أردنا انتصار الثورة.. لكن عندما جعنا أكلناها

أردنا انتصار الثورة، لكن أقصى بعضنا بعضاً لمجرد فكرة ورأي، وأردنا التوافق وما علمنا أن التوافق في الثورات موت يُحيق بها.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/02 الساعة 04:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/02 الساعة 04:55 بتوقيت غرينتش

وصلنا حد اليأس.. ها هم أبناء الثورة يلعنونها فما بالكم بالصامتين الذين اتخذوا موقف المتفرج من المقتلة أو بمن وقف يشاهد ويستمتع ويقهقه: أنا على الحياد أو من رهن نفسه للجلاد فصار صوتاً يضرب أهله.

في هذا السقوط المدوّي ليس هناك أشد علينا عدواً من أنفسنا، فالفأر لا يقتله الفخ بل قطعة الجبن.

إننا اليوم محشورون في الزاوية في عنق المثلث ليس بيننا وبين السقوط سوى خطوة واحدة.

كان بإمكاننا أن نتفادى ما حدث، كما يمكننا اليوم أن نتفادى ما حدث وسيحدث.
نحن مخدوعون بأوهام كثيرة، أردنا انتصار الثورة، لكن عندما جعنا أكلناها، أردنا انتصار الثورة، لكن وأدناها ظناً منا أننا نُحييها، أردنا انتصار الثورة، لكن رهنا صوتنا وراياتنا وبنادقنا ومؤسساتنا وهيئاتنا ومساكننا لمن يتربص بنا ويتهيأ لقتلنا.

أردنا انتصار الثورة وفي لجة الظلمة التي مرت بها قتلنا حراسها، أردنا انتصار الثورة لكننا قدمناها على طبق من ذهب لجلاديها وقتلة أبنائها في جنيف وأستانة والرياض وسوتشي.

أردنا انتصار الثورة، لكن تركناها طفلة تحبو في أول سنة من عمرها ثم أخرجناها من المعادلة إلى صراعاتنا الصبيانية.

أردنا انتصار الثورة، لكن تركنا قيصر وكسرى يقضمها قطعة قطعة.

أردنا انتصار الثورة، لكن غذينا إمبراطوريات الفساد، وصمتنا طويلاً عنها حتى كادت تبتلعنا وتبتلع معنا ثورتنا.

أردنا انتصار الثورة وطالبنا بالحرية فهل نحن اليوم أحرار؟
أردنا انتصار الثورة، لكن دخلنا مرحلة التيه والضياع بين أروقة الفنادق وبيانات التنديد وعواصم التبعية، وجولة المفاوضات.

أردنا انتصار الثورة، لكن ما زلنا نحارب حرب تحريك لا حرب مبادئ.

أردنا انتصار الثورة، لكن أقصى بعضنا بعضاً لمجرد فكرة ورأي، وأردنا التوافق وما علمنا أن التوافق في الثورات موت يُحيق بها.

أردنا انتصار الثورة، وعندما حاق بنا مكر أعدائها ركبنا البحر ميمّمين شطر جنات مزعومة.

ما زلنا مخدوعين بشعارات زائفة وديمقراطية كاذبة ووطنية جوفاء، ونرقص على أشلاء الشهداء وأنين المعتقلين وأحلام النازحين ودموع الأيتام والثكالى.

أمام الثورة اليوم تحديات مفصلية؛ لأن أعداءها يدعون أنها في الربع ساعة الأخير، وما علموا أن هذا الربع ساعة ربما يكون الأخير بالنسبة لهم؛ لأن الثورات لا تموت، بل تمر بمرحلة ضعف تتبعها قوة، ولأن لكل طاغية نهاية، ولأن العالم سيرضخ في النهاية للإرادة الشعبية مهما طال الزمن.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد