يشهد الشعب الفلسطيني حالة من الانكسار واللامبالاة تجاه قضاياه المصيرية؛ حيث تغيب عنه الخطة والجدول الزمني لتحقيق أهدافه، الأهداف نفسها غير واضحة ولا تحظى بالإجماع الفلسطيني.
ثمة خصام شديد بين الواقعيين والحالمين من فئات الشعب في تحديد الأهداف ونقاش سبل ووسائل تحقيقها، مما يؤكد وجود حاجة ماسة وملحة توجب على المؤهلين والمخلصين من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني بلورة رؤية جديدة ومهام واضحة وممكنة على الأمد القصير، تضمن من خلالها تجهيز الشعب للتغيير وإعداده وتهيئته لقبول قرارات ضرورية وصعبة، لها بلا أدنى شك أثر كبير على الشعب.
لن تكون مهمة الإنقاذ الوطني سهلة أمام أصحابها، لكنها ليست مستحيلة؛ حيث إن الشعب ما زال يرى الاحتلال وإفرازاته في تفاصيل حياته، يشهده وهو يبتلع أرضه شبراً شبراً، يشعر به وهو ينتهج الإذلال والقهر لهذا الشعب.
يعرف الشعب الفلسطيني وإن تغاضت قيادته عن حقائق تاريخية ثابتة عرفتها الشعوب كمسلمات، إنه لا يمكن لمن يدعي الحق ويغتصبه بالقوة أن يتخلى عنها بدافع ضميري أو عبر الوساطات أياً كانت.
قدر المحتل الخوف، وواجب من يرزح تحت الاحتلال وقدره المقاومة، ولم يعرف التاريخ احتلالاً اندحر دون مقاومة جعلت تكلفته أكبر من فائدة بقائه، ارجعوا للتاريخ وستجدون من يشترك معنا بنفس الظروف وتطابق التشخيص سيراها أمامه واضحة كوضوح الشمس.
تأسيساً على ذلك، وحيث إن حالة الشعب الفلسطيني اليوم لا تسمح بالتغيير لكثرة الأبواق واختلاط المفاهيم واختلاف برامج أصحاب القوة وغياب الشرعية بمفهومها القانوني، وعليه فإنه لزاماً علينا الذهاب إلى ما قبل القرارات؛ حيث التجهيز والإعداد.
سنكون قادرين على التجهيز والإعداد في حال كان لدى الشعب من يمثله ويحمل همه ويقدر على ترجمة آماله، نواب عنه لا ينتظرون مقابلاً مادياً أو معنوياً، يتشرفون بالمهمة الوطنية؛ حيث يقدمون الوطن على أنفسهم، لا يريدون جاهاً أو حصة من السلطة ولا نصيباً من الاستثمار.
هؤلاء النواب سيجتمعون بعد أعمالهم، يبحثون كيف السبيل لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، كيف يصلح التعليم وما هي أهدافه؟ كيف ننهض بالواقع الصحي؟ وما هي طرق ذلك؟ كيف يصلح الإعلام ويقوم بدوره المنوط به؟ كيف يفعل القضاء ويحقق أكبر قدر من العدالة؟ كيف ترفع فاعلية حكومة تحت الاحتلال وتطور أدواتها؟ كيف تفعل النقابات من جديد؟ وكيف تعمل البلديات؟ وما هو دورها في خدمة الوطن؟
جاء في مقال للكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري: "إن المدخل لإعادة الاعتبار للقضية، ووحدتها مع الشعب والأرض، ومراعاة الظروف الخاصة لكل تجمع من دون المساس بما يجمع الفلسطينيين، يمكن أن يكون بالعمل على تشكيل جبهة إنقاذ وطني تضم كل الوطنيين الحريصين على صون المصالح والحقوق الوطنية والديمقراطية، بحيث تكون جبهة تتسع للمستقلين وعابرة للفصائل، على أن تضم كل مَن يؤمن بأن الوحدة على أساس الشراكة الوطنية والديمقراطية التوافقية طريق الانتصار".
ختاماً، لقد نجح أبناء الشعب الفلسطيني على المستوى الفردي وسجّلوا نجاحات وإنجازات نوعية، لكن الجهود باءت بالفشل على المستوى الجماعي، وعليه فقد آن الأوان لمن يجد في نفسه القدرة على خدمة الشعب أن يجمع حوله من يشاركه الهدف والرؤية بهدف إصلاح ما يمكن إصلاحه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.