تدور حلقة الاجتماعات والجلسات بين الدول العربية والغربية المعادية للثورة السورية المحاولة لإجهاض مطالب الشعب السوري، بولادة الحرية والكرامة والتخلص من جرثومة النظام السوري المجرم، ولكن لكل دورة وجلسة توجد عشر أيدٍ لخمس دول، الدول التي تمتعت بأنها الأقوى منذ الحرب العالمية الثانية، مما جعل لها لقب الدول الدائمة العضوية، وأي عضوية؟ عضوية الوقوف بجانب القتل والتهجير والاحتلال والتقسيم.
الأيدي التي ترفع لتستخدم حقها بالاعتراض، ترفع لتجرد شعوباً بأكملها من حق العيش، كما حصل في القضية الفلسطينية، والثورة السورية اليوم.
تُرفع الأيدي لتعطي النظام المزيد من القوة والتقدم والقتل؛ لاستكمال جرائمه منذ أكثر من سبع سنوات.
حق الفيتو وتفسيره المنطقي والأصلي يكون حق الاعتراض، ولكن المعترضين والمستخدمين لهذا الحق موازين القوى هي من تحددهم، خمس دول من أصل خمس عشرة دولة، وهي من أعضاء مجلس الأمن الدولي وهي: (روسيا، الصين، الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا).
ظلم على ظلم، والظلم ظلمات، بمجرد تفرد دولة بحق الفيتو هو بُعد عن العدالة الدولية التي تطفو عليها المصلحة، وفي استخدام هذا الفيتو هناك ظلم آخر، وهو كيف لفيتو واحد أن يغلب ويسود ويعطل أربعة "فيتو" أخرى؟ يتشكل مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً، خمسة منهم دائمو العضوية، بينما العشرة الآخرون فعضويتهم مؤقتة وتبلغ عاماً واحداً.
ولكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد، وتصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرامية بموافقة تسعة من أعضائه.
فحق النقض بالفيتو يمثل آلة الشر في العالم التي تعيق ولادة العدل؛ لأن هذا الحق يقوم على منطق القوة والنفوذ، هل يحق للدول الدائمة العضوية استخدام حقها بالنقض حسب مصالحها ومطامعها الشخصية؟ نلاحظ منذ القدم واستخدام الفيتو لصالح المصالح الإسرائيلية على حساب العرب والمسلمين.
الدول الدائمة العضوية قسمت العالم إلى طبقتين؛ السادة، والعبيد، فمن أصل ستة مليارات من البشر تتحكم بالنيابة عنهم أقلية، وهو حق ضد الديمقراطية، فيمكن لأعظم قرار أن يعطله أي عضو.
منذ عام 1948 والولايات المتحدة الأميركية تستخدم الفيتو لصالح إسرائيل التي احتلت أرض فلسطين، ماذا يجب أن نتوقع من دمية تستخدمها إسرائيل لمحاكمة العرب؟
والآن وفي الثورة السورية تستخدم الدول الدائمة العضوية حقوقها بالفيتو لمصالحها في سوريا ولحماية إجرام النظام وعلى عيون العالم بأسره.
الفيتو الأول: في أكتوبر/تشرين الأول عام 2011؛ حيث استخدمت روسيا حقها بالنقض في الملف السوري لصالح النظام، عطل الفيتو الروسي الصيني مشروعاً دولياً بشأن فرض عقوبات إذا استمر النظام باستخدام العنف ضد الشعب السوري.
الفيتو الثاني: 4 فبراير/شباط 2012 عندما تعطّل مشروع حمّل النظام مسؤولية إراقة الدماء في البلاد، وحينها تذرعت روسيا والصين بمنع الولايات المتحدة والغرب من استخدام القرارات الأممية وسيلةً للتدخل العسكري في سوريا.
الفيتو الثالث: 19 يوليو/تموز 2012 استخدم الفيتو لإجهاض قرار أممي يدين الأسد، وكان المشروع يهدف لوضع خطة انتقال سلمي للسلطة، وقد وجه المندوبون الغربيون انتقادات قاسية لموسكو وبكين وحمّلوهما مسؤولية استمرار القتل.
الفيتو الرابع: 22 يوليو/تموز 2014 عادت ورفعت موسكو يدها لتستخدم الفيتو لمنع صدور قرار أممي يحيل ملف الأسد إلى الجنائية الدولية، وكان المشروع يعطي المحكمة الجنائية الدولية الولاية القضائية لمحاسبة الأطراف السوريين المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، إضافة إلى رعايا أي دولة أخرى ممن يقاتلون في سوريا من دون إذن أو تكليف من مجلس الأمن.
الفيتو الخامس: 18 أكتوبر/تشرين الأول 2016، فيتو روسي جديد يجهض مشروع قرار فرنسا وإسبانيا بشأن وقف إطلاق النار في حلب، وقال في ذلك وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت: إن على مجلس الأمن أن يطلب تحركاً فورياً من أجل إنقاذ حلب، معتبراً أن النظام السوري الوحشي هدفه ليس محاربة الإرهاب، وإنما السيطرة على حلب والقصاص من المقاتلين.
الفيتو السادس: 7 ديسمبر/كانون الأول 2016 وكان ضد قرار مجلس الأمن بمشروع ينص على وقف إطلاق النار في حلب وإدخال المساعدات الإنسانية.
الفيتو السابع: 5 ديسمبر/كانون الأول 2016 استخدمت روسيا والصين حق الفيتو ضد مشروع مجلس الأمن عبر تويتر، يطالب بهدنة ٧ أيام في حلب، وإنهاء القتال في كل أنحاء سوريا.
الفيتو الثامن: 28 فبراير/شباط 2017 استخدمت روسيا والصين النقض ضد مشروع لمجلس الأمن بفرض عقوبات على نظام الأسد لاستخدامه الكيماوي.
الفيتو التاسع: 12 أبريل/نيسان 2017 استخدمت روسيا الفيتو ضد مشروع قرار أميركي بريطاني فرنسي مشترك بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية، ولا سيما الهجوم على خان شيخون، وأيدت مشروع القرار 11 دولة وامتنعت الصين وإثيوبيا وكاراخستان عن التصويت.
الفيتو العاشر: 24 أكتوبر/تشرين الأول 2017، موسكو تستخدم الفيتو لتحبط مشروع قرار أميركا الذي يدعو لتجديد تفويض آلية مشتركة للتحقيق بالهجمات الكيماوية في سوريا، وأيدت 11 دولة من أصل 15 مشروع القرار، وامتنعت الصين عن التصويت، في حين استخدمت روسيا الفيتو بعد رفض طلبها بتأجيل التصويت.
الفيتو الحادي عشر: استخدمت روسيا الفيتو ضد مشروع قرار أميركي من شأنه أن يمدد سنة مهمة التحقيق في هوية الجهات التي تقف وراء هجمات الأسلحة الكيماوية.
بخصوص خان شيخون وغاز السارين فقد انتهى تقرير مجلس الأمن إلى أن النظام السوري مسؤول عن أكثر من 20 هجوماً منذ مارس/آذار 2013، واستخدم في إدلب وحماة والغوطة الشرقية غاز الكلور، ونفت سوريا أي مسؤولية لها عن الهجوم، فيما قال الأسد إنه ملفق مائة بالمائة، وأكد في مقابلة مع "فرانس برس" أن بلاده لا تملك أسلحة كيميائية، وأنه لم يصدر أوامر بأي هجوم.
فيما أكد محققون أن الأدلة تظهر بما لا يدع مجالاً للشك أن قوات الأسد الجوية نفذت الهجوم الكيماوي على خان شيخون وقتل أكثر من 83 من السكان المدنيين، ثلثهم أطفال بسبب غاز للأعصاب، وقال المحققون إنه السارين.
أعلنت الولايات المتحدة نيتها استخدام الفيتو في قرار يخص القدس، حيث إن القرار يعيق مشروع السلام بالقدس، حسب ما قالت نيكي هيلي السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة خلال جلسة لجنة الأمن للتصويت حول إلغاء القرار الأميركي لدونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأضافت أن واشنطن تدعم الجهود من خلال التفاوض المباشر، وأفادت بأن الولايات المتحدة لديها الالتزام الواضح للتوصل لسلام دائم مبني على حل الدولتين (د.ب.أ).
الفيتو هو أيدٍ روسية مرفوعة لصالح الأسد بالبقاء وضد الثورة بولادة الحرية، وبالتالي قتل جميع قرارات مجلس الأمن للوصول للسلام.
روسيا.. لكِ الحق بالاعتراض واستخدام الفيتو، وللسوريين الحق بالبقاء والدفاع عن ثورتهم.
أيديكم لا بد لها أن تقطع، ولا بد لحناجر السوريين أن تسمع، شاء مَن شاء وأبى مَن أبى، فالثورة باقية، وستتمدد.. الفيتو حقكم، والحرية حقنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.