أعلنت النيابة العامة المصرية اليوم السبت 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 إن عدد ضحايا هجوم وقع على مسجد في محافظة شمال سيناء أمس الجمعة ارتفع إلى 305 قتلى و128 مصاباً.
وقالت النيابة العامة إن عدد منفذي الهجوم يتراوح بين 25 و 30 يرفعون علم داعش، اتخذوا مواقع لهم أمام باب المسجد ونوافذه البالغ عددها 12 وهم يحملون الأسلحة الآلية وأخذوا في إطلاق الأعيرة النارية على المصلين".
المذبحة والجرأة التي تمت بها العملية مروعتان كما وصفتهما الكاتبة الصحفية المصرية منى الطحاوي في مقال نشرته بصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
اعتبرت الطحاوي التي تعمل ناشطة في حقوق المرأة وعملت مراسلة لصحيفة رويترز الهجومَ أسوأ ما قام به مسلحون ضد مدنيين في مصر، إلى جانب كونه تذكيراً دموياً بالفشل المأساوي لحكوماتٍ متعاقبة في قمع التمرد العنيد، بالرغم من المحاولات القمعية الوحشية لتحقيق ذلك.
فشل في توفير الأمن
وتؤكد الطحاوي أن السيسي – الذي كان لواءً سابقاً في الجيش وتولَّى رئاسة المخابرات الحربية ووزارة الدفاع – أقام حُكمه على أساس توفير الأمن الذي لم ينجح في تحقيقه حتى الآن.
وأرجعت الكاتبة الفشل في التعامل مع ملف الأمن في سيناء إلى نظرة السلطات المصرية لأهالي سيناء بازدراء مخلوط بالريبة والعداء.
الطحاوي أشارت في مقالها إلى استمرار السيسي على نهج مبارك الذي اعتقل نحو 3000 شخصٍ بعد تفجيرٍ انتحاري وقع في جنوب سيناء عام 2004، وعذَّب الكثيرين منهم، واحتجز نساءً وأطفالاً من أقرباء المشتبه بهم كرهائن.
وتتابع الطحاوي في مقالها مشيرة إلى أنه طالما تكرر هذا النمط من الاعتقال والتعذيب والسجن بعد وقوع هجماتٍ في سيناء في ظل تعتيم إعلامي تعيشه المحافظة منذ سنوات، وتخضع لحالة الطوارئ منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2014.
وتستشهد كاتبة المقال بتقرير لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط والذي أشار إلى أنَّ عدد أفراد قوات الأمن الذين قُتِلوا في هجماتٍ مختلفة في أنحاء شبه جزيرة سيناء منذ شهر يوليو/تموز 2013 وصل إلى ما لا يقل عن 1000 شخص، من بينهم أكثر من 200 شخصٍ قُتلوا العام الجاري، 2017، وأنَّ عدد الهجمات التي جرى الإبلاغ عنها في أنحاء شمال سيناء في الربع الأول من العام الجاري قد وصل إلى 130 هجوماً.
مأساة الصعيد تتكرر
وترى كاتبة المقال ان ما يحدث في سيناء الآن من سوء إدارة وفشل في التعاطي مع ملف الأمن سبق وحدث في صعيد مصر، إذ تشير إلى أن سياسات الحكومة في عهد مبارك لم تنجح في احتواء المُسلَّحين القُساة أو إصلاح أحوالهم، الذين نفذوا بعض العمليات الإرهابية، بل لجأت إلى الاعتقالات الجماعية، وإصدار أوامر إطلاق النار بهدف القتل، والتعذيب، وانتهاج "سياسة الأرض المحروقة" في شكل حرق حقول قصب السكر التي كان المسلحون يختبئون فيها. ودمَّرت تلك الإجراءات سبل معيشة المزارعين الذين أصبحوا في ما بعد فريسةً للتجنيد من جانب هذه الجماعات نفسها التي كانت الحكومة تحاول القضاء عليها.
وتقول الطحاوي إن بعض المحللين طالبوا الحكومة بعد ذلك بمحاولة اللجوء إلى الجزرة أكثر من العصا في "حربها على الإرهاب"، وذلك بتطوير المناطق المُهمَلة في صعيد مصر التي أصبحت بؤراً وأهدافاً لعمليات التجنيد من جانب تلك الجماعات.
الطحاوي تؤكد في مقالها على أن الوضع اليوم شبيهٌ بذلك. فلطالما طالب أولئك الجادون بشأن تحقيق أمن مصر بتنمية محافظة شمال سيناء المُهمَلة والمُهمَّشة. ومع ذلك، توقَّفت خطة التنمية الموعودة لعقودٍ من الزمان، تاركةً سكان المنطقة يشتعلون غضباً واستياءً.
وشددت الطحاوي على أن الحكومة المصرية تحتاج إلى مساعدة القبائل البدوية في سيناء التي تعرف التضاريس أكثر مما تعرفها قوات الأمن، والتي يُعَد نفوذها مهماً للتصدي لأيديولوجية تنظيم داعش.