سؤال خطر لي وأنا أتسكع قليلاً، لا أعلم لما فكرت في هذا السؤال، ربما لأنني أسمع طوال الوقت أن أكبر أزمات مصر تكمن في الكثافة السكانية، وربما كان هذا سؤالاً عابراً ليس أكثر، وأياً كان السبب، أرجو منك عزيزي القارئ أن تُجيب قبل أن تكمل قراءة المقال.
أثق أن الكثير رأى أن الحال سيصبح أفضل كثيراً إن فقدنا ستين بالمائة من الكثافة السكانية الحالية، وربما كانت الأغلبية الساحقة تتفق مع ذلك أيضاً، ولكن حتى نجيب على هذا السؤال بموضوعية علينا أن نعود بالزمن للوراء قليلاً، ربما عدة عقود تكون قادرة على إيضاح ما عجزنا عن فهمه في عصرنا الحالي، وربما إن عدنا لتعداد عام 1966 نرى الصورة جلية أكثر، والذي لم يتخطّ 30 مليون نسمة.
وبالطبع نحن جميعاً نعلم أن الأمر لم يكن أفضل كثيراً فيما مضى، ربما كان أفضل بعض الشيء لعدة أمور أخرى، ولكن إن عدنا بالزمن للخلف سنجد أن مصر كانت تعاني من المشكلات نفسها، وكانت الشكاوى مستمرة من الزيادة السكانية، ولا أعلم منذ متى بدأت الشكاوى من الزيادة السكانية، ربما منذ أن كان تعداد مصر لا يتخطى عشرين مليون نسمة.
من هنا أستطيع أن أقول لكم وبكل ثقة: إن مصر لن تتغير أوضاعها للأفضل حتى وإن فقدنا نصف الكثافة السكانية ولا حتى إن فقدنا أغلبها، مصر لن تتحسن أوضاعها سوى بعد أن نعترف أن الكثافة السكانية يمكن أن تكون طاقة هائلة تدفع بالمجتمع والدولة إلى الأمَامِ، لا يمكن أن أشكو من الكثافة السكانية، وأنا أعيش على 7%فقط من إجمالي مساحة الدولة، علينا أن نفكر قليلاً كيف لنا أن نستغل طاقة بشرية هائلة تعدادها يتخطى المائة مليون بقليل، عندها سوف نعلم أن العبء لا يكمن في عدد سكان مصر.
العبء الحقيقي يكمن في أننا لا نفكر ونُصر على عدم وجود خطط واضحة للمستقبل، العبء الحقيقي في عقول لم تتلقّ تعليماً جيداً حتى تحولت لطاقة هدم، لنتخيل قليلاً إن وجد تعليم حقيقي، إن وجدت نهضة صناعية، إن استصلحت آلاف الأفدنة، إن سعينا نحو اكتفاء ذاتي بخطط اقتصادية مدروسة جيداً، العبء الحقيقي يا سادة أننا نرى التغيير للأفضل جريمة، والتفكير خروج عن الآداب العامة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.