قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الأحد 2 سبتمبر/أيلول 2018، إن حكومته لن "تجازف بمصالح شعبها إرضاء لإيران"، التي تواجه عقوبات أميركية على خلفية برنامجها النووي.
وقال العبادي، خلال لقائه مع عدد من الصحفيين في مقر الحكومة بالعاصمة بغداد: "لن نجازف بمصالح شعبنا إرضاء لإيران أو أي دولة أخرى"، مضيفاً: "ليس من حق أي دولة جارة أن تقطع مياه نهر الكارون عن شط العرب، وسنتحدث معهم بخصوص ذلك" في إشارة إلى إيران.
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الحكومة الإيرانية بشأن ما ورد في تصريحات العبادي.
وقطعت إيران مياه نهر "الكارون" عن العراق منذ مطلع الصيف؛ ما أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة في شط العرب، وتسبب بإصابة الآلاف بالتسمم.
و"شط العرب" نهر يتكون من التقاء نهري دجلة والفرات، في المدخل الشمالي لمدينة البصرة ويبلغ طوله حوالي 190 كم، ويصب في الخليج العربي عند طرف مدينة الفاو.
لا خيار للعراق سوى الالتزام بتطبيق العقوبات الأميركية
والأسبوع الماضي، أقر رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي بأنَّ العراق لا تملك خياراً آخر سوى الالتزام بتطبيق العقوبات الأميركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترمب على إيران. وتشير التقارير إلى أنَّ الولايات المتحدة ستفرض عقوباتٍ على أي بنكٍ عراقي ينتهك الحظر الأميركي على التعامل التجاري مع الجمهورية الإسلامية.
وقال حيدر العبادي : "نحن غير راضين عن هذه العقوبات، ولا نعتقد أنَّها ملائمة.. لكنَّنا ملزمون بحماية شعبنا".
لكن ردود الفعل العنيفة من الطرفين دفعت العبادي إلى تغيير موقفه؛ إذ لم يقتصر الأمر على غضب بعض العراقيين فقط، لكن -على ما يبدو- ألغى الإيرانيون اجتماعاً مع رئيس الوزراء، كان من المقرر عقده هذا الأسبوع.
وذكر تامر الغباشي ومصطفى سالم، المراسلان بصحيفة The Washigton Post الأميركية، في تقريرٍ نشرته الصحيفة يوم الثلاثاء 14 أغسطس/آب 2018: "في يوم الإثنين 13 أغسطس/آب 2018، تخلى العبادي عن التزامه السابق، موضحاً أنَّ العراق لن يمتنع إلا عن ممارسة الأعمال التجارية مع إيران بالدولار الأميركي.
وقال إنَّ بلاده لم تقرر بعدُ ما إذا كان العراق سيتوقف عن استيراد السلع الرئيسية من إيران أم لا.
وفي تنازلٍ لجاره القوي، قال العبادي إنَّ رسوم التأشيرة على الحجاج الإيرانيين إلى الأماكن المقدسة الشيعية في العراق ستنخفض؛ لتعويض القيمة الضعيفة للريال الإيراني".
وقال الباحث حسن حسن في حسابه على "تويتر": "يمكن للمرء أن يقول إنَّ سياسة ترمب في إيران تنجح بالفعل".
وهو ما دفع إيران لاتهام العراق بالخيانة ونكران الجميل
وقالت "الواشنطن بوست" الأميركية إن "إيران تتهم العراق بالخيانة، وألغى رئيس وزراء العراقي حيدر العبادي رحلته إلى طهران، إضافةً إلى الهتافات المناهضة لإيران في أثناء الاحتجاجات التي اندلعت في جنوب البلاد".
ويتولى العبادي دفة قيادة الحكومة الانتقالية، في حين ما يزال السياسيون العراقيون يتصارعون حول تشكيل الائتلاف الحاكم الجديد للبلاد.
وهو في موقف حساس لا يُحسد عليه: على الرغم من أنَّه يحظى بشعبية في واشنطن، فهو أيضاً مَدين بالفضل للمصالح الإيرانية ونفوذها داخل بلاده وأحزابها السياسية المختلفة.
ولا يمكنه تحمُّل قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، الحليف الأمني المهم، ولا الخوض في قتالٍ حقيقي مع طهران، التي تدخل بلاده معها في معاملاتٍ تجارية سنوية تبلغ قيمتها 12 مليار دولار، وتتشارك معها روابط ضخمة أخرى.
وقد تصبح الأمور أكثر تعقيداً في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تزامناً مع فرض جولةٍ أخرى من العقوبات الأميركية الأكثر صرامة على صناعة النفط في إيران.
وصرَّح نبيل جعفر، أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، لموقع Al-Monitor، بأنَّ العراق قد "يُحرم من تصدير نفطه" إذا لم تمتثل بغداد لتلك الإجراءات.
لكنَّ جانفييف عبدو، الباحثة بالمؤسسة العربية المقيمة في واشنطن، جادلت في موقع Politico الأميركي، بأنَّ العراق ليس لديه أي خيار سوى انتهاك العقوبات. فإذا التزم العراق بمطالب إدارة ترمب، فمن الممكن أن تقطع إيران عن جارتها الموارد التي تحتاجها بشدة.
___________________
اقرأ أيضاََ
أزمة المياه في بلاد الرافدين تدخل مرحلة خطيرة.. العراق يحظر زراعة 8 محاصيل بينها الأرز والذرة والقطن
صراع بين مبعوث ترمب وسليماني على رئاسة وزراء العراق، والبلاد مهدَّدة بعقوبات اقتصادية مثل إيران