رفضت الولايات المتحدة الأميركية طلباً فرنسياً بمنح إعفاءات لشركاتها العاملة في إيران، طلبته باريس بعد أن فرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عقوبات على طهران.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، في مقابلة نُشرت الجمعة 13 يوليو/تموز 2018 مع صحيفة لوفيغارو: "تلقينا للتوّ ردَّ وزير الخزانة ستيفن منوتشين، وجاء سلبياً". وقال لومير إن أوروبا بحاجة إلى التصرف سريعاً وحماية سيادتها الاقتصادية.
كانت باريس اختارت قطاعات رئيسية تتوقع أن تُعفى الشركات الفرنسية العاملة بها من العقوبات، أو أن يتم تمديد فترات إنهاء نشاطها، وضمن ذلك قطاعات الطاقة والبنوك والأدوية والسيارات.
وقالت واشنطن إن على الشركات تصفية أنشطتها مع إيران بحلول الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2018 وإلا فستواجه خطر الاستبعاد من النظام المالي الأميركي.
وعبر مسؤولون فرنسيون عن أمل محدود في الحصول على هذه الإعفاءات، التي تمثل أهمية لشركة توتال الكبيرة للنفط والغاز لكي تواصل مشروع غاز بمليارات الدولارات في إيران، ولمجموعة بيجو ستروين لصناعة السيارات لكي تستمر في مشروع مشترك.
وأضاف لومير: "يجب على أوروبا أن توفر لنفسها الأدوات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها في مواجهة العقوبات العابرة للحدود".
وقالت شركة سكور الفرنسية المتخصصة بإعادة التأمين الجمعة 13 يوليو/تموز 2018، إنها لن تسعى لإبرام عقود جديدة أو تجديد أنشطة قائمة في إيران بسبب العقوبات الأميركية.
وتعمل معظم شركات التأمين الدولية في إيران مع قطاعي الشحن والطاقة بالبلاد.
وأعلنت واشنطن في مايو/أيار 2018، فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق متعدد الأطراف أُبرم في عام 2015، ووافقت إيران بموجبه على فرض قيود على أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات عنها.
وكانت مشتريات أوروبا من نفط إيران قد تراجعت تحسباً لخطوات ترمب
وخفضت شركات التكرير الأوروبية مشترياتها من النفط الإيراني بوتيرة أسرع من المتوقع، في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لإعادة فرض عقوبات على إيران، مما يهدد بتأثيرات أشد من الجولة السابقة من الإجراءات العقابية التي اتُّخذت بحق طهران في 2012 على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يشارك في العقوبات هذه المرة.
وبعد العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، على إيران في 2012، فرضت أوروبا حظرها الخاص على النفط الإيراني. لكن هذه المرة تُقطع خطوط الائتمان على الرغم من تعهد زعماء أوروبيين بالتمسك بالاتفاق النووي، لتتجه مشتريات أوروبا إلى التوقف.
وقال مصدر بقطاع النفط: "تلك العقوبات ستكون أسوأ من عقوبات أوباما. معه، كنت تعرف أين تقف وكيف تتحرك في إطار العقوبات… لا يمكن توقُّع أي شيء مع ترمب. الجميع خائفون".
وقال مصدران مطلعان إن بنك التجارة والاستثمار السويسري أبلغ جميع زبائنه أنه سيوقف تمويل شحنات النفط الإيرانية بحلول 30 يونيو/حزيران 2018.
وقالت مصادر إن بعض الشركات تبحث عن خيارات مصرفية أخرى، لكن علاوة على أسعار الشحن لإيران وارتفاع أسعار البيع الرسمية وعدم القدرة على التنبؤ بترمب تثبط الحماسة، وإنه من غير المتوقع أن تقوم شركات التكرير تلك بشراء نفط من إيران مجدداً.
وتتلقى أوروبا أكثر من خُمس صادرات الخام الإيراني البالغة 2.5 مليون برميل يومياً.
إيران تحاول القفز على أزمة الشركات الأجنبية بالسماح للقطاع الخاص
وسبق أن قال إسحاق جهانجيري النائب الأول للرئيس الإيراني، إن إيران ستسمح للشركات الخاصة بتصدير النفط الخام؛ من أجل المساعدة في التغلب على العقوبات الأميركية.
وقال جهانجيري في تصريحات عن العقوبات الأميركية الوشيكة، بثها التلفزيون الرسمي: "الخام الإيراني سيُعرض في البورصة، والقطاع الخاص يستطيع تصديره"، مضيفاً: "أي طرف يحاول انتزاع (حصة) إيران بسوق النفط إنما يرتكب خيانة عظمى بحق إيران، وسيدفع ثمنها يوماً ما".
وكانت كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وجَّهت طلباً رسمياً مشتركاً الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2018)، إلى الولايات المتحدة لإعفاء شركاتها من الإجراءات العقابية الناجمة عن إعادة فرض العقوبات الأميركية على ايران.
وقال وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، إن الدول الثلاث والاتحاد الأوروبي تطلب من الولايات المتحدة "إعفاء الشركات الأوروبية التي تقوم بأعمال تجارية قانونية في إيران من جميع العقوبات الأميركية خارج الحدود".
وتأتي الرسالة في وقت يسعى فيه القادة الأوروبيون إلى إنقاذ الاتفاق النووي الموقَّع عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى والذي وافقت طهران بموجبه على وقف تطوير قدراتها النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
ويقول محللون إن الشركات الأوروبية التي سارعت للاستثمار في الاقتصاد الإيراني بعد رفع العقوبات عنها خلال السنوات الثلاث الماضية هي الخاسر الأكبر من إعادة فرضها.
وذكرت عدة شركات كبرى، بينها "توتال" الفرنسية و"ميرسك" الدنماركية، أنه لن يكون بإمكانها البقاء في إيران مع إعادة فرض العقوبات بشكل كامل خلال الأشهر الستة المقبلة إلا في حال حصولها على استثناءات واضحة من واشنطن.