بدأ بعض الإيرانيين سحب مدخراتهم، حتى من قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي العالمي الموقّع مع إيران، وهو ما فرض ضغوطاً على النظام المصرفي الذي يعاني بالفعل من القروض المتعثرة وسنوات العزلة، كما شهدت بورصات الخليج هبوطاً شبه جماعي.
وقال مسؤول في بنك ملي، أكبر بنك إيراني مملوك للدولة، لرويترز، إن المدّخرات انخفضت بمقدار لم يحدده، لكنه أضاف أن هذه ظاهرة مؤقتة، وأنها ستنتعش مجدداً فور انقشاع الضبابية المرتبطة بقرار ترمب.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، قبل إعلان ترمب "عندما تكون هناك ضبابية سياسية فإن تأثيرها النفسي على الناس يسبب انخفاضاً في المدخرات. لكن هذا سينتهي بعد الموعد النهائي الذي حدده ترمب".
وقال ترمب، أمس الثلاثاء، إنه سينسحب من الاتفاق، وسيفرض "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية".
وقال مسؤول كبير في البنك المركزي الإيراني، إن الأوضاع داخل النظام المصرفي تدهورت في السنة الأخيرة "ولم نتجاوز مرحلة الخطر بعد". لكنه أضاف أن البنك المركزي لديه "كل الإجراءات جاهزة لمنع حدوث أي أزمة".
الرئيس الإيراني مهدد
ويساهم غياب الثقة في زيادة المشكلات الأوسع نطاقاً، التي تهدد الرئيس الإيراني حسن روحاني في خلافه مع المؤسسة الدينية، خاصة بعد أن شحّت الاستثمارات، مع فرض البنوك حداً أقصى للإقراض، بينما يتباطأ النمو ويبلغ معدل البطالة مستوى قياسياً مرتفعاً، مما يعرّض روحاني لانتقادات متزايدة من المتشددين.
وقال مينا عبدالصالحي، وهو معلم متقاعد في طهران "أنا قلق من نشوب حرب. لقد حوَّلت جميع مدخراتي إلى عملات ذهبية، يمكنني تسييلها بسهولة إذا حدث أي شيء".
وفقد الريال الإيراني ما يقرب من نصف قيمته خلال ستة شهور، حتى أبريل/نيسان، ترقباً لتبني الولايات المتحدة موقفاً أكثر صرامة، مما اضطر طهران لفرض حظر على تداول العملات الأجنبية محلياً، وفرض سقف لحيازات العملة الأجنبية عند 12 ألف دولار.
لكن موقعاً إلكترونياً متخصصاً في النقد الأجنبي، قال أمس الثلاثاء، إن هذا لم يمنع الإيرانيين من محاولة شراء العملة الصعبة، مما أدى لمزيد من الانخفاض في سعر الريال.
وقال مسؤول مصرفي إيراني، إن الإيرانيين يسحبون أموالهم. وأضاف "خشية الحرب وفرض المزيد من العقوبات، سَحَبَ الكثير من الإيرانيين نقودهم من البنوك".
وكانت وكالة الطلبة للأنباء، شبه الرسمية، نقلت عن محمد رضا بور إبراهيمي، رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان قوله، في مارس/آذار، إن تدفقات رؤوس الأموال النازحة للخارج بلغت 30 مليار دولار في الشهور الماضية. وقال صندوق النقد الدولي إن احتياطيات إيران بلغت نحو 112 مليار دولار في 2017-2018.
قيود أخرى
وراهن الرئيس الإيراني على جذب استثمارات أجنبية للمساعدة في رفع مستويات المعيشة، لكن تم بالفعل تأجيل مجموعة من الصفقات تشمل شراء طائرات.
وواجه روحاني صعوبةً في إصلاح النظام المصرفي، حيث يعاني 30 بنكاً ومؤسسات ائتمانية أخرى من التفكك أكثر من غيرها في الأسواق الناشئة الأخرى، إضافة إلى أنها مثقلة بالديون المتعثرة.
وقدّرت مصادر مالية القروض القائمة بنحو 283 مليار دولار، بينما بلغت نسبة الديون المتعثرة 12.5% في عام 2017، وفقاً لتقديرات معهد التمويل الدولي ومقرّه الولايات المتحدة.
وأشارت أحدث البيانات الرسمية إلى أن النسبة بلغت 11.7% في 2016، تُعادل أكثر من 30 مليار دولار. وتقول بعض المصادر إن نسبة القروض المتعثرة قد تكون أعلى من ذلك لتقارب 15%.
وقال صاحب مصنع نسيج في مدينة مشهد، إن الحكومة تريد تحسين الاقتصاد، لكنها لا تستطيع دعم الأعمال.
وأضاف "كيف يمكنني إدارة عملي عندما يرتفع سعر صرف الدولار ولا أستطيع الحصول على قروض من البنوك، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة؟"
وقال -طالباً عدم ذكر اسمه- إنه اضطر لتسريح نحو نصف عدد موظفيه، البالغ 65 موظفاً، سعياً للحفاظ على استمرار عمله.
وتابع "لا أعلم إلى متى يمكنني إبقاء المصنع مفتوحاً".
الخليج يتأثر أيضاً
دول الخليج لم تكن هي الأخرى بعيدةً عن تبعات القرار الذي اتّخذه ترمب؛ إذ تراجعت أسواق الأسهم الخليجية في تداولات الأربعاء، في أعقاب قرار الرئيس الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.
وقال وسطاء في الأسواق الخليجية، بحسب وكالة الأناضول، إن انسحاب واشنطن من الاتفاق وإعادة فرض عقوبات على إيران، أجَّج مخاوف المستثمرين من احتمالات حدوث مزيدٍ من الاضطرابات في المنطقة، وهو ما قد يؤثر على أداء الأسواق مستقبلاً.
وجاء هبوط الأسواق الخليجية رغم المكاسب القوية للنفط؛ إذ صعد خام برنت القياسي، تسليم يوليو/تموز، بنسبة 2.7% إلى 76.87 دولار للبرميل، بحلول الساعة (09:31 تغ).
وجاءت بورصة دبي في صدارة الأسواق المتراجعة، بعد هبوط مؤشرها العام بنسبة 1.99%، مع انخفاض أسهم "إعمار العقارية" بنسبة 4.3% و"دبي الإسلامي" بنسبة 1.95%، و"دبي للاستثمار" بنسبة 0.55%.
وانخفض سوق أبوظبي بنحو 0.2% مع نزول أسهم "اتصالات" و"الدار العقارية" بنحو 1.5%، و1.93% على التوالي.
وتراجعت بورصة السعودية، الأكبر في العالم العربي، مع نزول مؤشرها الرئيسي "تأسي" بنسبة 0.98%، وسط تراجع طال الأسهم القيادية في قطاعي المصارف والمواد الأساسية.
ونزلت بورصة مسقط بنحو 0.3%، فيما تراجعت بورصة البحرين بنسبة 0.29%، بينما غرَّدت بورصة الكويت خارجَ السرب مع ارتفاع مؤشراتها الرئيسية الثلاثة؛ إذ صعد المؤشر الرئيسي بنحو 0.37%.