في أول ردِّ فعل له على الضجَّة التي أثارها استِعمال بعض المُصطَلحات بالعامِية المغربية "الدَّارجة" ضمن مقرر دراسي مُعتمد من طرف وزارة التربية الوطنية (التعليم)، قال رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، إنه لا يمكن أبداً استعمال "الدّارجة" في التعليم، على اعتبار أن اللغتين العربية والأمازيغية، هما اللغتان الرسميتان دُستورياً.
متحدِّثاً لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح رئيس الحكومة المغربية أن مقررات تتضمَّن بضع كلمات فيها نقاش، مؤكداً بالقول، "لا مشكلة لدينا في التَّراجع عن هذه المقررات، والطلب من الوزارة التي أصدرتها بأن تتراجع عنها إذا كان المُربُّون واللغويون واللجان المعنية، بعد استشارة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يَرَون ذلك".
في نفس السياق، أشار العثماني إلى أن القانون ينُص على "ضرورة التَّقيد باللغة المُقررة في التدريس دون غيرها من الاستعمالات اللغوية، وذلك لقطع الطريق على استعمال الدارجة". وشدد على أن هذا القرار نهائي، والحكومة على وَعي به، وأضاف أنه طلب من وزير التربية الوطنية أن يقدِّم توضيحات للرأي العام حول هذا الموضوع باعتباره القطاع المعني بالأمر.
العثماني يتبرَّأ من وزير التعليم
وشهدت الشبكات الاجتماعية بالمغرب نِقاشات حادة حول مضمون كتاب مدرسي مُوجَّه للمستوى الابتدائي خلال الموسم الدراسي الجاري، ضمَّت صفحاته أسماء فطائر مغربية (البغرير)، بالإضافة إلى أسماء حلويات تقليدية كـ "البريوات" و"الغريبة"، الأمر الذي لاقى سُخرية واسعة واستهجاناً حول دوافع وأهداف هذه الخطوة، فيما وجدت الحكومة المغربية نفسها أمام القضاء مع تهديد أولياء الأمور بمقاطعة أبنائهم للدراسة.
مرة أخرى ينتصر شعب الفيسبوك العثماني: لن نسمح باستعمال الدارجة في المقررات المدرسية
Geplaatst door Jalal Tetouani op Maandag 10 september 2018
خرجة رئيس الحكومة الإعلامية، والتي ثمَّنها نُشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عدَّها آخرون طريقة للتبرُّؤ من مقرر وزارة التربية الوطنية وعلى رأسها الوزير سعيد أمزازي، خاصة بعد أن طلب منه صراحة تقديم توضيحات للرأي العام المغربي.
أما المحلل السياسي خالد يايموت، فيَرى أن تصريح رئيس الحكومة يأتي في إطار ضرورة تقديمه جواباً معيناً للمغاربة، مُقرًّاً أن هناك خَللاً كبيراً ضمن السياسات العمومية خارج دائرة العمل الحكومي، وأضاف المتحدث لـ"عربي بوست"، أن رئيس الحكومة حاول إعطاء صورة عن كون هذه السياسات المطبقة في مجال التعليم ليست حكومية.
وأوضح يايموت أن رئيس الحكومة استند ضمن تصريحه أيضاً على مسألة السياسة الجديدة للحكومة في مجال التعليم في محاولة للدفاع عن الحكومة، مُحيلاً خلال كلامه على القانون الذي يؤطر العملية برُمَّتها.
من يتحكم في تعليم المغرب؟
وينُصُّ القانون الذي يُعرض حالياً أمام البرلمان، في الفقرة 29 منه على "ضرورة التَّقيُّد باللغة المقررة في التدريس دون غيرها من الاستعمالات اللغوية، وذلك لقطع الطريق على استعمال الدارجة، وبالتالي لا يُسمح بوجود تعابير أو جمل أو فقرات بالدَّارجة ضمن المقرر".
بالرغم مما يُحاول رئيس الحكومة المغربية تمريره من رسائل للرأي العام المغربي بكون الحكومة تحاول أخذ زمام المبادرة في قطاع لم تتدخل فيه حكومة منذ الاستقلال، ستينيات القرن المنصرم، يرى المحلل السياسي خالد يايموت أن الإشكال الرئيسي بالمغرب، رغم كل محاولات إصلاح التعليم، هو غياب حسم حقيقي لتحديد اللغة المعتمدة في التعليم وإن كانت ستقتصر على اللغتين الوطنيتين وفق الدستور ووفق المعمول به في البلدان المجاورة.
لكن مما لاشك فيه أن وزارة التربية الوطنية التي سارعت قبل أيام إلى الدفاع عن قرارها، مقدمة رداً سريعاً على الأصوات الرافضة للمصطلحات العامية، وجدت نفسها في موقف لا تُحسد عليه، خاصة بعد أن طُلب إليها تقديم توضيح حول المقررات، فيما لم يتوانَ العثماني على التأكيد أن "لا مشكلة في التراجُع عن هذه المقررات" وفق تعبيره.
بيان توضيحيعلى إثر ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية بخصوص استعمال "عبارات دارجة" في…
Geplaatst door وزارة التربية الوطنية op Dinsdag 4 september 2018
الحديث عن سحب المقررات ما زال باكراً
مصدر رسمي داخل وزارة التربية الوطنية (التعليم)، رفض الإفصاح عن هويته، أكد لـ"عربي بوست"، أن الوقت لا يزال مُبكراً على الحديث عن حذف المصطلحات العامية وتوقيتها من المقررات الدراسية، وأن الخطوة المقبلة ستتمحور حول عرض المسألة على لجنة مختصة بالإضافة إلى طلب استشارة المجلس الأعلى للتربية والتعليم والبحث العلمي (مؤسسة دستورية).
وأوضح المصدر، أن القاعدة المعمول بها بالمغرب والتي تنطبق على جميع الكتب المدرسية تقوم على مراجعة المقررات وتعديلها كل سنة على ضوء الملاحظات المقدمة من طرف الهيئة التدريسية والتفتيشية، قبل أن تسحب الطبعات المتداولة وسط السنة الدراسية أو في آخرها، مؤكداً أنه خلال عشر سنوات الأخيرة لم يتم سحب أي نسخة أو تعديلها وسط العام.
للحسن الثاني رأي آخر!
إشكالية تعليم الدارجة المغربية واللهجات الأمازيغية بالمغرب ليست وليدة اللحظة، فخلال خطاب ملكي أغسطس/آب 1994، أفصح العاهل الراحل الحسن الثاني عن تفكيره في إدخال اللهجات الأمازيغية (تاريفيت، تمازيغت، تاشلحيت) في التعليم باعتبارها "لهجات شاركت اللغة الأم، لغة الضاد والقرآن الكريم، في صنع تاريخ المغرب وأمجاده" وفق تعبير الملك.
وأكَّد العاهل قبل زهاء رُبع قرن، على أن الخلط مُستحب وواجب بل وضروري بين اللغة العربية واللهجات الأمازيغية، إذ تابع خطابه قائلاً، "أن أسمع طفلاً مغربياً يخلط في حديثه بين اللغة العربية سواء كانت الدَّارجة أو الفصحى وبين تاريفيت أو تمازيغت أو تاشلحيت، أفضل بالنسبة لي وأشرف وأكثر مناعة للمستقبل من أن أسمع الطفل أوالطفلة ووالديهم يخاطب بعضهم بعضاً بالخلط بين العربية والفرنسية أو العربية والإسبانية".