وصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الثلاثاء 10 يوليو/تموز 2018 الى بروكسل؛ للمشاركة في قمة لحلف شمال الاطلسي يُتوقع ان تسودها توترات شديدة بسبب الشكوك المتزايدة لدى الاوروبيين بشأن نوايا سيد البيت الأبيض الذي يكثر من تصريحاته العدائية تجاههم.
وحطّت الطائرة الرئاسية "إير فورس وان" بعيد الساعة 21,00 (19.00 ت غ) في مطار ميلسبروك العسكري آتية من واشنطن وعلى متنها ترمب وزوجته ميلانيا التي ترافقه في جولة اوروبية تستمر اسبوعا.
والاثنين سيلتقي ترمب في هلسنكي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة ترتدي طابعاً تاريخياً؛ لأنها ستكون أول لقاء ثنائي رسمي بين الرئيسين.
روسيا أقرب من الناتو بالنسبة لترمب
وقبيل مغادرته واشنطن أكد ترمب مجدداً أن دولاً عدة في الحلف "لا تفي بالتزاماتها" على صعيد الانفاق الدفاعي، معتبراً أن قمته المرتقبة مع بوتين في هلسنكي "قد تكون الأسهل" في جولته الاوروبية.
وفي بروكسل سيلتقي ترمب يومي الأربعاء والخميس قادة الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي الـ29 على أمل إظهار مشهد من الوحدة على الرغم من التوتر الصريح بين الحلفاء عبر الأطلسي في عدد من القضايا.
وفي تصريحات للصحافيين بشأن لقاءاته المقبلة في جولته الأوروبية، بما فيها أول قمة ثنائية مع بوتين الإثنين في هلنسكي، قال ترمب للصحافيين: "بصراحة، قد يكون بوتين الأسهل بينهم جميعاً، من كان ليظن ذلك؟".وتعهد ترمب بعدم السماح للاتحاد الأوروبي "باستغلال" الولايات المتحدة، وهو يشير باستمرار إلى أن الاتحاد لا يقوم بما هو كاف لدعم الحلف الأطلسي ويستفيد "بشكل غير عادل" من التجارة مع الأميركيين.
وقال للصحافيين: "بالتأكيد سيكون وقتاً ممتعاً مع حلف الأطلسي".
وتابع أن "حلف الأطلسي لا يعاملنا بشكل عادل، لكنني أظن أننا سنتوصل لحل. نحن ندفع الكثير جداً، وهم يدفعون القليل جداً"، متداركاً: "لكن سنصل إلى حل وكل الدول ستكون سعيدة".
وقبل وصوله إلى بروكسل، كتب ترمب على تويتر في الطائرة الرئاسية اير فورس وان، أن "دولاً عدة في حلف شمال الأطلسي ندافع عنها، لا تكتفي بعدم الوفاء بتعهد الـ2% لكنها تقصر منذ أعوام في تحمل نفقات لا تسددها. هل ستسدد المتأخرات للولايات المتحدة؟"، وذلك في سياق مطالبته المستمرة للأوروبيين بزيادة نفقاتهم العسكرية في إطار الحلف.
وفي 2018 بلغت قيمة المساهمة الأميركية في موازنة حلف شمال الأطلسي حوالى 70% من إجمالي النفقات العسكرية للحلف.
الخلاف قد يطفو على السطح
ويمكن أن تتحول قمة القادة الغربيين في بروكسل إلى خلاف علني جديد بعد قمة مجموعة السبع في كندا في يونيو/حزيران الفائت والتي شهدت انقساماً كبيراً.
وينظر إلى هذه القمة على أنها الأصعب منذ سنوات، وسط مخاوف أن يصبح ترمب أكثر عدوانية تجاه التحالف التاريخي الذي يدعم الأمن الأوروبي منذ 70 عاماً.
ومع دعوة مسؤولين ألمان وفرنسيين أعضاء التحالف لتجاوز خلافاتهم، وجه رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك الثلاثاء رسالة حازمة إلى ترمب دعاه فيها إلى "تقدير" حلفائه.
وقال توسك خلال مؤتمر صحافي بعد توقيع اتفاقية تعاون جديدة بين الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي في مقر الحلف في بروكسل، "عزيزتي أميركا، قدري حلفاءك، فليس لك كثير منهم في نهاية المطاف"، مذكراً ترمب بأن القوات الأوروبية قاتلت إلى جانب نظيرتها الأميركية في أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وتابع: "رجاء أن تتذكر ذلك غداً حين نلتقي في قمة حلف الأطلسي، ولكن قبل كل ذلك حين تلتقي الرئيس (فلاديمير) بوتين في هلسنكي. من الجدير دائماً أن تعرف من صديقك الاستراتيجي ومن عدوك الاستراتيجي".
ويلتقي ترمب بوتين في العاصمة الفنلندية في 16 يوليو/تموز ، في أول قمة ثنائية بينهما وسط تحقيقات جارية في الولايات المتحدة في تواطؤ محتمل بين حملة ترامب وروسيا.
"ثمرة الحرب الباردة"
ويخشى دبلوماسيون أوروبيون من تكرار سلسلة الأحداث التي سجلت في يونيو/حزيران الفائت حين اشتبك ترمب مع حلفائه الغربيين في قمة مجموعة السبع.
ووصف ترمب يومها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ"غير الأمين والضعيف"، ثم أشاد بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون "الموهوب جداً" في قمة أعقبت ذلك مباشرة.
وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة فرانس برس أخيراً :إن "ترامب "يوبخ حلفاءه بشدة ثم يعانق خصومه".
ووصف الكرملين الحلف الأطلسي كأحد مخلفات الحرب الباردة، وذلك قبل القمة المرتقبة لقادة الحلف.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: إن "موقفنا من حلف الأطلسي معروف تماماً: هذا الحلف هو ثمرة الحرب الباردة والمواجهة في الحرب الباردة"، وتابع أن الحلف "قد تشكل من أجل المواجهة وباسمها".
ترمب أعد العدة
وأعد ترمب العدة للاشتباك في قمة الأطلسي، إذ كتب رسائل إلى عدد من قادة الحلف يوبخهم فيها على عدم وفائهم بالتزامهم في العام 2014 إنفاق 2% من إجمالي الناتج المحلي لبلدانهم على شؤون الدفاع بحلول 2024.
وقال ترمب لحشد من مؤيديه في تجمع هذا الأسبوع: إن الولايات المتحدة لن تبقى ذلك الشخص "الأحمق الذي يدفع كل شيء".
لكن البيانات الجديدة التي نشرت الثلاثاء تدعم ما قاله، إذ تظهر أن سبع دول فقط في الحلف، هي بريطانيا واليونان ولاتفيا واستونيا وبولندا وليتوانيا ورومانيا، قد تصل لهدف إنفاق 2 بالمئة من الإجمالي المحلي في العام 2018.
رغم ذلك، أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن الإنفاق العسكري يرتفع في أوروبا منذ العام 2014 وأن الأعضاء يبذلون جهوداً للوفاء بهدف الـ2 بالمئة، وخصوصاً ألمانيا التي دائماً ما يهاجمها ترمب.
وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي: إن "ألمانيا لديها خطط لزيادة إنفاقها (الدفاعي) 80% من 2014 إلى 2024. ألمانيا تتحرك في الاتجاه الصحيح، لكني أتوقع منها المزيد".