3 رسائل من شفيق لأنصاره.. وحرق أوراق النظام لاتهامات ممكنة

امتلأ الحوار الذي صدر عنه بالرسائل الخفية الموجهة لأنصاره، إضافة إلى كلمات صدرت عنه وعن محاميته اتسمت بالذكاء الشديد؛ لأنها أسقطت وأحرقت كثيراً مما يمكن أن يسوقه نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى الرجل من اتهامات كيدية

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/17 الساعة 02:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/17 الساعة 02:59 بتوقيت غرينتش

حاول الفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء مصر الأسبق والمرشح الرئاسي المحتمل في انتخابات الرئاسة المصرية القادمة، في لقائه مع الإعلامي وائل الإبراشي على إحدى الفضائيات المصرية، والذي تم عبر الهاتف، أن يُظهر انتقاله من أبوظبي إلى القاهرة على أنه كان استقبالاً تحوطه مظاهر الاحتفاء وليس اختطافاً كما أُشيع نتيجة عدم اتصاله ببناته في الإمارات أو أقاربه بمصر أو محاميته فور عودته الإجبارية إلى القاهرة، عكس ما كان يخطط له من السفر إلى باريس.

لكن، لم يكن هذا أكثر من قمة جبل الجليد، وامتلأ الحوار الذي صدر عنه بالرسائل الخفية الموجهة لأنصاره، إضافة إلى كلمات صدرت عنه وعن محاميته اتسمت بالذكاء الشديد؛ لأنها أسقطت وأحرقت كثيراً مما يمكن أن يسوقه نظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى الرجل من اتهامات كيدية، كان كثير منها قد أُشيع عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعبر القنوات الفضائية المصرية فور إعلان شفيق نيته الترشح في سباق الرئاسة المصري.

كانت أولى رسائل شفيق الخفية في حواره، إفصاحه عن مكان إقامته، بشكل بدا كأنه في سياق الحديث عن حفاوة الاستقبال الذي قُوبل به، فذكر أنه يقيم بفندق غاية في الفخامة بجوار بيته في القاهرة الجديدة تماماً؛ وبذا فقد كشف لأنصاره ولوسائل الإعلام العربية والعالمية كافة عن مكان احتجازه الفاخر، والمؤكد الآن أن لكل الشبكات العالمية أعيناً في الفندق وحوله ستجعل أي محاولة لنقل الرجل إلى مكان آخر تشوبها صعوبات كثيرة.

الرسالة الثانية التي حرص شفيق على إيصالها بلباقة، كانت خاصة بوضع بناته، وأنهن في ضيافة إجبارية فاخرة لدى السلطات الإماراتية، وكان لافتاً إشارته إلى زيارة بعض المسؤولين الإماراتيين لهن بعد سفره، وأنهم حرصوا على إضافة خدمات لهن لتسهيل إقامتهن، رغم أنهن لم يطلبن شيئاً، والموقف كله إشارة إلى عدم رغبتهن في البقاء بالإمارات، وأنه يتم منعهن من اللحاق بوالدهن بعد أن مُنعن في البداية من مرافقته، وفقاً لتصريح سابق لابنته الصغرى.

الرسالة الثالثة والأهم التي أطلقها شفيق في حواره، والتي لم يفهمها عنه سوى أنصاره المقربين، كانت بشأن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية 2018. فاجأ شفيق المصريين بقوله إنه بعد عودته إلى مصر، عليه أن يزيد الأمر تدقيقاً بشأن موضوع الترشح.
اعتبر كثيرون ذلك تراجعاً منه، لكن بمراجعة عباراته نجد أنه يصرح بأن قراره ينبغي أن يصدر عنه بعد خروجه إلى الناس؛ بل ونزوله إلى الشارع، وأن بقاءه في حجرة سيجعل موقفه محل نقد ويزيد من الشائعات بأنه مختطَف. وكان من اللافت قوله للإبراشي: "أستشعر مع ما يدور من مجهود ومع ما نراه من نتائج، الاختيار المنطقي الذي تتوقعه". وهذا ليس تصريحاً بالتراجع عن الترشح؛ بل مناورة سياسية واضحة يطلب فيها إطلاق سراحه أولاً ثم يقرر. أما ذاك الاختيار المنطقي الذي يتوقعه الإبراشي، الذي خاطبه شفيق بـ"صديقي العزيز" في أثناء الحوار، فيبدو إشارة إلى حوار ودي سابق دار بين الرجلين عن مسألة الترشح.

المسألة الآن محاولة من الجنرال العجوز لإضاعة الوقت حتى أواخر ديسمبر/كانون الأول، حيث من المنتظر بدء عمل لجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية، ثم قبول طلبات الترشح، وكلما مضى الوقت سقطت أوراق من يد نظام السيسي، كان من الممكن استخدامها فور عودة شفيق إلى مصر، ولا يصبح استخدامها ممكناً بعد ذلك.

كان إعلان شفيق خلال الحوار، ومحاميته فور لقائها إياه قبل الحوار، أنه لم يخضع لأي تحقيقات في الإمارات أو القاهرة، وعدم ورود تكذيب لهما- إعلاناً رسمياً، لا يمكن أن يحدث تراجع عنه من قِبل السلطات في كلا البلدين، بأن شفيق ليس متهماً بأي تهمة إلى الآن؛ ومن ثم فالرجل إن لم يتراجع عن فكرة الترشح -ويبدو أنه لا يوجد ما يجبره على أن يفعل- فلا بد من تهم ودعاوى قضائية جديدة، وقد بدأت البلاغات حولها بالفعل.

كما أن كشف مظاهر الحفاوة التي عُومل بها الفريق المتقاعد في أثناء ترحيله وبعد وصوله للقاهرة، وتلك التي تبديها الإمارات لبناته بعد سفره- قد أحرقت اتهاماً له بالعمالة مع قطر ومع تنظيم الإخوان ضد النظامين الإماراتي والمصري، ولم يعد ممكناً توجيهه له. كان قد تم التلويح بهذا الاتهام ضد الرجل من قِبل إعلاميين مصريين بعد إعلان شفيق ترشحه وقبل وصوله إلى مصر. وهو أهم اتهام كان يمكن استغلاله لمنعه من الترشح، لكن انتماء شفيق إلى المؤسسة العسكرية حال دون استخدامه. وائل الإبراشي من جانبه، ساند الفريق شفيق طوال الحوار، وكان يؤكد أن شفيق ضد الإخوان؛ بل وجزء من منظومة إسقاطهم.

حالياً، نحن ننتظر ما يمكن أن تسفر عنه الأيام، لكن من الواضح أنه لا يوجد لدى النظام المصري ما يمكن الضغط به على الرجل لإجباره على سحب ترشحه. والنظام لن يستطيع احتجاز رجل عسكري وسياسي على هذه الدرجة دون سند قانوني أو اتهام مباشر من النيابة العامة إلى أجَل بعيد، خاصةً أن نوعية البلاغات التي تم فتحها إلى الآن بعد عودة شفيق من السفر، لا يسمح أي منها باحتجازه.

ويرى مراقبون أن عودة الفريق شفيق إلى مصر أفضل بالنسبة له، وإن لم يتمنَّها في الوقت الحالي.
وحتى بعد هذا الحوار، ما زال هناك من يراهن على شفيق، وعلى دور للمجلس العسكري، وعلى كل من يملك سلطة إجرائية في الانتخابات المصرية، ويشعر بأنه قد حان أوان التغيير.

هذه التدوينة منشورة على مدونات العربي الجديد

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد