الروس بدأوا الهجوم على انتخابات الكونغرس.. وترمب لم يضع استراتيجية لردعهم رغم قدرته على حماية أميركا بكلمة واحدة

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/29 الساعة 17:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/29 الساعة 17:26 بتوقيت غرينتش
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب في قمة هلسنكي

أمر واحد من الرئيس الأميركي كفيل بحماية الديمقراطية الأميركية، وهزيمة الروس في الحرب الإلكترونية، التي يبدو أنهم يعتزمون شنّها على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.

ولكن لم تخرج هذه الكلمة حتى الآن من فم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أنكر من قبل التدخلات الروسية في الانتخابات الأميركية، عكس تقديرات أجهزته الاستخباراتية التي أكدت هذا التدخل.

وكان هناك فرصة يعلن فيها الرئيس خططه بشأن التصدي لهذا التدخل الروسي الذي بدأ بالفعل.

إذ ترأس ترمب اجتماعاً الجمعة الماضية، 27 يوليو/تموز 2018، لأبرز مستشاريه في الأمن القومي، لمناقشة جهود الإدارة الرامية لحماية انتخابات الكونغرس، المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، من التدخُّل الروسي، وهو الاجتماع الأول من نوعه الذي يقوده بشأن المسألة، لكنَّه لم يصدر أي توجيهات جديدة للتصدي للتهديد أو ردعه، حسبما ذكر تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركية.

وغطَّى الاجتماع، الذي استمرَّ لأقل من ساعة، كلَّ الأنشطة التي تقوم بها الوكالات الفيدرالية لمساعدة مسؤولي الانتخابات المحلية وانتخابات الولايات، وللتحقيق ومحاسبة المخترقين الروس، الساعين لتقويض الديمقراطية الأميركية.

وقال البيت الأبيض في بيان: "أوضح الرئيس أنَّ إدارته لن تتسامح مع التدخُّل الأجنبي في انتخاباتنا من أي دولة أو جهات فاعلة خبيثة".

انتقادات وصلت إلى حد التخوين

ويأتي اجتماع مجلس ترمب للأمن القومي بعد الانتقادات الواسعة التي وُجِّهَت للمؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأميركي هذا الشهر يوليو/تموز، في هلسنكي، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي بدا ترمب فيه أنَّه لا يكترث بتقييم مجتمع الاستخبارات الأميركية بأنَّ موسكو تدخَّلت في الانتخابات الأميركية لعام 2016.

وكانت تصريحات ترمب صادمة أيضاً؛ لأنَّه قبل ذلك بثلاثة أيام فقط اتهمت الولايات المتحدة 12 ضابط استخبارات روسياً بالاختراق الإلكتروني للجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، وحملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وكان رد ترمب على سؤال حول عمليات القرصنة والتدخل الروسي في انتخابات 2016، التي فاز فيها على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، صادماً لحلفائه الأميركيين وخصومه على السواء.

إذ قال ترمب: إن بوتين "قال للتو إن روسيا لم تقُم بذلك. وأنا أقول: لا أرى سبباً لكي تكون روسيا هي الفاعلة".

 وجرّت هذه التصريحات على ترمب انتقادات واسعة في الأوساط السياسية الأميركية، قبل أن يخرج الثلاثاء 17 يوليو/تموز 2018، ليوضّح أنه يدعم خلاصات وكالات الاستخبارات الأميركية، التي توصلت إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات.

وتوصّلت عدة تقارير استخباراتية أميركية، خلال الأشهر الأخيرة، إلى "تورط روسيا في التدخل بالانتخابات الأميركية"، في حين ظلَّ ترامب يستبعد هذا التدخل طوال الأشهر الماضية.

وبلغت حدة الانتقادات ضد ترمب درجة وصفه بالخيانة؛ إذ قال النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا جيمي غوميز: "الوقوف مع بوتين ضد الاستخبارات الأميركية يثير الاشمئزاز. عدم الدفاع عن الولايات المتحدة يصل إلى شفير الخيانة".

إقرأ أيضاً

قمة هلسنكي تفتح النار على ترمب.. الانتقادات تنهال على الرئيس الأميركي حتى من إدارته،  وصفوه بالمخزي والمشين والخائن

اجتماع جيد لكن البعض يراه متأخراً.. ولكن هل اقترح جديداً لمواجهة الروس؟

لم تكن هناك مناقشات حول تحركات جديدة يرغبها ترمب أو استراتيجية مُنسَّقة لمنع روسيا من التدخُّل في الحياة السياسية الأميركية. وعوضاً عن ذلك، ركَّز الاجتماع على الأنشطة المبذولة حتى الآن.

هكذا وصف مسؤولون أجواء الاجتماع الأخير الذي عقده ترمب مع معاونيه الأمنيين بشأن التدخل الروسي في انتخابات الكونغرس المقبلة. 

وقال مسؤولٌ كبير بالإدارة الأميركية، تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هُويته، حتى يتسنى له تناول حدث كان مغلقاً في وجه التغطية الإعلامية: "كان اجتماع الرئيس مع مستشاريه الأمنيين جيداً. الجميع كانوا متوافقين في الرأي. إنَّنا نقوم بالكثير من العمل الجيد عبر مختلف مكونات الإدارة".

في المقابل، أصدر أعضاءٌ ديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي بياناً ينتقد ترمب لعدم منحه الأولوية لأمن الانتخابات في وقتٍ أبكر.

إذ قال النواب بيني ثومبسون (عن ولاية ميسيسيبي)، وروبت برادي (عن ولاية بنسلفانيا)، وإيليا كامينغز (عن ولاية ميريلاند)، وجيرولد نادلر (عن ولاية نيويورك)، وهم نواب ديمقراطيون أعضاء في لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب، ولجنة إدارة مجلس النواب، ولجنة الرقابة والإصلاح الحكومي بمجلس النواب، واللجنة القضائية بمجلس النواب، على الترتيب: "كان يجب عقد هذا الاجتماع قبل أشهر مضت، ولا يستحق الرئيس أن يُنسَب إليه فضلٌ خاص لفعله ما هو مسؤول عن عمله… بموجب قسم تولِّيه المنصب".

ودعا النواب البيت الأبيض لوضع "خطة عمل مُحكَمة".

المشكلة أن الحرب الروسية قد بدأت بالفعل.. وهذه أولى ضحاياها

وبالفعل، استُهدِف ثلاثة مرشحين للكونغرس على الأقل من جانب مُخترقين عسكريين روس. ووفقاً لمسؤول تنفيذي بشركة مايكروسوفت، تحدَّث عن العملية في مؤتمرٍ أمني الأسبوع الماضي، لم تنجح أي تلك المحاولات.

كان من المُستهدفين السيناتور كلير مكاسكيل (عضوة ديمقراطية بمجلس الشيوخ عن ولاية ميسوري)، والتي تواجه محاولة إعادة انتخاب صعبة في مجلس الشيوخ.

وقال زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (عن ولاية كنتاكي) الجمعة، أثناء مؤتمرٍ صحفي في مدينة لويفيل بالولاية: "الروس، كما نعلم، هم فاعلون سيئون. لقد عبثوا في الانتخابات الماضية. وأوضحتُ أنَّهم من الأفضل ألا يعبثوا هذه المرة. وإنَّنا نترصَّد أي جهدٍ يقومون به للتدخُّل في انتخابات 2018".

والآن في ظل غياب أوامر من الرئيس، فإن كل مؤسسة أميركية تعمل بشكل فردي

وفي ظلِّ غياب التوجيه المباشر من البيت الأبيض، نظَّمت الوكالات الفيدرالية جهودها الفردية لكشف التهديد ومواجهته.

فأنشأ مدير وكالة الأمن القومي "مجموعةً صغيرةً" خاصة بروسيا تتألف من وكالة الأمن القومي، ومتخصصين إلكترونيين عسكريين، مُكلَّفة بالكشف عن المساعي الروسية لاستهداف الانتخابات والتصدي لها.

وأقام مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، الخريف الماضي، فرقة عمل مختصة بالتأثير الأجنبي بهدف التصدي لعمليات التأثير التي تستهدف الولايات المتحدة.

وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي في بيانٍ، إنَّ العمليات الروسية تتضمَّن جهوداً سرية "للتأثير على السياسة الأميركية، وتشويه المشاعر والخطاب العام، وتقويض الثقة في القيم الديمقراطية بهدف تحقيق أهداف جيوسياسية لحكوماتٍ أخرى".

وتعمل فرقة العمل التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي عن كثب مع وزارة الأمن الداخلي والحلفاء الأجانب الذين يكافحون الأنشطة الروسية الخبيثة هم أيضاً.

وأعلنت وزارة العدل الأميركية الأسبوع الماضي، سياسة جديدة لكشف الأعمال السرية التي تقوم بها حكومات أجنبية لتقويض الثقة في المؤسسات الديمقراطية مثل الانتخابات الأميركية، والذي يحدث في كثيرٍ من الأحيان عن طريق الاختراق الإلكتروني وحملات التضليل.

وتُبذَل أوضح الجهود من جانب وزارة الأمن الداخلي، التي تركز على أمن النظام الانتخابي، وشكَّلت فرقة عمل تتألف من ممثلين من الوزارة ووكالات فيدرالية أخرى لتشارك المعلومات ومساعدة مسؤولي الانتخابات المحلية وانتخابات الولايات على تعزيز أمن أنظمتهم.

وهناك حاجة إلى مزيد من التمويل

وخصَّص الكونغرس هذه السنة 380 مليون دولار لمساعدة الولايات على تعزيز بنيتها الانتخابية. لكن يُنظَر إلى هذا على نطاقٍ واسع باعتباره غير كاف. ويدرس مجلس الشيوخ الموافقة على منح إضافية بقيمة 250 مليون دولار.

إلى جانب ذلك، صاغت لجنتا القوات المسلحة بمجلسي النواب والشيوخ تشريعاً يُخوِّل الرئيس إصدار الأوامر لقيادة الأمن الإلكتروني الأميركي لتعطيل عمليات التدخُّل الروسي في الانتخابات.

وسيتطلَّب مشروع القانون، الذي لا يزال يتعين على الكونغرس التصويت عليه، من الرئيس تعيين مُنسِّق من مجلس الأمن القومي ليترأس عملية تشارك فيها وكالات عدة تهدف لمحاربة حملات التأثير الأجنبي الخبيث.

وقال ديفيد بيكر، المسؤول السابق بوزارة العدل الأميركية والذي يترأس الآن مركز Center for Election Innovation & Research غير الحزبي المعنيّ بالانتخابات، إنَّ وزارة الأمن الداخلي قامت بعملٍ "بنَّاء للغاية" مع مسؤولي الانتخابات المحلية وانتخابات الولايات. وأضاف: "إنَّهم يقومون بكل ما بوسعهم لمنح مسؤولي الانتخابات المحلية وانتخابات الولايات الأدوات لمحاربة ذلك التهديد".

لكنَّه قال إنَّ ذلك ليس كافياً.

الغريب أن الولايات المتحدة قادرة على ردع الهجمات.. ولكن الأمر متوقف على إصدار الرئيس لهذا القرار

"من الصعب بالنسبة لهم رؤية رئيسنا يقف إلى جانب الرجل الذي أمر بالهجوم على الديمقراطية الأميركية، دون أن يُحمِّل الروس المسؤولية، هكذا يعلق ديفيد بيكر على الوضع الحالي.

ويضيف: نعم، عليهم كشف الهجمات ومنعها والتخفيف من أي آثار سلبية، لكن من المهم أيضاً ردع الهجمات من الأساس. وهذا هو الميدان الذي نفتقد فيه إلى القيادة من البيت الأبيض".

ويمكن لقيادة الأمن الإلكتروني الأميركية، في حال تلقَّت الأوامر، أن تقوم بعمليات هجومية لتعطيل مثل تلك الأنشطة، وذلك باستخدام المعلومات الاستخباراتية لوكالة الأمن القومي، حسب تقرير الصحيفة الأميركية.

وقالت سوزان سبولدينغ، المسؤولة السابقة البارزة بوزارة الأمن الداخلي: "من الرائع أنَّهم يعقدون اجتماعاً لمجلس الأمن القومي اليوم، لكنَّه مثل القمم المفاجئة مع بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، دون كل العمل التحضيري التي يجري القيام به لتجهيز الخيارات ونقل القضايا لمزيد من الدراسة في المستويات العليا".

وأشادت سوزان، التي كانت وكيلة لإدارة الحماية والبرامج الوطنية بالوزارة في إدارة أوباما، بالوكالات، لقيامها بما في وسعها بنفسها، لكنَّها قالت إنَّ استراتيجية يقودها البيت الأبيض ستكون مهمة للوصول بالجهود إلى الحد الأقصى.

وقالت: "عند تحضيرك لخطة للتصدي للتدخُّل الروسي، فإنَّك ترغب في التأكد من أنَّك تستغل كل الموارد والقدرات والسلطات التي لديك في مختلف مكونات الحكومة. ولن تحقق ذلك إذا حاولت كل إدارة ووكالة مجرد العمل ضمن مجالها الصغير الخاص".

 

إقرأ أيضاً

ما أخفاه ترمب في أكثر قضية حساسة بأميركا يكشفه محاميه السابق: الرئيس علِمَ باجتماع عقد في برجه مع الروس للإضرار بكلينتون

تحميل المزيد