التغيير.. بين الممارسة والتنظير

ونائب ثالث له 5 سنوات وهو رئيس مجموعة أو كتلة برلمانية، وللمدة نفسها وهو يحتكر رئاسة المجموعة ويحتكر مزاياه، بينما كان عليه التداول بينه وبين إخوانه، هو نفسه من يظهر في القنوات الفضائية والندوات والملتقيات والصحف وكأن حزبه لا يحتوي على غيره، فهو كل شيء والمسؤول على اللاشيء! كيف للمواطنين أن يثقوا بمثل هؤلاء؟ وكيف يمكنهم التفريق بينهم وبين النظام؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/14 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/14 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش

كلمة "التغيير" تعني الانتقال من حال إلى حال مغاير، ومن المفروض أنه من حال سيئ إلى حال أقل سوءاً، ومن حَسَنٍ إلى أحسن منه، وهكذا. أما أن يكون المُنتقَل إليه بحال المُنتقَل منه، فهذا كالذي بات يفرك لحيته وفي الصباح فسر الماء بالماء!

فحالتنا قريبة جداً من المَثل السابق ذكره، فغالبية المعارضة في وطني والوطن العربي عموماً، لا تختلف في ممارساتها عن النظام، وهذا ما يفسر كثرة التصحيحيات والانقلابات داخل بعض أحزاب المعارضة، دون إهمال عامل مشاركة النظام في هذه التصحيحيات وتأكيد طرف على طرف آخر… إلخ.

وهناك في قيادات الأحزاب من يفضل أن يكون رئيساً على اللاشيء، ويرفض أن يكون نائب رئيس على كل شيء! إنها الأنانية والفرعونية التي تملك صاحبها وعقلية "أنا وحدي نضوي لبلاد"، فتجد رئيس حزب، منذ تشكيله وهو رئيس لسنوات أو عقود، وإن حدث وانقلب عليه رفاق دربه تركهم وأنشأ حزباً آخر، المهم أن يكون رئيساً!

وتجد الأمين العام لحزب ما، لا نعرف له بديلاً ثابتاً، مثل مسمار جُحَا، وزعيماً تاريخياً لحزب ما، لم يتغير إلا بعدما انتقل إلى رحمة الله.

كما تجد نائباً في البرلمان له 3 أو 4 عهدات، يعني منذ 20 أو 15 عاماً، ويقول: "هل من مزيد؟"، ويقول له النظام: "ولدينا المزيد، أنت لا تقلقنا فأنت هو المطلوب"! وتجد نائباً آخر قيل له: لماذا لا تحقق التداول مع إخوانك؟ فيردّ بكل ثقة: "لا يوجد من يقوم مقامي".. بربكم، فيم يختلف هذا عن النظام؟!

ونائب ثالث له 5 سنوات وهو رئيس مجموعة أو كتلة برلمانية، وللمدة نفسها وهو يحتكر رئاسة المجموعة ويحتكر مزاياه، بينما كان عليه التداول بينه وبين إخوانه، هو نفسه من يظهر في القنوات الفضائية والندوات والملتقيات والصحف وكأن حزبه لا يحتوي على غيره، فهو كل شيء والمسؤول على اللاشيء! كيف للمواطنين أن يثقوا بمثل هؤلاء؟ وكيف يمكنهم التفريق بينهم وبين النظام؟

فالممارسات هي نفسها، وعار عليكم مطالبة النظام بالتداول بينما أنتم تسمّرتم والتصقتم بمناصبكم وكراسيكم! عذراً، أنتم صورة مصغرة عن هذا النظام، أو لنقل إنكم النسخة النظامية في المعارضة، فأنتم لا تصلحون لأن تكونوا معارضة، جدير بكم التهيكُل في النظام؛ فهو يليق بكم.. أم أن المعارضة هي الدور الذي أُريد لكم؟! مجرد تساؤل فقط، وأنا لا أخوِّن أحداً.

المشارَكة في الانتخابات أنا ضدها بصيغتها الحالية، وأختلف في ذلك مع الأحزاب المشارِكة، ومع ذلك هذا لا يثنينا عن مطالبة هذه الأحزاب ونوابها في البرلمانات السابقة بألا يترشحوا على رؤوس القوائم في قادم المشاركات، هذا طبعاً إذا كانوا يؤمنون بالتداول على السلطة والمناصب ومقام المسؤولية، وكذلك فتح الباب أمام الطاقات الشبابية لكي تشق طريقها وحقها في الوجود على رؤوس القوائم والوجود في البلاتوهات والمشاركات الإعلامية، هذه الأخيرة التي كانت تُقتصر على النواب أنفسهم وبالوجوه نفسها؛ تكريساً لممارسات النظام.

نحن لا نحمل غِلاً لأيّ أحد أو أيّ حزب؛ بل نحمل الخير للكل، وطبعاً بعض المعارضة فيها الخير الكثير، لكن الأغلبية زاغت عن المبتغى، ونحن نريد وضع الأمور في سياقها الطبيعي، ونريد أن تكون لنا معارضة قوية يُحسب لها ألف حساب، وإذا تعذر عليكم أن تكونوا كذلك فنحن مجبَرون على المطالبة بتغيير المعارضة قبل المطالبة بتغيير النظام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد