كالعادة، لم تُثن جميع الدعوات والمناشدات الدولية آلة جيش نظام الأسد عن التكشير عن أنيابها واستعراض عضلاتها على غوطة دمشق الشرقية، التي تشهد حملة شرسة ومكثفة، وصفها ناشطو الغوطة بأنها "القيامة". أيام وليالٍ من القصف الهمجي والعشوائي تستمر، وتزداد وتيرته، متناسبةً طرداً مع الزمن، في محاولات حثيثة من قوات الأسد للسيطرة على قرى وبلدات الغوطة الشرقية، وضرب حزام أمان حول العاصمة دمشق؛ لتأمين معقل النظام الأهم.
ماذا تستخدم قوات نظام الأسد في حملتها؟
قوات النظام لم توفر أي نوع من أنواع الأسلحة البرية والجوية في قصف قرى وبلدات غوطة دمشق الشرقية، وخصوصاً تلك التي تقع على خطوط التماس مع قوات النظام، لعل أبرز الأسلحة المستخدمة في قصف قرى غوطة دمشق هو سلاح المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ وقذائف الهاون، وقذائف الدبابات التي تُستخدم بكثافة في قصف الأحياء السكنية.
هذا بالإضافة إلى صواريخ أرض/أرض قصيرة المدى من نوع "فيل" ذات القدرة التدميرية الهائلة، ترسانة النظام البرية شاركتها ترسانته الجوية، فطائرات النظام الحربية والطائرات الروسية لا تفارق سماء المنطقة، منفِّذة عشرات الغارات الجوية بمختلف أنواع الصواريخ، كما عاد الطيران الحربي إلى سماء الغوطة الشرقية بعد غياب دام أكثر من عامين، ليلقي براميله المتفجرة على الأحياء السكنية.
مجازر بالجملة وتدمير للمنشآت الطبية
وابل القصف الكثيف، الذي في غالبه يستهدف به النظام التجمعات السكنية، تسبب بالأيام الأخيرة في عدد كبير من المجازر بحق المدنيين وكوادر الإخلاء ودمار كبير في البنى التحتية، فحصيلة القتلى في اليومين الأخيرين فقط (يومي 21 و22 فبراير/شباط 2018)، تخطَّت حاجز المئتي قتيل، موثَّقين بالأسماء حسب شبكات إعلامية محلية معارضة.
بين القتلى عدد كبير من الأطفال والنساء وعناصر من فرق الإجلاء، التي بدأ نظام الأسد يتبع معها حيلة جديدة لإيقاع أكبر عدد من القتلى في صفوفهم، حيث يعمد النظام إلى قصف المنطقة المنكوبة مرة أخرى بعد تجمع الفرق لإجلاء الضحايا، مما يُوقع عدداً أكبر من القتلى المسعفين، الذين -وعلى ما يبدو- يسببون إزعاجاً لقوات النظام.
المنشآت الطبية نالت حصتها من القصف، حيث خرج مؤخراً مشفى دار الشفاء في منطقة حمورية عن الخدمة نهائياً، عقب قصفه بثلاثة براميل متفجرة، وسبق ذلك خروج جميع المشافي الميدانية في مدينة سقبا عن الخدمة؛ بسبب استهدافها بقصف كثيف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة.
اشتباكات عنيفة دون إحراز تقدُّم للنظام
تمهيد ناري كثيف تزامن مع محاولات تقدُّم لقوات النظام على عدة جبهات في الغوطة الشرقية، وتركزت الاشتباكات بمدينة جوبر وجبهات حزرما والزريقية، دون إحراز أي تقدُّم يُذكر لقوات النظام، التي تكبَّدت خسائر في أرواح عناصرها، وفشلت حتى الآن في كسر خطوط دفاعات فصائل المعارضة، التي أعلنت جاهزيتها مع انطلاق الحملة الأخيرة التي حشد لها النظام زخرف جيشه وعتاده.
على الصعيد ذاته ووسط عجز دولي حتى عن الإدانة والقلق، تتعالى الأصوات من داخل الغوطة ومن خارجها، مطالِبةً بوقف الحملة على المدينة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإجلاء الحالات الحرجة التي غصَّ بها ما تبقى من نقاط طبية، تفتقر إلى المواد والأجهزة الطبية الضرورية لعلاج الجرحى.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.