هل يستمر تحالف مصر- إريتريا طويلاً؟.. بدأ يتبلور مع إرسال مبارك قوات عسكرية قبل 7 سنوات لتهديد سد إثيوبيا

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/15 الساعة 01:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/15 الساعة 01:51 بتوقيت غرينتش

مرتدياً بزته العسكرية، قال الرئيس السوداني، عمر البشير، الأسبوع الماضي، في ولاية سنار (جنوب شرق)، إن قوات بلاده مستعدة لصد ما وصفه بـ"عدوان المتربصين والمتآمرين والمتمردين".

قبلها بقليل في اليوم نفسه، أعلن مساعد البشير، إبراهيم محمود، أن السودان يتحسب لتهديدات أمنية من جارتيه مصر وإريتريا، بعد تحركات عسكرية للدولتين في منطقة "ساوا" الإريترية، المتاخمة لولاية كسلا السودانية (شرق).

وفق الصحفي المهتم بشؤون منطقة القرن الإفريقي، ماجد محمد على، فإن "المحور المصري- الإريتري موجود منذ زمن، ولم يتشكل الآن".

وتابع علي، في حديث للأناضول: "بدأ ذلك منذ عهد الرئيس المصري الأسبق، محمد حسني مبارك (1981-2011)، بعد أن شعرت القاهرة بعجزها عن إيقاف مشروع سد النهضة الإثيوبي، في مراحله الأولى (بعد اكتمال مرحلة مسح السد وتصميمه في 2010)".

وتتهم القاهرة الخرطوم بدعم موقف أديس أبابا في ملف سد "النهضة"، الذي تخشى أن يؤثر سلباً على حصتها السنوية، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، من نهر النيل، مصدر المياه الرئيسي لمصر، وهو ما ينفيه السودان بشكل قاطع.

بينما تقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، خاصة في مجال إنتاج الكهرباء (تحتاجها الخرطوم)، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان والخرطوم.

تقاطعات إقليمية ودولية


"بدرجة أقل، غير متوقع".. هكذا وصف الأستاذ بجامعات سودانية، دكتور حاج حمد محمد خير، ما يتردد عن حلف بين مصر وإريتريا ودولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان، عام 2011، عبر استفتاء شعبي.

ورأى خير، في حديث للأناضول، أن "هذه الدول لا تملك رؤية وأهدافاً استراتيجية طويلة المدى تسعى إلى تحقيقها على المستوى الإقليمي ومنظماته (جامعة الدول العربية، الاتحاد الإفريقي)، لذلك يصعب وصف علاقاتها الثنائية بأنها محور".

وأضاف أن "التقاطعات الإقليمية والدولية الباحثة عن مصالحها في المنطقة هي التي تحرك هذه الدول الإفريقية نحو الخلاف، في ظل غياب الوعي والدافع الوطني للنخب الحاكمة في كل من السودان ومصر وإثيوبيا وإريتريا".

تطورات متسارعة


وأعلن السودان، في مايو الماضي/أيار الماضي، أنه ضبط أسلحة مصرية مع متمردين في إقليم دارفور (غرب)، متهماً جارته مصر بدعم المتمردين، وهو ما نفته القاهرة مراراً.

ومع تسارع الأحداث، منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، تصاعد الحديث في وسائل الإعلام السودانية والإثيوبية عن مصر وإريتريا كحليفين مناهضين لكل من الخرطوم وأديس أبابا.

ولمثل هذا التحالف ما يبرره، بحسب وسائل إعلام، فمصر أخفقت في التفاهم مع إثيوبيا بشأن السد، ولديها خلاف مع السودان بشأن مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد الحدودي.

كما أن بين أسمرة وأديس أبابا عداء منذ استقلال إريتريا عن إثيوبيا، عام 1991، فضلاً عن الاتهامات المتبادلة بين إريتريا والسودان بدعم المتمردين في البلد الآخر.

واستقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، نظيره الإرتيري، أسياس أفورقي، الثلاثاء الماضي، فيما نشرت الخرطوم تعزيزات عسكرية على حدودها الشرقية مع إريتريا، وأغلقت المعابر الحدودية معها، السبت الماضي.

على الجانب الآخر، زار رئيس الأركان السوداني، عماد الدين مصطفى عدوي، أديس أبابا، الإثنين الماضي، حاملاً رسالة من البشير إلى رئيس وزراء إثيوبيا، هيلي ماريام ديسالين.

والتقى عدوي أيضاً مفوض السلم والأمن لدى الاتحاد الإفريقي، إسماعيل شرقي، في خطوة قال مراقبون إنها استهدفت إطلاع إثيوبيا والاتحاد الإفريقي على التطورات مع مصر وإريتريا.

وساهم التقارب المصري- الإريتري، لاسيما في ظل تعثر مفاوضات سد "النهضة"، في ازدياد مخاوف إثيوبيا من احتمال استهداف السد، الذي تعتبره مشروعها القومي.

بالمقابل، ومنذ فترة، تعززت العلاقات بين أديس أبابا والخرطوم، وأصبح التنسيق بينهما على مستوى عال، لا سيما مع بتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية، حتى أن السودان بات يعتبر أمن إثيوبيا "خطاً أحمر".

"ظاهرة وقتية"


حسب الكاتب والمحلل السياسي، أنور سليمان، في حديث للأناضول، فإن "ظهور المحورين المصري- الإريتري، والسوداني- الإثيوبي لا يعدو كونه أكثر من ظاهرة وقتية قد لا تمتد إلى فترة أطول من الزمن، ويعبر عن قوى إقليمية أخرى".

واستدرك بقوله: "إلا أن حتمية الخلاف بين هذه الدول حالياً، وعدم وجود أهداف استراتيجية واضحة في علاقاتها الثنائية، يدفع الكثيرين إلى التشكيك في هذين المحورين".

ورأى خير أنه "ليس هناك محور يمكن أن يتشكل بناء على الخلافات الأخيرة بين هذه الدول".

استفحال الخلافات حول قضايا بعينها ليس كافياً، لدى مراقبين، لصنع محورين (مصر وإريتريا مقابل إثيوبيا والسودان)، باعتبار أن هذه المنطقة تحظى بتركيز دولي عليها، باعتبارها تمس أمن البحر الأحمر، الذي يعد محركاً اقتصادياً ترتكز عليه حركة التجارة العالمية.

وقال خير إن "المنطقة بها تقاطعات بين محاور إقليمية ودولية".

وتساءل: "إذا لم يكن الأمر يتعلق بالتجارة العالمية والاقتصاد والسلاح وخلافه، فما الذي يدفع دولة مثل الإمارات إلى إنشاء قاعدة على البحر الأحمر؟".

أزمات داخلية


مقابل تشكيكه في إمكانية استمرار التحالف المصري الإرتيري، اعتبر خير أن "تحالف السودان وإثيوبيا هو تحالف قوي يمكن أن يمتد أكثر".

وتابع: "على طول الحدود المشتركة بين البلدين يوجد متمردون على الجانبين، وتحرص الحكومتان على العلاقة المشتركة لحماية حدودهما".

وشدد على أن "سد النهضة الإثيوبي ليس أساساً للتحالف بين الخرطوم وأديس أبابا، بل الأساس هو التعاون الأمني وتأمين الحدود".

ويجمع متابعون لشؤون الدول الإفريقية الأربع على أن القاسم المشترك بينها هو أنها تعاني من أزمات متباينة، سياساً واقتصادياً.

بدوره، قال سليمان إن "ما يجمع مصر وإريتريا، وفي المقابل السودان وإثيوبيا، في تحركاتهم الأخيرة نحو التصعيد هي الأزمة الداخلية التي تواجه كلاً من هذه الدول".

وختم بقوله: "لذلك تلجأ هذه الدول إلى العامل الخارجي ربما لصرف النظر عن الوضع الاقتصادي والسياسي الداخلي المتأزم".

تحميل المزيد