء ومغادرة المكان".
في حين أشاد بنفسه عندما رفض "الإذعان إلى الملك سلمان"
بدت الكثير من القصص التي تلاها ترمب بلا مغزى. على سبيل المثال، تذكَّرَ بولعٍ زيارته إلى المملكة العربية السعودية في مايو/أيار 2017، وتباهى برفضه الإذعان إلى الملك سلمان الذي قال عنه إنه "شخصٌ مُتَحَفِّظ". شهد ترمب رضوخ باراك أوباما، وقتما كان رئيساً للولايات المتحدة، ولكن لم يكن لديه أي نية لفعل الشيء نفسه.
لكن ترمب كشف بعد ذلك، أن الملك سلمان اتصل به شخصياً لطلب مساعدة الولايات المتحدة في عمليةٍ عسكرية غير واضحة الملامح ولكنها كبيرة.
وقال الرئيس دونالد ترمب إنه أخبر الملك سلمان بأن تلك العملية مُكلِّفة للغاية، ولكي تحظى السعودية بتعاون الولايات المتحدة، فإن عليها تسديد الفاتورة التي حدَّدها ترمب بقيمة 4 مليارات دولار. رفض ترمب الكشف عن طبيعة العملية العسكرية والمساعدة المقدَّمة للمتبرعين، قائلاً إنها "على الأرجح سرية للغاية".
وصرَّح ترمب علناً مراتٍ عدة، بأن إيران ستسيطر على السعودية في غضون أسبوعين، إن لم تدافع عنها الولايات المتحدة.
وعلاقة الصداقة التي كانت تجمعه بالرئيس الصيني لم تعد بعد الآن
وقال الرئيس إنه استمتع أيضاً برحلته إلى بكين في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، في زيارته للرئيس الصيني شي جين بينغ. ولكنه قال مازحاً، إن الحكومة الصينية لا بد من أن تتساءل الآن عمَّا ارتكبته من خطأ في أثناء الزيارة، بالنظر إلى مدى الصرامة التي يتعامل بها مع بكين في شؤون التجارة. قال ترمب إن علاقة صداقة كانت تجمعه بالرئيس "شي"، ولكن ربما ليس بعد الآن.
وبالنظر إلى رئيس عادي في بيئةٍ طبيعية، يقول ترمب إن القائدتين الأجنبيتين "تكرهان أميركا"، في حين قد تُعجِّل ضحكات المتبرعين المكتومة من وقوع حادث دبلوماسي كبير. لكن ربما هذا غير مُحتمَل الآن، ويرجع ذلك أساساً إلى أن ترمب غيَّر لهجته بالفعل. فقد أشاد بكندا في تصريحاتٍ يومي الإثنين والثلاثاء 1 و2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، في أثناء الاحتفال بالصفقة التجارية الجديدة.
وعلى نطاق أوسع، تعتاد واشنطن وبقية العالم على ترهات ترمب؛ ومن ثم لا يجزع أحدٌ في كل مرة يقول فيها الرئيس شيئاً ما يتخطى حدود الدبلوماسية. فـ"النار والغضب" اليوم قد يتحوَّلان غداً إلى "وقعنا في الحب". كان الدبلوماسيون الأميركيون الحاضرون خطاب ترمب في نيويورك، الأسبوع الماضي، يضحكون معه ويسخرون منه في الوقت ذاته. نحن جميعاً نعيش في دعابةٍ الآن بالسراء والضراء.
من الواضح أن ترمب يشعر بالراحة أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، متحدثاً بإسهابٍ، في السر والعلن على السواء، عن كيفية رؤيته للسياسة الخارجية ودور الولايات المتحدة في العالم. يمكن أن يكون الأمر مخيفاً تارةً ومسلياً تارةً أخرى.