دعا الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الجمعة 8 يونيو/حزيران 2018، نظراءه بمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى التفكير في إعادة روسيا إلى المجموعة، في تصريحات ستُغضب -على الأرجح- حلفاءه الأوروبيين، الغاضبين أصلاً من السياسات الروسية.
وقبل لقائه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الثلاثاء 12 يونيو/حزيران 2018، في سنغافورة، عرَّج ترمب الجمعة والسبت 8 و9 يونيو/حزيران 2018 على كندا؛ للمشاركة في قمة مجموعة السبع، التي يُتوقع أن تشهد مواجهة بينه وبين حلفائه، الذين استنكروا الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها عليهم.
لن أعتذر!
إلا أن الرئيس الأميركي أعلن في سلسلة تغريدات، أنه ليست لديه أي نية للاعتذار أو التراجع؛ بل العكس. وكتب صباح الجمعة 8 يونيو/حزيران 2018، على تويتر، قبل مغادرة واشنطن: "أتطلع إلى تسوية الاتفاقات التجارية غير العادلة مع دول مجموعة السبع. إذا لم يحدث ذلك، فسيكون أفضل".
وسيكون ترمب آخر رئيس يصل إلى القمة وأول من سيغادرها صباح السبت 9 يونيو/حزيرا 2018. وقبل مغادرته واشنطن متوجِّهاً إلى القمة، أثار الملياردير الجدل مجدداً، لكن هذه المرة بخصوص روسيا.
Please tell Prime Minister Trudeau and President Macron that they are charging the U.S. massive tariffs and create non-monetary barriers. The EU trade surplus with the U.S. is $151 Billion, and Canada keeps our farmers and others out. Look forward to seeing them tomorrow.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 7, 2018
وقال ترمب للصحفيين في البيت الأبيض: "طردوا روسيا، وعليهم إعادة روسيا؛ لأنه يجب أن تكون روسيا معنا على طاولة المفاوضات". وأضاف ترمب: "أنا أسوأ كوابيس روسيا"، وتابع: "لكن رغم قول ذلك، فإن روسيا يجب أن تكون في الاجتماع".
وأضاف: "لماذا نجتمع من دون وجود روسيا في الاجتماع؟". وأوضح: "سأوصي، والأمر يعود لهم. لكنَّ روسيا يجب أن تكون في الاجتماع، يجب أن تكون جزءاً منه".
تبادل الاتهامات بين ماكرون وترمب
ويستقبل رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، قادة مجموعة السبع ابتداء من الساعة 15.45 ت.غ بمنتجع مالبيه في مقاطعة كيبيك بفندق فخم يطل على نهر سان لوران. لكن سماء القمة تلبّدت حتى قبل بدئها مع توجيه ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات إلى دونالد ترمب، الذي رد بحدَّة مساء الخميس 7 يونيو/حزيران 2018.
وكتب ترامب في تغريدة مساء الخميس: "أرجو أن تقولوا لرئيس الوزراء ترودو والرئيس ماكرون إنهما يفرضان رسوماً باهظة على الولايات المتحدة ويضعان حواجز غير جمركية"، قبل أن يضيف: "أتطلع إلى رؤيتهما غداً".
وسخر ترامب من ترودو، الذي وصفه بأنه "مستنكر"، وذكَّره بأن بلاده تفرض رسوماً تصل إلى 300% على مشتقات الحليب. وهاجم في تغريدة أخرى، الاتحاد الأوروبي وكندا، بقوله: "خفِّضوا الرسوم والحواجز الأخرى، وسنفعل أفضل منكم!"
ويُتوقع أن يلقى ترمب استقبالاً فاتراً، فالأوروبيون الأربعة: إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل وتيريزا ماي وجوزيبي كونتي، قرروا الاجتماع قبل بدء القمة؛ للإعراب عن نفاد صبرهم من تهديداته بحرب تجارية.
I am heading for Canada and the G-7 for talks that will mostly center on the long time unfair trade practiced against the United States. From there I go to Singapore and talks with North Korea on Denuclearization. Won't be talking about the Russian Witch Hunt Hoax for a while!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 8, 2018
لم يعد الهدف، وفقاً للرئيس الفرنسي، إقناع ترمب بإعادة النظر في الرسوم المؤلمة على واردات الصلب والألمونيوم؛ إذ إن الملياردير بدا غير مكترث بالانتقادات الموجَّهة إليه وواصلَ تهديداته.
وقال ماكرون إن "ترمب ينفذ وعود حملته الانتخابية، نحن هنا أمام شخصية يمكن أن نتنبأ بسلوكها". لكنه قال إنه يعتزم إقناعه بأن "الحرب التجارية ليست في مصلحة أحد". وأضاف: "إنني مقتنع بأن أوروبا ستحافظ على وحدتها، وستبقى كذلك وقتاً طويلاً"، متحدثاً عن تشكيل جبهة مشتركة.
LIVE | Conférence de presse avec @phcouillard, Premier ministre du Québec.https://t.co/GDWp3BKHmK
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) June 7, 2018
ويبقى معرفة المدى الذي ستذهب إليه اليابان، التي لا تريد أن يتم تهميشها في المفاوضات بين واشنطن وكوريا الشمالية، وكذلك الحكومة الإيطالية الجديدة الشعبوية، وألمانيا الأكثر تأثُّراً بسياسة واشنطن الانتقامية من سائر الأوروبيين.
روسيا ترفض دعوة ترمب
ردُّ روسيا على دعوة ترمب لم يتأخر كثيراً؛ إذ أعلنت موسكو، الجمعة 8 يونيو/حزيران 2018، رفضها مبادرة الرئيس الأميركي لإعادتها من جديد إلى مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى (G8). وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية، إن بلاده "تركز على صيغ أخرى للتعاون غير مجموعة (G8)، وفق قناة "روسيا اليوم".
وكانت روسيا انضمت إلى مجموعة السبع في 2002، بعضوية كاملة، وتغيَّر اسم المجموعة إلى "مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى"، لكن جرى استبعادها في خضم خلاف مع الغرب في 2014، على خلفية ضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية من جانب واحد، وعاد اسم المجموعة إلى "مجموعة السبع".
وتتكون مجموعة السبع الكبرى حالياً من فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، وكندا.
قمة دون بيان ختامي
لم يستسغ ترودو أن تتذرع واشنطن بـ"الأمن القومي" لفرض رسوم على الصلب والألومنيوم الكنديَّين. وعن ذلك، قال الخميس 7 يونيو/حزيران 2018: "كنت مهذَّباً، وتصرفت بشكل محترم، لكننا كنا على الدوام شديدي الحرص على مصالح بلدنا ومواطنينا وعلى قِيمنا".
ولا تزال أوتاوا تعتقد أنه من الممكن التوصل إلى إجماع حول 3 محاور: التلوث البلاستيكي للمحيطات، وتعليم الفتيات، ومكافحة التدخل الأجنبي في العمليات الديمقراطية. لكن التجارة هي التي ستطغى حقاً على المناقشات.
We are looking together at the same direction. With energy and determination. Opening the #G7Charlevoix with my European friends. pic.twitter.com/gTVapVOre0
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) June 8, 2018
ورفع الاتحاد الأوروبي شكوى ضد الولايات المتحدة إلى منظمة التجارة العالمية وأعدَّ لائحة بالرسوم الجمركية ضد بعض المنتجات الأميركية مثل الويسكي وزبدة الفول السوداني أو الدراجات النارية.
لكن هذه التدابير الانتقامية لم تدخل بعدُ حيز التنفيذ؛ إذ على الدول الأعضاء أن توافق على القائمة، غير أن ألمانيا قد تفضِّل الحذر؛ خوفاً من أن يقوم دونالد ترمب بفرض رسوم على السيارات الأجنبية قريباً.
وبعد غداء العمل المعتاد والصورة الجماعية والجلسات الجماعية والاجتماعات الثنائية، سيتناول الزعماء السبعة، يوم الجمعة، العشاء بمنزل تقليدي في كيبيك يملكه فرنسي، مع قائمة طعام من أطباق محلية أُعِدَّت بعناية.
ومن المقرر تنظيم تظاهرات ضد مجموعة السبع في مدينة كيبيك، حيث شارك الخميس نحو 500 متظاهر في تحرُّك ضد القمة. والسبت 9 يونيو/حزيران 2018، سيتم ترقُّب ما سيحدث بشأن الإعلان الختامي التقليدي للقمة.
ففي قمة إيطاليا العام الماضي (2017)، سُجِّل للمرة الأولى في الإعلان النهائي تحفُّظ الولايات المتحدة على اتفاقية باريس بشأن المناخ. ومنذ ذلك الحين، وعلى المستوى الوزاري، رفضت الولايات المتحدة، في كثير من الأحيان، توقيع نص مشترك.
وهذه المرة، قد يكون مناسباً تماماً لدونالد ترمب ألا يَصدر إعلان ختامي عن القمة.