حُكم على بيات تشابي، الناجية الوحيدة من مجموعة للنازيين الجدد، بالسجن مدى الحياة، الأربعاء 11 يوليو/تموز 2018 في ألمانيا، لمشاركتها في عشر جرائم عنصرية، في قضية غير مألوفة أصابت البلاد بصدمة.
وحرمت محكمة ميونيخ أيضاً المتهمة البالغة الثالثة والأربعين من العمر، والناجية الوحيدة من المجموعة، من إمكانية طلب إفراج مشروط بعد خمسة عشر عاماً، بسبب "خطورة ما ارتكبته". والعقوبة التي صدرت الأربعاء مطابقة لطلب النيابة العامة، أواخر 2017.
وتحاكم تشابي منذ مايو/أيار 2013، بسبب قتل ثمانية أتراك أو أشخاص من أصل تركي، إضافة إلى يوناني وشرطية ألمانية، بين 2000 و2007.
إلا أن تشابي، التي كانت شبه صامتة خلال السنوات الخمس لمحاكمتها، نفت مسؤوليتها في هذه الجرائم المرتكبة في كل أنحاء ألمانيا. وفي ختام المحاكمة، أكدت أن أيديولوجية اليمين المتطرف "لم تعد فعلاً تنطوي على أي أهمية بالنسبة إليها".
وأدينت تشابي أيضاً الأربعاء، باعتداءين على مجموعات أجنبية، و15 عملية سطو على مصارف، قامت بها المجموعة التي شكَّلتها مع أووي موندلوس (38 عاماً)، وأووي بونهاردت (34 عاماً)، الذي ظل مختفياً طوال 14 عاماً.
وصدرت أحكام بالسجن تراوحت بين سنتين ونصف السنة وعشر سنوات، على أربعة آخرين من النازيين الجدد، حوكموا إلى جانبها، لأنهم قدموا إلى الثلاثي مساعدة لوجستية.
انتحار الشريكين الرئيسيين
كان الجناة هم "أوي موندلوس وبوهندهارت"، وهما من أقدم أعضاء اليمين الألماني المتطرف، فرّا من الشرطة مع "بيت شابيه" منذ زمن بعيد، واستطاعت الشرطة محاصرة كليهما في شاحنة تخييم، كانا يضعان فيها دراجاتيهما بعد محاولتهما سرقة أحد البنوك في أيسناخ في ولاية تورنعن.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، عثرت الشرطة على أويي موندلوس وأويي بونهاردت مقتولين بالرصاص قبيل توقيفهما. ويعتقد المحققون أنهما إما انتحرا وإما أن أحدهما قتل شريكه، ثم أطلق النار على نفسه.
وبعد انتحارهما قامت "شابيه" بالاتصال بالشرطة، وقالت: "أنا بيت شابيه، أنا من تبحثون عنها".
وفي 11 أبريل/نيسان من عام 2013، ظهرت شابيه للمرة الأولى في قاعة المحكمة في ميونيخ، وبدلاً من التحقيق معها لمعرفة الدعم الذي يصلهم وكيفية بقاء المجموعة تعمل بشكل سري، أصرت المحكمة على التحقيق معها كواحدة من ثلاثة، وليس كفرد من مجموعة إرهابية ما زالت مستمرة حتى الآن، مما يزيد من مخاوف ازدياد قبول الشارع الألماني لوجهات النظر المتطرفة، وبناء تحالفات مبنية على مفهوم الهوية المرتبط بالدم والمكان، ورفض كل ما هو مختلف وجديد أو غريب.
صدمة في ألمانيا وتعويض مالي للعائلات
وأثارت هذه القضية صدمةً في المانيا، وألقت الضوء على الثغرات في عمل أجهزة الاستخبارات الداخلية، وكشفت في الوقت نفسه خطر شبكات اليمين الألماني المتطرف.
كما أحرجت الحكومة الألمانية، لأن القتلة تمكنوا من التحرك بحرية طوال سنوات.
وكانت المستشارة أنجيلا ميركل اعتبرت أن بلادها تشعر "بالعار" حيال هذه الجرائم.
وافقت الحكومة الألمانية سنة 2011 على تعويض ضحايا ما يُعتقد أنها خلية نازية جديدة، اتهمت بمقتل عشرة أشخاص خلال عقد من الزمن. كما وافق البرلمان الألماني ورئاسة الوزراء والرئاسة على إقامة تأبين رسمي وطني للضحايا.
ووعدت وزيرة العدل الألمانية آنذاك سابينه لويتهويزر- شنارينبرغر بتقديم تعويضات قائلة للصحفيين: "أخشى أن نكتشف في نهاية التحقيق ضحايا أكثر لرهاب الأجانب عمَّا نعرف اليوم".
وأضافت: "مع أن المساعدة المالية لا تكفي لمحو المعاناة، إلا أنني سأحاول منح عوائل الضحايا إشارة لتضامننا معهم، بتقديم تعويض من ميزانيتي".
"جرائم الكباب"!
وقد عرفت جرائم هذه المجموعة باسم "جرائم الكباب"، لأن العديد من هؤلاء القتلى كانوا يديرون محلات للوجبات السريعة.
ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ما حدث بأنه فضيحة وطنية. وتساءلت كيف يمكن لمجموعة أن تتخفى وتنفذ جرائمها على الرغم من كونها معروفة للسلطات.
وأثير موضوع الخلية المرتبطة بجماعة من الاشتراكيين الوطنيين تعمل سراً، عندما قام اثنان من أعضاء الجماعة المزعومة بالانتحار. وقد تركا قرص "دي في دي" يعترفان فيه بقتل 10 أشخاص.
وقال المدعي العام الألماني هيرالد رانجه، إنه يشك بقيام شخصين آخرين بمساعدة المجموعة.
وقام المحققون بإعادة فتح ملفات قضايا لم يتم حلها، يعود بعضها إلى عام 1998. وشك آنذاك أيضاً في وقوف الخلية النازية المزعومة وراء القيام بهجوم بقنبلة في مدينة كولون، جرح فيه 23 شخصاً، وبسرقة عدد من البنوك أيضاً.
وحفزت الجرائم الجدلَ في ألمانيا، بشأن مدى إمكانية حظر الحزب الديمقراطي الوطني الألماني، المصنف في أقصى اليمين. وكانت المحكمة الدستورية الألمانية رفضت في عام 2003، محاولة سابقة لحظر الحزب المذكور.