أمرت محكمة العدل الدولية، الأربعاء 3 أكتوبر/تشرين الأول 2018، الولايات المتحدة، في قرار لها وقف العقوبات على السلع الإنسانية الموجَّهة لإيران، في نكسة قوية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ويأتي القرار المفاجئ للمحكمة، أعلى هيئة قضائية لدى الأمم المتحدة تتخذ من لاهاي مقراً لها، وفقاً لما نقلته فرانس برس، بعدما نظر القضاة في الشكوى المقدمة من إيران لوقف العقوبات الاقتصادية التي أعاد ترمب فرضها، بعد انسحابه من الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى.
وحكم القضاة بالإجماع بأن العقوبات على بعض السلع تشكل انتهاكاً "لمعاهدة الصداقة" المبرمة بين إيران والولايات المتحدة عام 1955.
المحكمة قالت إنه غير منطقي فرض عقوبات على تصدير الأدوية إلى إيران
قال رئيس المحكمة، القاضي عبدالقوي أحمد يوسف، إن "المحكمة توصَّلت بالإجماع إلى أنه على الولايات المتحدة أن ترفع وعبر وسائل من اختيارها، كلَّ عراقيل تفرضها الإجراءات، التي أعلنت في 8 مايو/أيار 2018، على حرية تصدير أدوية ومواد طبية ومواد غذائية ومنتجات زراعية إلى إيران".
واعتبرت المحكمة أن العقوبات على سلع "مطلوبة لاحتياجات إنسانية قد تترك أثراً مدمراً خطيراً على صحة وأرواح أفراد على أراضي إيران".
ورأت أيضاً أن العقوبات على قطع غيار الطائرات يمكن أن "تعرِّض سلامة الطيران المدني للخطر في إيران، وكذلك أرواح مستخدميها".
وكان ترمب فرض دفعة أولى من العقوبات على إيران، في أغسطس/آب، بعد انسحابه من الاتفاق النووي التاريخي المبرم بين إيران والقوى الكبرى، الهادف لوقف طموحات إيران النووية، مثيراً استياء الحلفاء الأوروبيين. وهناك دفعة ثانية من العقوبات مرتقبة، في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتحكم محكمة العدل الدولية في خلافات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وقراراتها ملزمة، لكن لا يمكن الطعن بها، وإنما ليس هناك آلية لتطبيقها.
كانت إيران اعتبرت أن العقوبات الأميركية حرب نفسية ضدها
قبل صدور قرار المحكمة، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن العقوبات تعتبر شكلاً من "حرب نفسية" تهدف إلى تغيير النظام.
وقال ظريف لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن "الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة وبعض عملائها الإقليميين ضد إيران هي حرب نفسية أكثر مما هي حرب اقتصادية فعلية".
وعلى مدى أربعة أيام من جلسات الاستماع، في أغسطس/آب الماضي، اتَّهم محامو إيران واشنطن بأنها "تخنق" اقتصاد الجمهورية الإسلامية.
من جهته، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على تويتر: "فشل جديد لهذه الحكومة الأميركية المدمنة على العقوبات، وانتصار للقانون".
واعتبر ظريف أنه من "الضروري أن تضع المجموعة -الدولية- بشكل جماعي أمام الأحادية المؤذية التي تمارسها الولايات المتحدة".
لكن واشنطن ردَّت مؤكدة أن المحكمة ليست لها صلاحية النظر في هذه القضية، لأنها تتعلق بشؤون الأمن القومي.
ورحَّبت وزارة الخارجية الإيرانية، الأربعاء 3 أكتوبر/تشرين الثاني، بقرار محكمة العدل الدولية حول تعليق العقوبات الأميركية التي تستهدف السلع "ذات الغايات الإنسانية" المفروضة على إيران، باعتبارها "إشارة واضحة" أن إيران "محقة".
وقالت الوزارة في بيان نقلته وكالة رويترز، إن الحكم الذي أصدرته المحكمة "يظهر مجدداً أن الحكومة الأميركية تصبح معزولة يوماً بعد يوم".
فيما نددت واشنطن بقرار محكمة العدل الدولية، الأربعاء، بإصدارها أوامر بتخفيف العقوبات على إيران، معتبرة أن "لا قيمة" لذلك، وأن المحكمة "لا تملك سلطة قضائية".
وقال سفير الولايات المتحدة في هولندا بيت هويكسترا، بُعيد صدور الحكم "إنها قضية لا قيمة لها، والمحكمة لا اختصاص لديها" للنظر فيها. لكنه أشار إلى أن المحكمة "رفضت منح إيران كل ما تطلبه"، وأنه "قرار محدود بشأن مجموعة محدودة للغاية من القطاعات".
وجاهدت القوى الأوروبية من أجل إنقاذ الاتفاق. وأعلن الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، أن ما أُطلق عليه آلية لأغراض خاصة قيد البحث لتسهيل التجارة مع إيران يمكن أن يبدأ العمل بها قبل نوفمبر/تشرين الثاني.
ووصف دبلوماسيون أوروبيون الآلية المقترحة بأنها وسيلة لخلق نظام مقايضة يشبه الذي استخدمه الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة لمبادلة النفط الإيراني بالسلع الأوروبية دون استخدام نقود.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إن الآلية التي اقترحها الاتحاد الأوروبي لسداد إيرادات مبيعات النفط لطهران ليست "برنامج نفط مقابل غذاء".
وفي أغسطس/آب الماضي، طلبت إيران من محكمة العدل الدولية، أن تدعو الولايات المتحدة لرفع العقوبات عنها، كونها "تنتهك معاهدة موقعة بين البلدين في 1955".
وجاء في الشكوى التي قدَّمتها طهران لمحكمة العدل، أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي قضى بانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على إيران "ينتهك معاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية الموقعة بين واشنطن وطهران عام 1955"