القدس الشريف بين خذلان الحكام وضعف الشعوب الإسلامية!‎

وفي اﻵونة اﻷخيرة بعد اندلاع الربيع العربي لإزاحة رموز الظلم، والديكتاتوريين تحولت ثوراته إلى جحيم لا يطاق، بسبب الثورات المضادة بتمويل خليجي، ودعم غربي فخلّفت وراءها الاقتتال الداخلي، والقتل، والذبح، والتشرذم، والنزوح، وآلت اﻷمور إلى حروب أهلكت الحرث والنسل، ونزفت فيها دماء الشعوب التي نادت بالحرية والعدالة الاجتماعية لا أكثر، ولا أقل من ذلك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/19 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/19 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش

تمر منطقة الشرق الأوسط الشهيرة بالصراعات بمرحلة جديدة محفوفة بالمخاطر بعد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمةً للدولة الإسرائيلية، في ظل أزمات خانقة تعاني منها الأمة الإسلامية عامة، وعلى وجه الخصوص الشعوب العربية، فمنذ احتلال فلسطين عام 1948 لم تهتدأ تلك المنطقة بل كانت ساحة لنزاعات مفتوحة، وحروب ذات أشكال متنوعة، ولم تكن تخلو من علامات واضحة تكشف، أو تدلّ على كونها حروباً مخططة، أو بالوكالة، ولا يمكن لأحد أن يشك في هدفها الحقيقي الذي هو محاولة للنَّيل من إرادة الشعوب القاطنة هناك؛ حيث اغتصبت واحدةً من أبرز بلدانها بما فيها المقدسات الروحية، خاصة المسجد الأقصى المبارك، مسرى رسولها ونبيها محمد صلى الله عليه وسلم، المذكور في كتاب رباني يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار في قوله تعالى:
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى).

وفي اﻵونة اﻷخيرة بعد اندلاع الربيع العربي لإزاحة رموز الظلم، والديكتاتوريين تحولت ثوراته إلى جحيم لا يطاق، بسبب الثورات المضادة بتمويل خليجي، ودعم غربي فخلّفت وراءها الاقتتال الداخلي، والقتل، والذبح، والتشرذم، والنزوح، وآلت اﻷمور إلى حروب أهلكت الحرث والنسل، ونزفت فيها دماء الشعوب التي نادت بالحرية والعدالة الاجتماعية لا أكثر، ولا أقل من ذلك.

حينها توسّع المد الفارسي الذي كان وراءه خطة استراتيجية مبنية على العقل والذكاء؛ حيث احتضنت الدولة الإيرانية بجميع الطوائف الشيعية، وحتى بعض التيارات السنية؛ لكي تتحكم في مقاليد العالم الإسلامي، وتفرض أجنداتها بعكس سذاجة السعودية، وحلفائها الذين يتآمرون على أقرب الناس إليهم كجارتهم قطر الصغرى، فضلاً عن احتضان الحركات السّنّية لمقاومة المشروع الإيراني الذي زرع في نفوسهم الهواجس.

لن ننتظر اليوم من أي حاكم عربي إعلان حرب ضد إسرائيل، ولكن لو هددوا في اجتماع واحد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أميركا ربما لتراجع ترامب عن قراره بشأن القدس لأجل حماية مصالحه في الشرق الأوسط بدلاً من الاستنكارات العرجاء، والخطابات الجوفاء، إلا أن مثل هذه الخطوات ليست على مقدرتهم، ومهما يكن الأمر فالقدس الشريف مسؤولية الجميع، وعلى الشعوب الإسلامية أن تعرف أنها لا تختلف حالاً عن الشعب الفلسطيني الصامد الذي يقبع تحت الاحتلال الصهيوني، وما عليها إلا أن تتحرر لكي تدافع عن مقدساتها، وسيادتها، كما يجب على الشعب الفلسطيني بالذات في هذه المرحلة إنهاء الانقسام، وتقوية الجبهة الداخلية، والانتفاض على وجه الاحتلال الإسرائيلي، والقرار الأميركي بشأن القدس الشريف.

يؤسفني جداً أن أرى تصريحات لبعض الجهات الإسلامية في العالم الإسلامي تكاد تكون تلك الخطابات التي تصدر منهم كالخطابات الدبلوماسية فقط أنها لم تصدر من وزارة خارجية، ولكن من ناحية المضمون والمحتوى لا تختلف عن تلك التي تخرج على ألسنة الجهات الدبلوماسية، كما أن خطباء الحرمين الشريفين في خطبة الجمعة الماضية قد سلكوا طريقاً آخر في وصف تقلبات الكون الطبيعية، وعلاقة الوالدين مع أولادهم؛ حيث أصبحت قضية أولى القِبلتين، والقدس الشريف في الهامش.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد