قالت صحيفة Nizavismaya الروسية، إن تركيا تعمل في الوقت الراهن على تعزيز مكانتها في محافظة إدلب السورية، التي يسعى النظام السوري للسيطرة عليها. وقالت إن الوحدات العسكرية التركية المتواجدة في إدلب تستعد لما هو أسوأ.
وقالت إن الزيارة التي قامت بها الوحدات التركية مؤخراً بإدلب تسعى من خلالها أنقرة إلى تحذير النظام السوري وحلفائه من الاقتراب من إدلب. في هذا الصدد، يتنبأ العديد من الخبراء بمواجهة جديدة بين روسيا وتركيا، مشابهة لتلك التي جدَّت سنة 2015.
وذكر موقع قناة الجزيرة، أن نحو 30 ألف جندي تركي يتحركون الآن على امتداد المناطق التي سيطرت عليها تركيا في عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"، بينهم 10 آلاف جندي يتخندقون في 12 نقطة عسكرية بإدلب، و20 ألفاً يجري نقلهم للانتشار هناك.
ووفق هذه التقارير فإن القوات التركية أعادت نشر صواريخ وقاذفات استراتيجية ودبابات ومجنزرات في المنطقة، خلال الأسبوعين الماضيين.
ويؤكد الكاتب والإعلامي التركي أحمد نور الدين، أن مضاعفة عدد القوات التركية وآلياتها على امتداد الحدود مع سوريا، يؤكد أن كل شيء قابل للتنفيذ، وفي مقدمة ذلك عمل عسكري.
ويقول نور الدين للجزيرة نت، إن تحرك الجيش التركي على امتداد الحدود يجب ألا يقرأ بمعزل عن عبارة الرئيس أردوغان، التي قال فيها إن "تركيا لن تكتفي بمراقبة ما يجري".
أما الخبير في شؤون الأمن والإرهاب كوشكون باشبوغ، فيرى أن تحرك الجيش التركي على الحدود مع سوريا لا يحمل طبيعة دفاعية، بقدر ما هو انتشار يحمل طابع البدء في عملية عسكرية.
ومن المرجح أن تعزز تركيا 12 مركز مراقبة، تقع على طول محيط إدلب، وفقاً لما تنص عليه اتفاقيات أستانا. ومن جهتها، أشارت وسائل الإعلام التركية إلى حرص أنقرة على نشر المعدات فقط على الحدود السورية. وبدورها، ذكرت وكالة Anadolu أن مدافع الهاوتزر والدبابات والمركبات المدرعة وصلت إلى منطقة كلس التركية، لتعزيز الحدود السورية.
القمة لم تحل كل الخلافات وتركيا لن تبقى متفرجة
وفق صحيفة Nizavismaya لم تؤد القمة المنعقدة في طهران، الأسبوع الماضي، إلى حل جميع الخلافات بين البلدان الثلاثة، روسيا وتركيا وإيران. من جهته، صرَّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقب زيارته لإيران، أنه لن يقف مكتوف الأيدي أمام الهجوم الذي يهدد إدلب. وأكد الرئيس التركي أنه "في الوقت الراهن، يوجد في إدلب أفراد من المعارضة المعتدلة، الذين تم في وقت سابق إجلاؤهم من حلب ومن الغوطة الشرقية. لقد أعلنا في عدة مناسبات رفضنا تنفيذ عمليات عسكرية ضد المدنيين، بحجة محاربة جبهة النصرة، لا سيما أن ذلك قد تترتب عليه أزمة إنسانية كبيرة، وتدفق موجات جديدة من اللاجئين إلى تركيا. وبشكل عام لا يتعيّن على تركيا دفع ثمن هذه العملية. يجب أن تتوافق جميع الخطوات مع مبادئ مفاوضات أستانا".
وبدورها، تصرُّ روسيا على الفصل بين عناصر المعارضة وبين القوات التي تعتبرها إرهابية. وفي مقابلة مع وكالة "RIA Novosti" الروسية، قال نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف، إن "مجموعة من الإرهابيين استفادت من إدراج إدلب، ضمن مناطق وقف التصعيد، الأمر الذي سمح لها بتعزيز صفوفها. وقد استغلَّت هذه المجموعة الوضع لشنِّ هجمات ضد المدنيين السوريين، وضرب مواقع القوات المسلحة الروسية، ولا يسعنا إلا الرد على هذا العدوان. وينبغي علينا الأخذ بعين الاعتبار وجود مدنيين، فضلاً عن أفراد من المعارضة المسلحة، الذين لم يتورطوا يوماً في الأنشطة الإرهابية، ومن المتوقع انضمامهم إلى عملية التسوية السياسية". ومن الصعب الفصل بين أطراف المعارضة وأنصار جبهة النصرة، في حين يجب إنجاز هذه المهمة دون إلحاق ضرر بالمدنيين داخل إدلب.
من جهته، أوضح الخبير الروسي في الشؤون التركية، تيمور أخميتوف، أن زيادة الوحدات التركية في محافظة إدلب ترتبط برغبة تركيا في تعزيز دفاعاتها حول مراكز المراقبة. وأضاف الخبير الروسي "من الواضح أن تركيا لا ترغب في تنفيذ عملية واسعة النطاق في إدلب. في الوقت نفسه، لا تستطيع أنقرة سحب قواتها من هناك، لا سيما أن هذه الخطوة ستؤثر سلباً على صورتها على الساحة الدولية، لذلك يتعيَّن على تركيا وروسيا دراسة مخطط العملية المرتقبة في إدلب بعناية".
سيناريو المواجهة بين تركيا وروسيا.. كيف سيأتي؟
ويعتقد الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيمينوف، أن خطر المواجهة بين روسيا وتركيا، يتفاقم كلما بادرت موسكو وطهران ودمشق باتخاذ إجراءات صارمة تجاه إدلب السورية. في الأثناء، قال سيمينوف، إن "تركيا قد اتَّخذت جميع التدابير لمنع هجوم محتمل من طرف قوات النظام وحلفائه. وتعد جميع الإجراءات التي اتخذتها تركيا متوقعة، لا سيما في ظل التهديدات التي تحوم حول مراكز المراقبة التركية الموجودة على طول محيط منطقة خفض التصعيد، وذلك للتصدي لأي هجوم مرتقب من قبل القوات الحكومية. وفي محاولة لتجنُّب المخاطر المحتملة التي قد تطال جنودها، قامت تركيا بتعزيز وحداتها في محافظة إدلب، الأمر الذي سيخلق عقبات إضافية في وجه العمليات الهجومية التي يعتزم النظام السوري تنفيذها. وفي حال استخدمت تركيا القوات الجوية، سيمكنها ذلك من تحقيق الفوز".
في هذه الحالة، لا يستبعد سيمينوف أن يتكرر سيناريو المواجهة بين موسكو وأنقرة سنة 2015، على خلفية إسقاط طائرة روسية من طراز سو 24، من قبل جنود أتراك. والجدير بالذكر أن روسيا لا ترغب في تصعيد الخلافات مع تركيا، الأمر الذي قد يدفعها لكبح جماح دمشق، وذلك وفقاً لما أشار إليه سيمينوف. وتقع جميع عمليات التخطيط للعمليات العسكرية على عاتق موسكو، في الوقت الذي تعمل فيه أنقرة على التحذير بشكل مسبق من عواقب شن هجوم على إدلب. في وقت سابق، وافقت أنقرة على العديد من العمليات التي شهدتها بعض مناطق وقف التصعيد، بما في ذلك إخراج عناصر من المعارضة من الغوطة الشرقية ومحافظة حمص. ولكن، في الوقت الراهن، ترى تركيا أنه من غير الممكن تغيير الاتفاقيات السابقة بشأن إدلب، لا سيما أن ذلك من شأنه أن ينتهك جميع اتفاقيات وقف التصعيد.
قد نرى لقاء جديداً بين بوتين وأردوغان
ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات الروسية التركية حول مصير المحافظة، حيث أعلن الرئيس التركي بعد القمة المنعقدة في طهران عن إمكانية عقد لقاء جديد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. في الأثناء، قال الرئيس التركي، إن "الاتفاق على وقف إطلاق النار مسألة مهمة جداً بالنسبة لنا، وبطبيعة الحال لدينا العديد من الأفكار المتباينة. وستتولى وزارة الشؤون الخارجية ووزارة الدفاع والمخابرات مناقشة هذه الأفكار مع الجانب الروسي. ومن المتوقع أن يجتمع مع الرئيس الروسي بعد الزيارة المرتقبة إلى ألمانيا نهاية هذا الشهر".
وفي شأنٍ ذي صلة، أشار الرئيس التركي إلى تطرقه ونظيره الروسي إلى مسألة عقد اجتماع ثنائي لدراسة العملية العسكرية المرتقبة بشكل أفضل. وفي هذا الشأن، أورد أردوغان، قائلاً: "اتفقنا على مناقشة المسألة بين ممثلي الدولة الروسية والتركية، ثم الإعداد لاجتماع من أجل اتخاذ قرار نهائي. في الواقع، نريد إحراز تقدم في قضية إدلب، وأعتقد أنه بإمكاننا تحقيق نتائج إيجابية في هذا الشأن".
على صعيد آخر، يثير الوضع في إدلب مخاوف بشأن إمكانية استخدام الأسلحة الكيميائية. وقد حذرت الاستخبارات الأميركية من جهتها من امتلاك النظام السوري للأسلحة المحظورة وفرص استخدامها في محافظة إدلب. في هذا الصدد، ذكرت صحيفة "Wall Street"، أن الرئيس الأميركي يدرس خيارات مختلفة للرد على السلطات السورية. بالإضافة إلى ذلك، ذكر مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى، أن رئيس البيت الأبيض يدرس بعض التصورات العسكرية. لكن إمكانية استهداف مواقع الجيش الروسي من طرف الولايات المتحدة الأميركية، لا يزال موضع شك. في الأثناء، يمكن للولايات المتحدة الأميركية اللجوء إلى بعض الخيارات السلمية على غرار، فرض عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري.
من جهته، صرَّح أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، موضحاً: "لم نعلن أن الولايات المتحدة الأميركية ستتخذ حقاً إجراءات عسكرية، رداً على الهجوم المحتمل، لا سيما في ظل امتلاكها لوسائل ضغط سياسية واقتصادية على حد سواء". وبشكل عام، تمتلك الولايات المتحدة وسائل مختلفة يمكنها استخدامها في حال قام الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب السورية.