لم يكن وحدهم الأتراك من اتجه منذ ساعات الصباح الأولى نحو صناديق الاقتراع، بل القادة الذين يصوتون لهم أيضاً، أولهم مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة محرم إنجه الذي صوت في مدينة يالوا ورافقته زوجته إلى دائرة الانتخاب، وكان يبدو عليه الهدوء والتوتر.
وفي تصريحه للصحفيين المتواجدين قال لهم بأنه سيتوجه بعدها برفقة عائلته إلى العاصمة أنقرة واكتفى قائلاً بأنه يتمنى الخير للشعب والوطن مهما كانت النتائج.
وانتخب رئيس الوزراء بن علي يلدريم في مدينة إزمير في المدرسة التي تحمل اسم والدته بهار يلدريم.
وفي تصريحه للصحفيين قال "لقد صوت وأدينا مهمتنا الوطنية لأجل بلدنا وشعبنا ليكن له خير" وتمنى أن تكون الانتخابات التي أسماها عيداً ديمقراطياً وسيلة للسلام والأخوة. وأضاف أنه بالنظام الجديد ستسير تركيا لتحقيق أهدافها وللنهوض والازدهار.
كما أشار إلى أنه سيغادر إلى أنقرة لمتابعة نتائج الانتخابات إلى جانب الرئيس أردوغان.
بينما صوتت رئيسة الحزب الجيد ومرشحة الرئاسة ميرال أكشينار في مدينة إسطنبول وفي تصريحها للصحافة قالت بأن الإرادة الحرة سوف تظهرها الصناديق التي لا يستطيع أحد بعدها الاعتراض عليها.
ومن داخل السجن في مدينة أدرنة صوت رئيس مرشح حزب الشعوب الديمقراطية للرئاسة وشارك على حسابه في تويتر صورة له وقال "نحن صوتنا من داخل السجن، ليذهب الجميع للتصويت من أجل مستقبل البلاد"
وتمنى أن تنتهي عملية التصويت بسلام، كما عبر عن أمله بأن النتائج ستكون جيدة.
Biz de oyumuzu, cezaevinde kullandık. Herkesin sandığa giderek ülkenin geleceği için, tercihini demokrasiden yana kullanmasını diliyorum. Oy verme işleminin sakin ve huzurlu bir ortamda tamamlanmasını umuyorum. Sonuçların çok güzel olacağına inanıyorum. Hepimize hayırlı olsun. pic.twitter.com/ceinNMfLN8
— Selahattin Demirtaş (@hdpdemirtas) June 24, 2018
وفي أنقرة انتخب رئيس حزب الشعب كمال كليتشدار أوغلو وقال للصحفيين بأنه صوت برفقة زوجته وابنه، وأشار إلى أن هناك شكاوى تأتي من بعض المناطق مشيراً إلى أن الحزب سيصرح اليوم مساءً.
ووجه في تصريحه رسالة للضباط بأن لا ينسوا بأنهم موظفون حكوميون ليعملوا من أجل العدالة وليسوا ضباطاً في حزب سياسي.
وانتخب ديفليت بهتشلي رئيس حزب الحركة القومية حليف حزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة.
وبعد التصويت صرح للصحافة قائلا "اليوم مهم جدا لوطننا وشعبنا، اتمنى للجميع النجاح لأجل مستقبل تركيا".
ويتنافس على الرئاسة ستة مرشحين أبرزهم الرئيس رجب طيب أردوغان عن "تحالف الشعب" يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، والمرشح عن حزب "الشعب الجمهوري" المعارض محرم إنجة، ومرشح حزب "الشعوب الديمقراطي" صلاح الدين دميرطاش.
وستمثل الانتخابات أيضا بداية نظام جديد لرئاسة تنفيذية.
ويعد إردوغان أكثر الزعماء شعبية وإثارة للخلاف أيضا في تاريخ تركيا الحديث وقام بتقديم موعد الانتخابات التي كانت ستجرى أصلا في نوفمبر 2019 قائلا إن السلطات الجديدة ستجعله يتمكن بشكل أفضل من معالجة المشكلات الاقتصادية المتزايدة لتركيا بعد أن فقدت الليرة 20 في المئة من قيمتها أمام الدولار هذا العام ومواجهة المتمردين الأكراد في جنوب شرق تركيا والعراق وسوريا المجاورين.
ولكنه لم يضع في حسبانه محرم إنجه مرشح الرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري العلماني والذي شحذ أداؤه القوي خلال الحملة الانتخابية همم المعارضة التركية المقسمة والتي تعاني منذ فترة طويلة من انحطاط معنوياتها.
وسبق للمغتربين أن أدلوا بأصواتهم في 123 بعثة تركية في 60 دولة، في الفترة بين 7 و19 يونيو/حزيران الجاري، وبلغ عدد المصوتين في البعثات والمعابر الحدودية مليوناً و486 ألفاً و532 ناخباً.
وسيكون التصويت متاحاً للمغتربين (المتأخرين) حتى الساعة 17:00 (14.00 بتوقيت غرينتش) من مساء الأحد، في المعابر الحدودية.
وغداً الأحد، يتوجّه الناخبون إلى الصناديق في عموم البلاد بين الساعة (08:00 و17:00) بالتوقيت المحلي، مع إمكانية اتخاذ إجراءات استثنائية في حال لم يكف الوقت في بعض المراكز المزدحمة.
ويُمنع اصطحاب أجهزة التسجيل أو الاتصال، مثل الهواتف الجوالة، وماكينات التصويت إلى مراكز الاقتراع، ويتم تسليمها للجنة الصناديق وتسلُّمها بعد الانتهاء من التصويت.
وفي عملية الاقتراع المرتقبة، يدلي الناخب بصوته في بطاقتين انتخابيتين، الأولى للرئاسة والثانية للبرلمان، ثم يضعهما داخل ظرف وبعدها في صندوق الاقتراع.
ومن المقرر أن يتم أولاً فرز وتسجيل البطاقات الانتخابية الخاصة بالانتخابات الرئاسية.
لماذا يهتم بها العرب؟
هذه الانتخابات رغم أنها شأن تركي خاص، إلا أنها تهم ملايين العرب داخل تركيا وخارجها، فالسياسة الخارجية التي انتهجها حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، عقب اندلاع ثورات الربيع العربي، جعلت له حضوراً كبيراً في الدول العربية، إما إيجاباً، وهم من يرون أردوغان ورفاقه هم من ساندوا ثورات الشعوب، ومنهم من يرى أن سياسة تركيا هي سبب الفوضى في المنطقة.
وبعيداً عن الموجودين داخل الدول العربية، ففي تركيا يوجد نحو 4 ملايين عربي، جلهم من الجارة سوريا التي مزَّقتها الحرب الأهلية منذ 2011، ثم عدد لا بأس به من العراقيين واليمنيين والمصريين أيضاً، الذين فروا من الأوضاع المأسوية في بلادهم.
أيضاً المرشحون المنافسون للرئيس التركي، لديهم وجهة نظر مغايرة لأردوغان فيما يتعلق بالسوريين الموجودين في البلاد، إذ قال المرشح المنافس محرم إينجة، مرشح الحزب الجمهوري، إنه في حال فوزه سيُعد أكثر من 3 ملايين سوري إلى بلادهم.
محظورات
وبحسب الدستور التركي، يحظر بيع وتقديم وشرب المشروبات الكحولية، وحمل الأسلحة في المدن والبلدات والقرى، باستثناء القوى المكلفة بالحفاظ على الأمن والنظام العام، اعتباراً من الساعة السادسة (03:00 ت.غ) صباحاً وحتى منتصف الليل.
وتُغلق جميع أماكن الترفيه والتسلية العامة خلال ساعات التصويت، بما فيها المقاهي، وصالات الإنترنت، ويُسمح للمطاعم فقط بتقديم الطعام، وتُقام الأعراس بعد انتهاء التصويت في الساعة السادسة مساءً (15:00 بتوقيت غرينتش).
كما يحظر على وسائل الإعلام بكافة أشكالها بث أي خبر يتعلق بالانتخابات أو نتائجها حتى السادسة مساءً، ويسمح لها بين السادسة والتاسعة مساءً بث الأخبار والبيانات الصادرة فقط عن اللجنة العليا للانتخابات.
فيما تكون وسائل الإعلام حرة في بثِّها بعد الساعة التاسعة مساءً، على أن يكون للجنة الحق في رفع الحظر الإعلامي قبل هذه الساعة، في حال ارتأت ذلك ضرورياً.
مَن يخوض السباق الرئاسي؟
وبالعودة إلى الحديث عن الوضع التركي الداخلي، فمن يتنافس في هذه الانتخابات التي تعد الأشرس، وفي نفس الوقت الأهم في البلاد، منذ تأسيس الجمهورية على يد مصطفى كمال أتاتورك قبل 80 عاماً.
أردوغان بالطبع. ويظل هو القائد السياسي الأشهر في تركيا، غير أنَّه يواجه العديد من المعارضين المهمين، والذين أبلوا حتى الآن، على نحوٍ غير متوقع، بلاءً حسناً في الحملات الانتخابية، ومن ثَمَّ أصبح إقامة جولة الإعادة هي النتيجة الأكثر احتمالية.
هناك محرم إينجة، أستاذ الفيزياء الكاريزمي المُرشح عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا.
هناك أيضاً ميرال أكشينار، المُلقَّبة بـ"أنثى الذئب". وتتزعم ميرال الحزب الجيد İYİ Parti، باتجاه قومي ليبرالي، وتتمتع بشعبية بين الشباب والطبقة العاملة في تركيا.
ويخوض السباق أيضاً تيميل كرم الله أوغلو، رئيس حزب السعادة الإسلامي، وقد برز كمنتقد رئيسي لأردوغان، برغم أنَّ حزبيهما يتشاركان الجذور الأيديولوجية ذاتها.
ويترشح كذلك للرئاسة من محبسه في مدينة أدرنة، صلاح الدين دميرتاش، وهو سياسي كاريزمي أُطلِق عليه سابقاً "أوباما الكردي"، ويترأس حزب الشعوب الديمقراطي اليساري الكردي. وينتظر دميرتاش المحاكمة في اتهاماتٍ بالإرهاب.
وما هي القوى المتنافسة على مقاعد الانتخابات؟
هناك تحالفان أساسيان يخوضان السباق البرلماني.
يضم الأول حزب التنمية والعدالة الحاكم الذي يتزعمه أردوغان، وهو متحالف مع القوميين.
وفي المقابل، هناك تحالف يضم 3 فئات:
العلمانيون من حزب الشعب الجمهوري.
المنشقون عن الحزب الجيد القومي الليبرالي العلماني.
وحزب السعادة الإسلامي.
ويضم هذا التحالف رفقاء يبدو وجودهم معاً غريباً في ظل نظامٍ سياسي اعتاد فيه الإسلاميون والعلمانيون أن يكونوا أعداء لدودين، لكن من هنا تنبع أهمية هذه الانتخابات؛ إذ تشهد اتحاد متنافسين سابقين تجمَّعوا معاً للإطاحة بالرئيس وحلفائه، ويخوض حزب الشعوب الديمقراطي السباق منفرداً.
كيف يتشكل البرلمان التركي بعد الانتخابات؟
وينص الدستور التركي على ضرورة حصول أي حزب على 10% من التصويت الشعبي للدخول إلى البرلمان، وهو قانون يحابي الأحزاب الكبيرة.
ويُتيح قانونٌ جديد تشكيل تحالفات انتخابية مثل المشار إليها أعلاه، ما سيسمح للأحزاب الصغيرة مثل حزب السعادة بالفوز ببعض المقاعد في البرلمان إذا تمكَّن تحالفه من تخطي عتبة الـ10% من أصوات الناخبين.
اقرأ أيضا
هل يخسر أردوغان أصواتهم بعد تحالفه مع القوميين؟.. الأكراد صانعو الملوك في الانتخابات التركية القادمة