احتفل الأرمينيون، الإثنين 23 أبريل/نيسان 2018، بالرقص وتبادل الأنخاب في شوارع العاصمة يريفا؛ إثر استقالة الرئيس السابق سيرج سركيسيان، الذي عُيِّن رئيساً للوزراء قبل أسبوع، منحنياً أمام الإرادة الشعبية.
وقال النائب نيكول باشينيان، قائد حركة الاحتجاجات التي استمرت 11 يوماً مع عشرات الآلاف من الأشخاص المطالبين برحيل سركيسيان، "مواطن أرمينيا الأبي، لقد انتصرت، ولا أحد يمكنه أن يحرمك هذا النصر. أهنِّئك أيها الشعب المنتصر".
وتجمَّع آلاف الأشخاص بساحة الجمهورية في قلب العاصمة حيث مقر الحكومة، إثر إعلان استقالة رئيس الوزراء، وهم يلوِّحون بأعلام البلاد ويرقصون ويتعانقون.
وقالت غوار باداليان (طالبة، 21 عاماً): "اليوم تبدأ حياة جديدة".
ونصب العديد من صغار التجار طاولات في أحياء العاصمة، ووزَّعوا أكواب الخمر على المارة؛ تيمناً بمستقبل أفضل.
"كنت مخطئاً"
وتأتي استقالة سركيسيان، الإثنين 23 أبريل/نيسان 2018، بعد ساعات من الإفراج عن باشينيان، الذي تم توقيفه، الأحد 22 أبريل/نيسان 2018، في أثناء تظاهرة. وانضم هذا الأخير فور الإفراج عنه إلى المحتجين في شوارع العاصمة، قائلاً: "الجميع يعرف أصلاً أننا انتصرنا".
وأعلن سركيسيان، الذي عيَّنه البرلمان رئيساً للوزراء بعد تولّيه الرئاسة 10 سنوات، في بيان رسمي نُشر على موقعه: "أتخلى عن منصب قائد البلاد"، مضيفاً: "نيكول باشينيان كان على حق. وأنا كنت مخطئاً".
وأوضح أن "حركة الشارع لم ترغب في أن أكون رئيساً للوزراء. ها أنا ألبِّي طلبكم، وآمل أن يسود السلم والانسجام في بلادنا".
واستُقبل النبأ بصيحات الفرح والتصفيق في ساحة الجمهورية.
وأضاف سركيسيان أنه لم يرغب في اللجوء إلى القوة لتفريق المحتجين، مؤكداً: "هذا ليس من أخلاقياتي".
ويُفترض أن تلي استقالة سركيسيان استقالةُ الحكومة بأَسرها، وأمام الأحزاب الممثلة في البرلمان 7 أيام لاقتراح مرشحيهم لمنصب رئيس الوزراء.
والمعركة السياسية لم تنتهِ بالتأكيد، حيث يهيمن على البرلمان ائتلاف يقوده "الحزب الجمهوري" بزعامة سركيسيان، الذي لديه 65 نائباً من 105.
ومنذ 13 أبريل/نيسان 2018، تتالت التظاهرات المطالبة باستقالة سركيسيان، المتهم من قِبل المحتجين بالتمسك بأي ثمن بالسلطة، وعدم القيام بشيء لتحسين مستوى معيشة مواطنيه.
وبعد 10 سنوات في رئاسة الدولة، عمد سركيسيان إلى تمرير إصلاح دستوري يمنح سلطات معزِّزة لرئيس الوزراء ولا يترك للرئيس الا سلطات شرفية.
"عقلية سوفييتية"
وقال أحد المتظاهرين، ويدعى كارن خاتشاريان، وهو طالب يبلغ 23 عاماً: "سيرج سركيسيان قائد بعقلية سوفييتية. وعالَم اليوم يفرض علينا أن نُظهر مقاربة جديدة للمشاكل".
وقبل استقالة رئيس الوزراء، دعا رئيس البرلمان أرا بابلوان، والنائب الأول لرئيس الوزراء كارن كرابيتيان، ووزير الدفاع فيغين سركيسيان، إلى "الحوار" بين المتظاهرين والسلطات.
من جهته، أعلن التلفزيون الرسمي أنه سيلتقي باشينيان، الإثنين؛ "لمناقشة معه احتمال الحوار"، عشية الذكرى السنوية للمجازر الأرمينية (1915)، والذي وصفه كرابيتيان بأنه "يوم مهمّ جداً بالنسبة لشعبنا".
وقال وزير الدفاع في مؤتمر صحفي: "لا أريد أن يقاتل أرميني أرمينياً آخر".
وفي موسكو، صرّح المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، بأن الكرملين يتابع "من كثبٍ، الوضع في أرمينيا"، وهي "بلد مهم للغاية" بالنسبة لروسيا و"حليفه القريب جداً".
ولفت إلى أن حركة الاحتجاج "شأن أرمني داخلي".
ويأخذ المحتجون على سركيسيان، البالغ من العمر 63 عاماً، عجزه عن الحد من الفقر والفساد، في حين ما زال كبار الأثرياء يسيطرون على اقتصاد هذا البلد القوقازي الصغير.
في الأثناء، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الإثنين 23 أبريل/نيسان 2018، إلى "مواصلة احترام الحقوق الديمقراطية وحكم القانون، بالإضافة إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في أرمينيا والإقليم بأكمله".