استذكاراً للأبطال الذين وقفوا بوجه نظام الخميني وقالوا "لا"
قدم الأمين العام للأمم المتحدة "أنتونيو غوتيريس "يوم 2 سبتمبر/ أيلول 2017 تقرير المقررة الخاصة السيدة "عاصمة جهانغير"، حول وضعية حقوق الإنسان في إيران، مع مذكرة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
حيث ولأول مرة تم اختصاص مواد لموضوع ارتكاب مجزرة ضد السجناء السياسيين عام 1988؛ حيث راح ضحيتها أكثر من 30 ألفاً من السجناء السياسيين نساء ورجالاً من الشباب، وبفتوى الخميني، وتم دفنهم في مقابر جماعية مجهولة؛ حيث تعد أكبر جريمة ممنهجة ضد الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية، لكن وبسبب اعتماد الغرب سياسة الاسترضاء تجاه النظام الإيراني، لم يتم أي تحقيق أو عملية لتقصي الحقائق بصورة مستقلة حول هذه الجريمة.
ولذلك نستطيع القول إن التطرق إلى هذا الملف الذي كان لحد الآن غير مفتوح نتيجة اعتماد هذه السياسة، ضربة قاسية لنظام الملالي.
وأصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم 24 مارس/آذار الماضي ورغم محاولات نظام الملالي منع ذلك، قراراً بأغلبية الأصوات حول وضعية حقوق الإنسان في إيران، الرازحة تحت حكم الملالي، أعلن فيه عن قلقه البالغ إزاء الموضوع، ومدد فترة واجب السيدة عاصمة جهانغير، وطالب النظام الإيراني بالتعاون معها بصورة كاملة، غير أن نظام الملالي أطلق ادعاءات مفبركة ضدها؛ ليبعدها عن واجبها الإنساني وتعهداتها حول انتهاك حقوق الإنسان وبصلافة غريبة؛ حيث دفعت هذه السيدة الشجاعة قائلة: "إن هذه الاتهامات عليّ وللأسف تؤيد تقييمي لوجود مناخ الرعب والتخوف مثل ما استخدموا عليّ تجاه تقريري حول إيران، تجاه من يبدي رأيه المعارض للحكومة لإخماد صوته، وهذا هو الذي ذكرته في تقريري الأول إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".
وأكدت السيدة جهانغير: "إن الموجة التي فبركها النظام الإيراني ضدي لا تخوفني، ولن أتخذ حالة دفاعية بوجهه، ولا يؤثر على استقلالي في الرأي في رفع تقريري حول انتهاك حقوق الإنسان والحريات نهائياً".
وتزامناً مع هذه المنازلة في الأمم المتحدة، حصلت حركة المقاضاة من أجل ضحايا مجزرة عام 1988 التي تم إعلان انطلاقها من قبل السيدة مريم رجوي في صيف عام 2016 في باريس، في اجتماع المعارضة الإيرانية، ونتيجة أحقية ونشاطات قوات المقاومة في داخل إيران وخارجها حققت نجاحات وتقدماً؛ حيث نستطيع أن نشاهدها في تقرير السيدة عاصمة جهانغير، كما شاهدنا تأثيرها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة للنظام الإيراني في يونيو/حزيران الماضي؛ حيث أدى إلى فشل علي خامنئي في مشروعه لهندسة الانتخابات، ومنع سحب مرشحه إبراهيم رئيسي الذي كان من أعضاء فرق الموت في هذه المجزرة النكراء في عام 1988 من صناديق الاقتراع أيضاً.
وحالياً وبعد مضي حوالي 30 عاماً، تنعكس صرخات ضحايا هذه المجزرة من قبل المقاومة الإيرانية في العالم.
في هذا السياق تعتبر كلمة السيدة عاصمة جهانغير في اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لافتة جداً؛ حيث تدعو السيدة جهانغير إلى إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة حول هذه الجريمة النكراء قائلة:
"أود ولغرض المضي قدماً أن أقترح لننظر إلى الوراء؛ حيث نرى هناك عدداً لافتاً من لوائح وشكاوى والاتصالات والوثائق حول تقارير لإعدامات آلاف من السجناء السياسيين من الرجال والنساء واليافعين في عام 1988؛ حيث يدل على ألم عميق يجب التطرق إليه لا محالة، والتي اعترف بهذه المجزرة أزلام النظام الإيراني أيضاً".
إن هذا النظام أدين 63 مرة من قبل الجهات المختلفة في الأمم المتحدة بسبب انتهاكه لحقوق الإنسان، وارتكابه الجرائم ضد الشعب الإيراني، كما كان في تقارير المقررين الخاصين للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان أحمد شهيد وعاصمة جهانغير.
طبعاً النظام الإيراني يستوعب تماماً أن هذه التقارير نتيجة نشاطات مجاهدي خلق؛ لأنه يعرف جيداً السبب الرئيسي لإطاحة النظام ليس إلا الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.
نظراً للجرائم المرتكبة البشعة حول حقوق الإنسان في إيران والأبعاد الواسعة والعميقة لها حيث لو فتح ملفها، هناك سيجعل كيان وبقاء الدكتاتورية الدينية لهذا النظام في نقطة الحسم، فعليه نستطيع القول إن هناك ضرورة ملحة لمبادرة إنسانية من جانب ممثلي جميع البلدان بإصدار بيان في الأمم المتحدة يندد بانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ويؤكد ضرورة تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق حول هذه المجزرة، وإحالة ملفها إلى مجلس الأمن لتقديم متورطي ومسؤولي هذه الجريمة وهلاك الحرث والنسل أمام العدالة، وإلا سيواصل هذا النظام المجرم جرائمه في داخل إيران وخارجها لا محالة.
لا شك أن جميع أزلام وسلطات هذا النظام وجميع أجنحة ومؤسسات نظام الملالي من خامنئي إلى رئيس الجمهورية، والسلطة القضائية حتى السلطة التشريعية، متورطون في هذه الجرائم؛ حيث لا يمضي يوم إلا ويأخذ ضحايا من الشعب الإيراني المظلوم وجميع شعوب المنطقة بالذات.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.